حيث أخلد إلى نفسى في نهاية الأسبوع في محاوله للتعايش مع الذات تنتابنى الحيره ، ويتملكنى الإحساس بالقهر ، تأثرا بالأحقاد والكراهيات التى غاصت فى أعماق النفوس ، وطالت كل شيىء بالمجتمع وأى شيىء ، والذى جسده هذا الإنسان الذى تقدم فى السن ومع ذلك بداخله أحقادا دفينه لا أعرف كيف غاصت فى أعماقه وهو من كان يتحمل مسئولية تربية أبنائنا بالمدارس ، لذا كثيرا ماأحاول أن أتجنب هذا الهزل ومصدريه ليقينى إستحالة تطهير قلوبهم حتى ولو بماء النار لذا أتحسس الخطى لتجنبهم لأنهم كالوباء خاصة عندما أتناول أحوال العباد ، وأغوص فى أعماق المآسى الإجتماعيه ، محاولا ترسيخ الحب المفقود فى هذا الزمان وما إعتراه من حيره منذ عقود بين الباحثين ، والفلاسفه ، وعلماء النفس ، وأهل العقيده نظرا للنظره الموروثه للحب فى المجتمع بعد أن باتت قائمه على الريبه .
الحب عند الباحثين والكتَّاب يعنى الإنسجام مع ما تميل إليه مدارسهم ، لذا فقد عرفه القرطبي بأنَّه ميل النَّفس لتكميلِ ذاتها بما ينقصها وتستقرُّ بوجوده ، وتبعه الإمام الغزالي ليؤكِّد على كون الحب ميلٌ إلى ما فيه لذَّةٌ وانجذاب ، وكلا التعريفان يُعبِّران عن حاجة النَّفس ورغبتها للتملُّك .
أما مفهوم الحب عند الفلاسفة فقد تناولوه ككلٍ مجرَّد ، وقسَّموه إلى أنواعٍ عديدةٍ ، وغاياتٍ متباينة ، فقد عرَّفه سقراط بأنَّه خيالٌ وتصوُّر لا يمكن تحقيقه في دنيا الماديَّات ، وقرنه بالألم والحزن ونزع عنه مفهوم السعادة أو تحقيق السرور ؛ لكونِ المصطلح روحٌ جنيَّة لا تتحقَّق إلا بالتصوُّر والخيال . ومن الفلاسفة الذين عرفوا مفهوم الحب الفيلسوف اليوناني يوزانياس الذي قسّم الحب إلى نوعين هما : الأرضي والسماوي ، وإنتهى إلى أن الحب وسط بين المحب والمحبوب .
مفهوم الحب في علم النَّفس حدده علماء النَّفس في سببيَّة حاجاتِ الإنسانِ ودوافعه ، وجعلوه مبرراً بمقدار الحاجة أو الغاية التي يمارس فيها الإنسان الحب ، فقد أشار فرويد في تعريفه للحبِّ بأنَّها مجرَّد غايةٍ تظهر بدافعٍ فردي واحتياجٍ نفسيِّ ينزع للإشباع من خلال الممارسة الجنسيَّة، فلا وجود فعليَّ للحبِّ وإنَّما هو الحاجة للعلاقة الجنسيَّة التي تظهر كغريزةٍ مختبئةٍ بصورةِ انفعالٍ إيجابي مستقل تُدعى الحب . أمَّا اريك فروم فقد وافق فرويد في كون الحب احتياجٌ ودافع وتجاوزه في تعلُّقه بالغريزة الجنسيَّة دون وجودٍ للعاطفة ، فقد أكَّد فروم أنَّ الحبَّ يتمثَّل في حاجة الإنسان إلى الانتماء والاندماج ، والذي يُفسِّر حاجته للجنس ، حيث التكامل ، والتكاثر ، وتحقيق العواطف ، والتماسك على مستوى الفرد ، والأسرة ، والمجتمع .
فى محاوله للإجابه على السؤال الذى كثيرا مايطرحه كثر والذى مؤداه هل الحب قدر أم قرار ؟ .. يرى أهل الفقه والعقيدة ، أنه يشمل أفعال العباد ، وحركاتهم ، وتفكيرهم ، وإختياراتهم ، وما يقعون فيه من الخير والشر، وجعل أمر الإنسانِ في حياته بين التسيير الإلهي فيما خُلق له حيث الحدود البشريَّة لا تتعدَّى قدرة الله تعالى وإرادته ومشيئته ، وبين التخيير الآدمي المُعزَّز بالعقل ، والتكليف ، والقدرة على القياس والموازنة ، ومعرفة الخير والشرِّ والاختيار بينهما ، وبذلك فإنَّ ما يفعله الفرد من الأمور والسلوكات المختارة بين احتمالات وبدائل يكون ضمن اختياره ، وقراره ، وتمحيصه ، وتفريقه بين ما يمكن أن يحقِّق مصلحته ونفعه وما يضرُّ بمصلحته وأمره ، فإذا احتاج طعامه أكل وإذا رغب الزَّواج تزوَّج وكلٌّ بإختياره المرصودِ لحسابِه المناط بالتكليف دونَ تسييرٍ أو إجبار ، فالإنسانُ مُخيَّر بإرادته ، وكسبه ، ومعاملاته ، ويملك القرار في ذلك .