تقرير: إيمان عوني مقلد
دفعت الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي جائحة كورونا زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو وخصمه الذي يرأس حزب «أزرق أبيض» إلى تشكيل حكومة طوارئ وطنية، علما بأن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان يخول نتنياهو صلاحية «طرح اقتراح ب كل الأراضي الفلسطينية المنصوص عليها في صفقة القرن التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وذلك بداية من تاريخ 1 يوليو 2020».
اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد شتية أن تشكيل هذه الحكومة الفلسطينية التي تحمل أجندة تقوم على ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة يعني نهاية أي تسوية قائمة على «حل الدولتين». رغم أن صيغة حل الدولتين قد شكلت أساس المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين منذ إبرام اتفاقيات أوسلو سنة 1993 فإنها قد تراجعت كثيرا وفقدت أغلب مقومات تطبيقها على أرض الواقع.
اعتبرت صيغة حل الدولتين أقل السيناريوهات سوءا لتسوية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. تقول هذه الصيغة، التي يفترض أن تفضي إلى قيام دولتين، على تقاسم الأراضي «المتنازع عليها» وتقديم التنازلات اللازمة بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي أصلا أرض فلسطينية محتلة.
تطرق الرئيس دونالد ترامب في «صفقة القرن» التي كشف عنها النقاب في شهر يناير 2020 إلى صيغة حل الدولتين لتسوية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين غير أن تلك الخطة جاءت منحازة بشكل كامل إلى اليمن المتطرف الحاكم في إسرائيل وهو ما جعل الفلسطينيين يرفضون الخطة بشكل قطعي وساندهم في ذلك جزء من المجتمع الدولي، وبعض دول الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
تعود صيغة حل الدولتين إلى فترة الانتداب البريطاني التي سبقت قيام دولة إسرائيل سنة 1948. فقد بدأت سلطات الانتداب البريطانية تطرح فكرة تقسيم فلسطين ما بين السكان العرب الأصليين والمهاجرين اليهود في شكل دولتين متجاورتين. بدأت تلك الصيغة بعد ذلك تفرض نفسها لتطرح في عدة مشاريع متعاقبة. بعد سنة واحدة من اندلاع شرارة الثورة العربية الكبرى (1936-1939) طرحت سلطات لندن خطة لجنة «بيل» التي شكلتها الحومة البريطانية سنة 1937 لتقسيم فلسطين، حيث تضم الدولة اليهودية القسم الشمالي والغربي من فلسطين، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبي يافا، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبريا والناصرة وتل أبيب. أما الدولة العربية فتشمل القسم الجنوبي والشرقي من فلسطين ويتم ضمها إلى الأردن. أما الأماكن المقدسة في القدس وبيت لحم فتبقى تحت الانتداب البريطاني.
قوبلت خطة لجنة بيل لتقسيم فلسطين بالرفض من العرب واليهود. في سنة 1938 طرحت سلطات الانتداب البريطانية خطة «وود هيد» الفنية التي أبقت على التقسيم المطروح نفسه في خطة «بيل» مع بعض التغييرات التي نصت على حصول العرب على منطقة الجليل الأعلى (مثلث عكا – الناصرة – إضافة إلى منطقة أشدود الساحلية). بالمقابل توضع المنطقة الساحلية الممتدة من تل أبيب إلى حيفا تحت سلطة الانتداب البريطاني. وجدت خطة «وود هيد» بدورها الرفض من العرب واليهود.
في الأثناء تولت سلطات الانتداب البريطاني إخماد الثورة العربية الكبرى كما تولت سلطات لندن تخفيض أفواج المهاجرين اليهود إلى فلسطين بداية من سنة 1939 قبل أن تقرر إعادة تفويض الانتداب إلى منظمة الأمم المتحدة بسبب احتدام الصراع بين السكان العرب والمهاجرين اليهود. في خضم تلك الأوضاع، صوتت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر 1947 على مشروع تقسيم فلسطين، الذي انحاز لليهود أكثر من مشاريع التقسيم السابقة وقد أدى ذلك إلى اندلاع شرارة الحرب بين العرب وإسرائيل 1948-1949 والتي أفضت إلى النكبة العربية.
بعد مرور عشرين سنة كانت النكسة العربية عقب هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة في يونيو 1967، حيث احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية. تركزت المفاوضات التي أجريت خلال العقود الماضية حول التوصل إلى صيغة حل الدولتين على أساس حدود ما قبل حرب يونيو 1967.
اتفاقيات أوسلو: آمال وفشل ذريع
خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين تجدد الاهتمام بتكريس حل الدولتين في المفاوضات ما بين إسرائيل والفلسطينيين. بعد مرور أربعة أعوام على الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) بدأت حكومة حزب الليكود برئاسة إسحاق شامير، وبضغط من إدارة جورج بوش الأب، المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر مدريد الذي عقد في سنة 1991.
في سنة 1992 تولى زعيم حزب العمل الإسرائيلي إسحاق رابين رئاسة الحكومة التي دخلت سنة 1993 في مفاوضات خلف أبواب مغلقة في العاصمة النرويجية أوسلو، حيث اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة بوجود دولة إسرائيل وقبلت بالسلام مع الدولة العبرية في إطار انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967.
في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني. أبرمت بعد ذلك اتفاقيات مهدت لقيام السلطة الفلسطينية وتقسيم الضفة الغربية إلى: منطقة (أ) تديرها السلطة الفلسطينية إداريا وأمنيا -والمنطقة (ب) تحت إدارة السلطة الفلسطينية مع التنسيق الأمني مع إسرائيل والمنطقة (ج) التي تسيطر عليها إسرائيل إداريا وأمنيا بنسبة 62%، مع الاتفاق على انسحاب إسرائيل تدريجيا وإقامة الدولة الفلسطينية في غضون خمسة أعوام.
أسهمت عدة عوامل في تقويض هذه الأهداف. فقد أدى اغتيال إسحاق رابين في نوفمبر 1995 على يدي أحد المتطرفين اليهود المعادين لاتفاق أوسلو إلى تعميق الانقسامات والتوترات داخل المجتمع الإسرائيلي الذي شهد تنامي قوة التيارات الدينية والحركات الاستيطانية الرافضة للتخلي عن فكرة بناء «إسرائيل الكبرى».
في الوقت نفسه ازدادت حدة الاستقطاب داخل المجتمع الفلسطيني نفسه ما بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرها الجماعات الراديكالية الأخرى من ناحية وحركة فتح الداخلة في مسار أوسلو مع إسرائيل من ناحية أخرى على وقع سلسلة من العمليات الانتحارية ضد الأهداف الإسرائيلية. في سنة 1996 وصل زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة وقد عمل منذ ذلك الوقت على تجميد مسار أوسلو حتى تمكن من وأده على مر الأعوام الماضية.
كتب الباحث آلان ديشكوف: «إن كان هناك درس من الفشل الذريع الذي انتهى إليه مسار أوسلو فهو ذلك التدرج الذي انتهجته إسرائيل في تقويض هذا المسار حتى أصبح مشلولا. لقد نجح آرييل شارون في فرض شروطه التي حكمت على مسار أوسلو بالشلل مع التأكيد أن إسرائيل لن تفعل شيئا ما لم تحل السلطة الفلسطينية التنظيمات الفلسطينية المسلحة. كان يمكن تجاوز هذا الوضع لو اضطلعت اللجنة الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة بالدور الذي أنشئت من أجله».
المفاوضات على
أساس حل الدولتين
ظلت مختلف الجولات التفاوضية والمبادرات تحوم حول صيغة حل الدولتين لتسوية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، على غرار قمة كامب ديفيد الثانية (2000) والمفاوضات التي جرت بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في طابا سنة 2001، إضافة إلى مبادرة جنيف (2003)، ومؤتمر أنابوليس (2007) وقد منيت كلها بالفشل الذريع.
رغم أن مبادرة جنيف قد أفضت إلى بعض النتائج والتفاهمات فإنها لم تطبق أبدا على الأرض. فقد تولى ممثلون عن المجتمعين المدنيين الإسرائيلي والفلسطيني، إضافة إلى وزير فلسطيني، وهو ياسر عبدربه، التوقيع على مبادرة جنيف غير الملزمة والتي تضمنت أغلب الأفكار التي طرحت في المفاوضات والمبادرات والمؤتمرات السابقة.
طرحت مبادرة جنيف إنشاء دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، على أساس انسحاب إسرائيل من 98% من أراضي الضفة الغربية المحتلة وضم الكتل الاستيطانية الواقعة على طول الخط الأخضر، وتفكيك مستوطنة آرييل، في مقابل ضم الدولة الفلسطينية الوليدة إلى الأراضي الإسرائيلية الواقعة على طول الخط الأخضر وتقسيم القدس -القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين. أما في المدينة العتيقة في القدس الشرقية فإن الحي اليهودي يكون تحت السيادة الإسرائيلية، مع تكريس حق اللاجئين في العودة بشكل محدود.
تجدد الأمل في مؤتمر أنابوليس الذي شارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بدعوة من الرئيس جورج بوش الابن. اتفق أولمرت وعباس على تكريس حل الدولتين مع حصول إسرائيل على أراض تعادل نسبة 2% من أراضي الضفة الغربية بينما اقترح الإسرائيليون أن يكون تبادل الأراضي بنسبة 6%. صحيح أن مؤتمر أنابوليس قد أعاد إطلاق مسار السلام بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتي اتسمت بالدموية غير أنه لم يفض إلى أي نتيجة ملموسة وعملية على أرض الواقع. أما اليوم فإن الحل أصبح أبعد من أي وقت مضى مع تعالي الأصوات في إسرائيل وإعلان حكومة نتنياهو عزمها ضم أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية المحتلة.
حل الدولتين والهجمة الاستيطانية
رغم إبرام اتفاقيات أوسلو فقد شهدت العقود الثلاثة الماضية هجمة استيطانية كبيرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث ارتفع عدد المستوطنين اليهود إلى 65 ألفا وهم يتوزعون بين 130 مستوطنة. في سنة 2016 صوت مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب إسرائيل بوقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية من أجل الحفاظ على «مقومات حل الدولتين، والتي أصبحت في خطر».
يمثل التوسع الاستيطاني على مدى العقود الماضية أكبر عقبة أمام قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. فقد تسببت المستوطنات التي أقامتها إسرائيل بلا هوادة في الضفة الغربية والقدس الشرقية في تمزيق أوصال الأراضي الفلسطينية وتقويض فرص قيام الدولة الفلسطينية في المستقبل.
خلال المفاوضات المتعاقبة ظلت القدس تمثل بدورها عقبة كأداء ما بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وهي من القضايا المركزية التي تأجل النظر فيها في مفاوضات أوسلو إلى المرحلة النهائية إلى جانب حق اللاجئين في العودة والحدود. لا شك أيضا أن الانقسامات ما بين قطاع غزة والضفة الغربية قد حالت دون الخروج بموقف فلسطيني تفاوضي موحد.
في سنة 2007، وعقب فوزها في الانتخابات التشريعية في أول مرة تشارك فيها استولت حركة حماس ذات الامتدادات الإخوانية على قطاع غزة، مما تسبب في حالة من الانقسام الحاد في صلب البيت الفلسطيني. لا يزال الانقسام قائما حتى اليوم ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، حيث توجد السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله، سواء على مستوى الشؤون الداخلية أو السياسة الخارجية.
أبقت السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس على تعاونها الأمني مع إسرائيل، مع العمل على مواجهة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، علما بأن الدولة العبرية كانت قد فككت كل مستوطناتها في قطاع غزة منذ سنة 2005. أبرمت السلطة الفلسطينية في رام الله عدة اتفاقيات للمصالحة مع حركة حماس غير أنها لم تطبق أبدا.
يعتبر المحللون أن الثغرات الكبيرة الموجودة في اتفاقيات أوسلو وانعدام الثقة ما بين إسرائيل والفلسطينيين كانت من العوامل التي ساهمت في وضع العقبات أمام التوصل لاتفاق بين الطرفين على أساس حل الدولتين، إضافة إلى تفاقم الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين ورفض حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية الراديكالية الأخرى لحل الدولتين، كما أن إسرائيل كانت منذ البداية تخطط أصلا لتغيير المعطيات الديمغرافية على أرض الواقع من أجل وضع العراقيل أمام أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب الدولة العبرية.
منذ أكثر من عشرة أعوام ظلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تضم في تركيبتها، مثل القوميين اليهود المتطرفين المنتمين إلى حزب «إسرائيل بيتنا» أو الصهاينة الدينيين في «اليمين الجديد»، بزعامة نفتالي بينيت وآياليت شاكيت، وخاصة حركة «البيت اليهودي» الذي يتزعمه رافي بيريز وبيزاليل سموتريتش وهي مكونات متطرفة تعارض بشدة قيام الدولة الفلسطينية.
تعتبر الحكومة التي ظل يرأسها بنيامين نتنياهو على مدى الأعوام الماضية الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل ومناهضة لأي تسوية للنزاع مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. مع فشل اتفاقيات أوسلو سنة 2000 وبداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) في نفس تلك السنة، مما زاد في تراجع الحديث عن التسوية على أساس حل الدولتين، في الأثناء بدأ طرح فكرة حل الدولتين وقد وجد هذا الخيار مؤيدين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. يعتبر هؤلاء أن فكرة حل الدولتين تبدو، ظاهريا على الأقل، أقل صعوبة، لأنها تجنب الطرفين مسألة تقاسم الأراضي الشائكة وتسوية النزاع حول مدينة القدس غير أن الخيار يطرح بدوره سيناريوهات أخرى تطرح تحديات ومصاعب كبيرة.
خيار الدولة الديمقراطية المزدوجة القومية
هذا الخيار تؤيده فئة من الفلسطينيين، وبعض التيارات الإسرائيلية بدرجة أقل وهو يتمثل في إقامة دولة ديمقراطية مزدوجة القومية، يتمتع فيها الفلسطينيون والإسرائيليون بنفس الحقوق وحرية التنقل كما تحكمهم نفس المؤسسات. يبدو هذا الخيار مثاليا ومعقدا مما يجعله صعب التنفيذ. فهو يتطلب تخلي الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني عن الكثير من التطلعات القومية من الجانبين والقبول بالمؤسسات المستقلة التي تكرس تقاسم السلطة ما بين مختلف المكونات.
يعتبر هذا الخيار أيضا غير واقعي نظرا إلى تاريخ الصراعات ما بين الجانبين واستمرار الضغائن التاريخية على جانبي الخط الأخضر الذي يكرس في حد ذاته خلفية تاريخية من الحروب والصراعات التي لا تزال قائمة حتى اليوم. يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب المفتوحة دنيس شاربيت: «إن الأمة أو الدولة لا تقوم فقط عبر العقد الاجتماعي أو مشاركة كل السكان في الانتخابات وإنما تتطلب خاصة عامل التاريخ المشترك».
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب آرييل أبولوف فهو يعتبر أن قيام مثل هذه الدولة ممكن غير أنه يتضارب مع مفهوم «الدولة الأمة»، كما أنها تتسم بالتعقيد عند التطبيق على أرض الواقع، رغم أن أطرافا كثيرة من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تؤيد مثل هذا الحل.
هل يكمن الحل في قيام دولة غير ديمقراطية لتسوية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين؟
تبدي بعض المكونات الفلسطينية والإسرائيلية تأييدها لإقامة دولة واحدة وقد تحدث خليل شقاقي وداهليا شندلين عن تفاصيل هذه المسألة في الحوارات التي أجريت معهما غير أن مثل هذا المشروع يظل نظريا جدا، وخاصة من الجانب الفلسطيني الذي لن يقبل بمثل هذه المشاريع التي تنسف حقوقه الوطنية.
ماذا عن الحل الكونفيدرالي؟
خلال المنتدى الذي عقد مؤخرا بعنوان: «أرض للجميع؟ الإسرائيليين والفلسطينيين وحل الدولتين» تمت مناقشة مسألة إمكانية قيام دولة كونفيدرالية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفق هذا التصور تنشأ دول فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل غير أن الشعبين ينتخبان ممثلين إسرائيليين مشتركين (يهودا وعربا) وفلسطينيين في صلب الكونفيدرالية. يمكن إدارة بعض الشؤون بشكل مشترك مع تكريس حرية التنقل ما بين الجانبين كما أنه لن يكون هناك أي ترحيل للسكان بعد قيام الدولة الفلسطينية في إطار الكونفيدرالية – في إشارة إلى المستوطنين اليهود الذي سيكون لهم حق البقاء داخل الدولة الفلسطينية. تتطلب الكونفيدرالية قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وهو ما ترفضه إسرائيل.
خطط إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة
في ظل الانسداد الحالي، وفي غياب أي إمكانية لإعادة إطلاق المفاوضات، تعمقت الهوة ما بين إسرائيل والفلسطينيين. فالدولة العبرية لم تعد تخفي عزمها ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وخاصة تلك المناطق المحيطة بالقدس. يقوم الاتفاق المبرم بين بنيامين نتنياهو وبيني جانتس يوم 20 أبريل 2020 على إمكانية البدء في ضم هذه المناطق اعتبار من 1 يوليو 2020، مما يقضي على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
خلال الأعوام الماضية صوت الكنيست الإسرائيلي على سلسلة من القوانين والتي تقرب ما بين القوانين المطبقة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة والقوانين المطبقة في إسرائيل، وهو ما يضع هذه المستوطنات على طريق ضمها إلى الدولة العبرية. يتمثل السيناريو المحتمل في السنوات القادمة في ضم القدس الشرقية التي تعتبر أرضا محتلة في نظر القانون الدولي، علما بأن إسرائيل ضمت أجزاء منها وكثفت من بناء الوحدات الاستيطانية حولها. أما قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس فإنه سيظل معزولا ومحاصرا، مع استمرار صراعه المحدود مع إسرائيل. إذا ما تأكد مثل هذا السيناريو فإن الطموحات التاريخية الفلسطينية في إقامة دولتهم ستصاب في مقتل – تماما مثل السلام الذي يكاد يتحول إلى خيط دخان.