ذكريات لا تُنسى
بقلم/ م. أحمد عمرو
عن الكادحين من أبناء قريتى أكتب، وحارة بنى تميم نموذج لهؤلاء ..كان الناس فى السابق إما صاحب أرض أو أجير عند صاحب الأرض وسواءً هذا أوذاك كان الناس متقاربين فى المعيشة؛ طعامهم اللبن الرايب والجبنة القريش والمش والخبز الطازج والبتاوى والبامية والملوخية والبصارة والفول النابت والخضروات بجميع أنوعها من فجل وجرجير وقثاء وخيار وسريس وجلوين وفول أخضر.
ويوم السبت من كل أسبوع حيث سوق “ميت العامل” كل يذهب إلى السوق يشترى ما يحتاجه طوال الأسبوع وكان الربع جنيه كافى جدا.
وكان هذا اليوم مميزا بالنسبة لنا وللقطط، فبعد العشاء من هذا اليوم تمشى فى حارة بنى تميم فإذا وجدت القطط تتجمهر أمام بيت من البيوت فلتعلم أن عنده سمك وإذا سمعت صوت نقر على الخشب فاعلم أن فى هذا البيت فتة كوارع ويضربون العظام على الطبلية ليفرغوا ما بها من نخاع ولوكان العظم لينا شيئا ما لأكلوه..
يتناولون طعام العشاء وبعد ذلك يستمتعون بمص أعواد القصب وعندما يكون البرد شديدا تحدث الكوارث لصغار السن من الأطفال.
كان فى كل بيت غرفة بها فرن يستعمل للخبز ولطهى بعض الأطعمة فى الشتاء وكانت الأسرة جميعهم ينام فى هذه الغرفة لالتماس الدفء..
أكثر صاحبنا من مص القصب ليلا فنام وامتلأت مثانته بالبول حتى انتفخت فأراد أن يفرغها لكن الحمام بعيد والجو بارد، زيادة على أن بوصلة رأسه كان بها خلل وبدلا من أن يتجه شرقا حيث باب الغرفة إتجه غربا حيث رأس أبيه فأفرغ عليها كل ما عنده من خيرات ولم تفلح معه كل الإستغاثات من أبيه!
ظن الأب فى أول الأمر أن المطر شديد حيث اخترق سطح الغرفة ولكن لما وجد أن البول ينهمر فى خطوط مستقيمة موازية لسطح الأرض أيقن ساعتها أنه إبنه المحروس متعه الله بالصحة والعافية.
كلما قابلته تذكرت هذه الواقعة.
الكادحون كثيرون وسوف نبدأ بأحدهم ولكن طالت المقدمة وسنكمل فى المرة القادمة إن شاء الله.
وحتى الملتقى أترككم فى رعاية الله وعنايته.