أصبحت على وشك أن أكره السياسه ، وأعتزل الساسه ، وأعطى ظهرى للممارسة الحزبيه والأحزاب التى قضيت فى كنفها أكثر من أربعين عاما ، ومازلت ، لأنهم جميعا فى معزل عن المواطن أصل هذا الوطن والذى من المفترض أن جميع هؤلاء البهوات ومعهم الحكومه يعملون لخدمته ، وبات كل من ينتمون لكل تلك المنظومات لايشعرون بهموم الناس ، وأصبح يحكمهم الشعارات ، تجلى هذا الإحساس وأنا أرى الجميع ومعهم البرلمان بشقيه النواب والشيوخ ، ولجنة الصحة بمجلس النواب ، وقد تعايشوا مع الصمت عما يعانيه المرضى من عبث بسوق الدواء ، هذا الصمت جعل الحكومه لاتنتبه إلى خطورة ذلك ، رغم أن هذا الدواء ضرورة حتمية للمرضى وعدم الحصول عليه يعنى أن صحة المواطن فى خطر عظيم ، المواطن قد يتحمل الجوع والعطش ، لكنه لا يتحمل الإستغناء عن الدواء ، لذا كان له هيئه مستقله ، وشركات عملاقه ، وإستثمارات ضخمه سمحت بها الدوله فى هذا المجال ، وهذا نهج لاشك ينطلق من إحساس بالمسئوليه ، لكنه منعدم تماما على أرض الواقع هكذا رصدت .
منذ فتره ليست بالبعيده لحق الهزل بسوق الدواء لينافس هزل أسعار السلع الإستهلاكيه ، وتنامى الهزل عندما نجد تلك الزياده الرهيبه فى أسعار الدواء ، والتى تتم بشكل يومى ، وبصوره رسميه ، ووفق إجراءات قانونيه ، وبنسب وصلت إلى 150% ، حتى أصبح الشغل الشاغل يوميا للصيدليات تعديل أسعارها بالزياده المقرره على علب الدواء ، لترتكب جريمة إرتفاع الأسعار هذه المره أجهزه مسئوله ، وبات معاش تكافل وكرامه البالغ قيمته ٤٠٠ جنيه الذى يصرف كإعانه للمعدمين من الناس الغير قادرين على الكسب لايكفى بالكاد لشراء علبة دواء .
اليوم أرصد زيادة رهيبه في أسعار الأدويه ، وقبل عام كشفت النقاب عما رصدته الزميله داليا عطية ببوابة الأهرام في تحقيق صحفى متكامل هذا الواقع المؤلم بإبداع وشفافيه ومصداقيه ذكرنى بما كنا نفجره في الثمانينات من قضايا في ثنايا التحقيقات بجريدة الوفد ، عندما كانت الصحافه السلطه الرابعه ، حيث كشفت النقاب عن أن دواء الغدة الدرقية بات في قبضة السوق السوداء بمبلغ 600 جنيه للعبوة ولاأعرف كيف وصل سعره الآن . وأنه لا تزال أزمة إختفاء دواء الغدة الدرقية قائمة ، بل سقطت في قبضة السوق السوداء للدواء ، ولا يزال أنين المرضى غير مسموع في وزارة الصحة ، فالدواء غير متوافر منذ فترة اللهم إلا فى صيدلية أو صيدليتين في محافظات متناثرة ، وقُرى نائية ، قد تتوفر فيها عبوة أو عبوتان من الدواء لا تكفي لسد حاجة آلاف المصريين من مرضى الغدة الدرقية ! .
يحدث ذلك والبرلمان في غيبوبه كما أوضحت الزميله حينما نشرت التصريحات الصادمه لوزير الصحه السابق النائب اشرف حاتم رئيس لجنة الصحه بمجلس النواب حين أكدت فيما هو منشور على أنها تواصلت مع لجنة الصحة بمجلس النواب ، فقال لها الدكتور أشرف حاتم رئيس اللجنة بكل أريحيه ، أن مجلس النواب للأسف لا يمكنه التحرك رسميًا بشأن نقص هذا الدواء بسبب الإجازة البرلمانية ، وأنه للأسف أيضا ليس لدينا كلجنة صحة بمجلس النواب أدوات رقابية حول هذه الأزمة ، ولكن على المرضى الذين يعانون نقص دواء الغدة الدرقية ضرورة تسجيل شكوى في مجلس الوزراء ، وأيضًا في هيئة الدواء المصرية . وأن هيئة الدواء المصرية ، يتوجب عليها توفير البدائل لهذا الدواء ، وتوعية المرضى بهذه البدائل . ولاتعليق أو تعقيب .
مايحدث للمرضى بسبب العبث فى سوق الدواء يجب أن يكون بمثابة زلزال يهز كيان ماتبقى لدينا من إنسانيه ، ويحرك ثباتنا ، ويدفعنا دفعا إلى الإستنفار لإنقاذ حياة أهالينا البسطاء من المرضى .. ياساده ياكرام ، ياأسيادنا من المسئولين عن هذا المجال ، ماأقول به هو الحقيقه المؤلمه ، والتى يتغافل عنها الجميع فى القلب منهم مجلس النواب ، الذى من المفروض أنه يعبر عن نبض الشعب ، لذا يتعين عليهم أن يدركوا أن المواطن المصرى هو أصل هذا الوطن ، وجميعا خداما له ، وليس هناك أي فئه من البشر يزعم المنتمين إليها أنهم أسياده ، بل إن هؤلاء المرضى أسيادنا إذا كان مازال لدينا ماكان عند أجدادنا من إحساس بالمسئوليه ، ممزوجا برفع المعاناه عن الناس ، فى القلب منهم المرضى .
بحق الله فقدت القدره على الفهم كيف أن لدينا كل تلك المصانع ، وهذا الجيش من الكيميائيين ، وتلك الخبرات النادره في سوق الدواء ، والمنظومه الهائله التى لها علاقه بالدواء ، ولدينا تلك الكارثه ، وكأن كل هؤلاء يعملون فى إتجاه عكس الإتجاه الذى يعظم أهمية رعاية المرضى . إلا الدواء ياحكومه .. صحة المصريين فى خطر .. أتمنى أن تحرك كلماتى الكرام من أصحاب القرار في هذا الوطن الذين لهم علاقه بالدواء تصنيعا ، وتداولا ، كتبت ذلك قبل عام وأعود وأكتب ، ويبقى السؤال الذى نبحث له عن إجابه ، والذى مؤداه ، من يوقف هذا التهريج الذى طال سوق الدواء المصرى ، ويوقف نهج المتاجره بمعاناة المرضى ؟.