كتب – عبد العزيز اغراز :
قدم الباحث الأكاديمي الدكتور خالد التوزاني، رئيس المركز المغربي للإستثمار الثقافي “مساق”، مداخلة علمية في الندوة العلمية التي نظمها عن بعد فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة الفقيه بن صالح بشراكة مع المجلس العلمي المحلي، تحت عنوان “الدبلوماسية الروحية في خدمة القضايا الوطنية”، .
وأكد التوزاني انَّ الدبلوماسية الروحية في المغرب تقودها مؤسسة إمارة المؤمنين، في شخص جلالة الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره حامي الملة والدين وأمير كل المؤمنين،
مضيفا أن المغرب سعى منذ عقود طويلة إلى ترسيخ قيم التسامح والتواصل والانفتاح، جعلته بلداً آمناً، يتمتع بكثير من عوامل الاستقرار ومؤهلات الازدهار، الشيء الذي أسهم في خدمة القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وبين “ان الزيارات الملكية التي يقوم بها أمير المؤمنين الملك محمد السادس لعدد من الدول وخاصة في إفريقيا، وأيضاً كرم جلالته في دعم العديد من الدول وخاصة في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية وآثار الحروب، حيث يضمد حراج تلك الشعوب، ويجود عليها بأطنان من الغذاء والدواء، حتى تجتاز محنتها وتتجاوز أزمتها، هذه الدبلوماسية الملكية تنهل من الأبعاد الدينية الكثير من مقوماتها، في الحث على إغاثة الملهوف وسد حاجة الفقير والمحتاج وإدخال السرور في قلوب المحزونين، استجابة للأمر الإلهي في الإحسان إلى خلق الله، دون نظر إلى جنس أو عرق أو طائفة أو دين”.
وتابع أن الدبلوماسية “الروحية” التي يتزعمها أمير المؤمنين حفظه الله، قد أسهمت بشكل كبير في تجاوز العديد من الخلافات والوقاية من كثير من الآفات،
موضحا ان هذه الدبلوماسية السامية للملك محمد السادس، تتأسس على عقيدةٍ ترى في الإحسان إلى المخلوقات نوعاً من أداء الواجب الإنساني تجاه العالم والكون، ثم نوعاً من الاستثمار في بناء حياة أخرى تأتي بعد الممات، استجابةً لعدد من الآيات والنصوص المقدسة في كتب الأديان السماوية، وعلى رأسها القرآن الكريم، وهذا منتهى الإحساس بالمسؤولية التي تتجاوز الحياة الدنيا إلى الحياة في الدار الباقية.
وقام المحاضر بتوضيح الأبعاد الروحية في الدبلوماسية المغربية ودورها في خدمة القضايا الوطنية، مستحضرا بعض إنجازاتها، وعلى رأسها عودة المغرب إلى بيته الإفريقي، وتزايد عدد الدول في إفريقيا والعالم، التي تدعم قضية الصحراء المغربية، مضيفا ان ذلك يدل على نجاح المغرب في التعريف بقضيته العادلة، وفي الآن نفسه تراجع خصوم وحدة المغرب وانهزامهم أمام الانتصارات الدبلوماسية المتوالية التي تحقّقها مؤسسة إمارة المؤمنين.
وأضاف ان “الدبلوماسية الروحية للملك محمد السادس نصره الله، تجلت ايضا في زياراته الميدانية المتعددة التي قام بها نحو جميع ربوع المملكة وأطرافها الممتدة شمالا وجنوباً، وشرقا وغرباً، لفتح أوراش التنمية والتحديث في كل مكان، والاطمئنان على رعيته في المناطق النائية، حيث وصل إلى مناطق بعيدة كالقرى الصغيرة في الجبال، والمداشر البعيدة في السهول والهضاب، والتقى بعامة الناس، فكان سلوكه الإنساني وعطفه المحمدي مؤثراً في قلوب المغاربة، وأثمر ذلك استقرار المغرب، في الوقت الذي انهارت فيه عدد من الأنظمة العربية في ما عُرف بالربيع العربي”.
وسلط رئيس مركز “مساق”، الضوء على الزيارات الملكية نحو الدول الإفريقية، مبرزا ثمارها التي تمثلت في “عودة المملكة إلى البيت الإفريقي، وتحقيق مكاسب جديدة في ملف الوحدة الترابية للمملكة، وفتح جسور التواصل والحوار مع فعاليات المجتمع الدولي من أجل التمهيد للحلّ السّلمي، الذي يحقق استرجاع السيادة المغربية الكاملة على حدوده في الصحراء المغربية، على الرغم من أطروحات الانفصال التي تضعف يوماً بعد يوم، أمام الانتصارات الدبلوماسية المتواصلة والتي يحققها المغرب في صحرائه، وأمام نجاح أوراش التنمية والتحديث والبناء والتشييد، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية ، دون أي انجراف وراء الاستفزازات المتكرّرة لبعض الانفصاليين المُغرَّر بهم، والذين سارع الكثير منهم إلى العودة إلى أحضان وطنهم المغرر بهم”.
كما ذكر بالأدوار التاريخية لهذه الدبلوماسية من خلال البعد الروحي والديني للمغرب الذي رسخه سلاطين وملوك الدولة المغربية عبر التاريخ، وعبر الطرق الصوفية المغربية التي انتشرت في ربوع إفريقيا والعالم، التي استقبل جلالة الملك شيوخها، مشيرا الى انه بفضل هذه الدبلوماسية انتشرت العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي السني وقراءة القرآن برواية ورش عن نافع، والسلوك الجنيدي الزهدي الرقائقي في عدد من الدول الإفريقية والأوروبية، مبينا ان هذه الدبلوماسية مستمرة في عهد الملك محمد السادس من خلال عدد من المبادرات كتأسيس مؤسسة للعلماء الأفارقة، ومؤسسات لتكوين الأئمة وجامعات تستقبل الطلاب من مختلف ربوع العالم، وبناء المساجد وتوزيع المصاحف.
وتحدث المتدخل عن “عناية الملك محمد السادس للفعاليات الروحية التي تسعى للتقريب بين المذاهب وترسيخ قيم التسامح ومنها استقبال جلالته لبابا الفاتيكان في ساحة مسجد حسان، مذكرا بدعوته الملك حفظه الله إلى إيلاء الدين الأهمية التي يستحقها في مجال التربية،
معتبرا أن مواجهة التطرف تكون بالتربية وليس بالعسكر أو المال، حيث قال: ( بصفتي أمير المؤمنين، أدعو إلى إيلاء الدين مجددا المكانة التي يستحقها في مجال التربية)”.