كتبت: أية عباس
لا تعرف مصر الهزيمة أبدا، ولا تستسلم لها، فعقب نكسة 1967 استعادت مصر قوتها في وقت قياسي، فأعدت العدة لحرب التحرير، وتجهزت بكل قوتها، وكانت البداية فى يونيو 1968 عندما انطلقت حرب الاستنزاف، حتى تحقق النصر فى معركة 1973، لتتحدث مصر عن نفسها، ويكتب التاريخ عن قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، يستند إلى شجاعة القرار، ودقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، مما أكد للجميع أن الشعب المصرى ضرب أروع صور البطولة ووقف إلى جوار قواته المسلحة.
هناك تحديات كثيرة واجهت الجيش المصرى فى فترة ما قبل الحرب وخلالها لعل من أبرزها فتحت خزان الوقود أو مواسير النابلم الموجودة تحت سطح القناة والتى كانت تهدد بحرق كل من يقترب منها، وأمام هذا التحدي الذى استطاع أحد ضباط القوات المسلحة بطرح فكرة عبقرية تقتضى بخروج الضفاعد البشرية لسد تلك الفتحات بأسمنت لا يتحلل بالماء على الإطلاق، لتنفذ أرواح آلاف الجنود المصرية أبطال تلك المعركة المجيدة.
ومن بين التحديات التى واجهت قوتنا المسلحة خلال الاستعدادت للحرب الذى تمثل فى انتهاء صلاحية الوقود الخاص بصواريخ الدفاع الجوى، نظرًا لتوقف السوفييت عن توريد هذا الوقود لمصر، عقب قرار الرئيس الراحل بطرد الخبراء الروس في العام 1972م، وهو ما جعل الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى عقد اجتماعات مكثفة خلال شهر يونيو 73، بمشاركة كبار الخبراء، إلى أن تم الاستعانة بالباحث محمود يوسف سعادة بالمركز القومى للبحوث والذى توصل لحل سحرى والذى تم بالتعاون مع الجيش المصرى بتكوين الوقود من العناصر المستخدمه به، ولم تنته صلاحيتها مطلقًا، وفقا لما ذكرته ابنه العالم المصرى سعاد محمود سعادة، فى إحدى تصريحاته الصحفية، وبالفعل تم الاستعانة بالمواد الخام المتوفرة فى مصر آنذاك لإعادة تصنيعه من جديد، والذى أفضى عن توفير كميات هائلة منه، وكان أحد أسباب تحقيق الانتصار حلال حرب النصر وحماية سماء مصر من الغزو الجوى للعدو الإسرائيلي.
لم تتوقف التحديات عند هذا الحد فحسب بل كان هناك المزيد من تحديات الأخرى التى لا تنسى مثل دور سلاح المهندسين الذى ساهم فى تحقيق هذا النصر الكبير والذى كتب بحروف من ذهب عبر صفحات التاريخ الحديث، ليظل اسم الشهيد اللواء أحمد حمدى أحد أبطال وحدات الكباري بسلاح المهندسين، وصاحب فكرة إقامة نقاط للمراقبة على أبراج حديدية على الشاطئ الغربي للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو، علامة فارقة فى تحقيق تلك النصر العظيم، والذى قام بتطوير تركيب الكباري ليصبح تركيبها في 6 ساعات بدلًا من 74 ساعة، مما سهل عملية عبور جنودنا البواسل خلال المعركة.
وفى ظل ذلك كان هناك أبرز المعوقات التى تهدد نجاح معلية العبور وهى التوصل لطريقة معين يتم من خلالها إبلاغ التعليمات والأموار العسكرية وتبادل المعلومات فى ظل امتلاك العدو أحدث أجهزة التجسس الأمريكية، إلى أن حرج الصول النوبى أحمد إدريس ابن أسوان، بفكرة عبقرية، وهى استخدام اللغة النوبية كشفرة فى حرب أكتوبر، ليتنقلها القيادات لتصل للرئيس الراحل محمد أنور السادات ليعتمدها
كل تلك التحديات تم التغلب عليها بفضل الأبطال المصريين، ولكن بات فى نهاية الأمر أزمة تحكم على كل تلك النجاحات بالفشل، وهو عبور خط بارليف إذ روجت إسرائيل طويلا لخط بارليف على أنه يستحيل عبوره وأنه يستطيع إبادة الجيش المصري إذا حاول عبور قناة السويس.
ويعد خط بارلي”، سلسلة من التحصينات الدفاعية التي كانت تمتد على طول الساحل الشرقي لقناة السويس، حيث قامت إسرائيل ببنائه بعد احتلالها لسيناء بعد حرب عام 1967، بهدف تأمين الضفة الشرقية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية إليها.
إلى أن اقترح أحد مهندسي القوات المسلحة وهو الراحل اللواء مهندس باقي زكي يوسف إستخدام مضخات مياه بضغط عالي لإزاحة الرمال وفتح الثغرات وكان ذلك هو الحل الأمثل لإزاحة الساتر الترابي أمام الدبابات.
ليتحقق نصر حرب السادس عام 1973، ليثبت أن تلك الانتصار ليس عسكريًا فحسب بل كان درسًا يؤكد أن العقل والإرادة المصرية قادرة على صنع المعجزات، ليدون فى تاريخ الحروب الملحمة المصرية التاريخية التى أدت إلى تحرير الأراضى المصرية من قبضة الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق نصرًا تاريخيًا عظيمًا.