بقلم هدير فتحي عامر
يُعد التعليم من أهم الركائز التي يبنى عليها مستقبل الأبناء، وهو في الوقت نفسه مسؤولية مشتركة بين المدرسة والأسرة ومن بين جميع أطراف العملية التعليمية، يتحمل الأهل نصيبًا كبيرًا من الجهد والتعب يتطلع الأهل دائماً الي بذل كل جهد ليجعلوا من الأبناء صورة من المستقبل في أعينهم ولكن تفكير الأبناء يبني علي حسب الأفكار التي تدور حولهم من أصدقاء وجيران وأصدقاء دراسة ومجتمع داخل عالمهم الصغير الذي ينتقل سريعا ليصبح عالما اكبر يدور حول هاتفا ينطوي علي ما يراه ويسمعه في هذا الهاتف الصغير الذي ينقله الي عالم آخر اكثر خطورة ويتطلع الآباء والأمهات الي النظر الي عدة أمور خاصة في مرافقة أبنائهم خلال مختلف مراحل التعليم، من الروضة وحتى الجامعة.
في بداية المشوار التعليمي، يكون الطفل في حاجة كبيرة إلى دعم ومرافقة متواصلة يحتاج الأهل إلى مساعدته على التكيف مع نظام المدرسة، وتنظيم وقته، ومتابعة واجباته اليومية وغالبًا ما يقضي الأهل ساعات طويلة في شرح الدروس، خاصة إذا كان الطفل يواجه صعوبات في الفهم أو التركيز كما أن التعامل مع المعلمين امر ليس بالسهل علي أولياء الأمور للنظر في أكفاء المعلمين لأولادهما ولكنّنا نتناسى دائما ان دور المعلم لا يقتصر علي التعليم ولكنها التربية اولاً في جميع مراحل التعليم .
تبدأ شخصية الطالب في التشكّل، ويظهر ما يُعرف بـمرحلة المراهقة أصعب المراحل في حياة النشء واخطرها لينتقل الطفل من مرحلة الاستماع الي الأهل الي مرحلة اخري من الرغبة في ايجاد شخصيته حول كل ما يفعله يشتت ذهنه وينتقل الي التفكير في بناء كيان خاص به خارج عن إطار الأهل ودون الاستماع الي احد ، بعض الصفات التي تحمل معها التمرد والرغبة في الاستقلالية هنا يواجه الأهل تحديًا مزدوجًاالأول يتمثل في استمرار المتابعة الدراسية، والثاني في احتواء التغييرات النفسية والسلوكية للأبناء وقد يضطر الأهل للجوء إلى الدروس الخصوصية أو البرامج التعليمية الإضافية لتجاوز صعوبات المواد الدراسية المتقدمه
المرحلة الثانوية في هذه المرحلة الحاسمة يزداد الضغط الدراسي والضغط علي الآباء الذي ينعكس بدوره في ضغط علي الأبناء لتحمل عبء اكبر من التحديات التي لا تقتصر علي المدرسة فقط بل تنتقل الي عالم الأصدقاء وايضاً عالمهم الثالث الهاتف يشعر الأهل بقلق متزايد على مصير أبنائهم، ويبدؤون في تقديم كل ما بوسعهم من دعم نفسي، وتحفيز، وتوفير البيئة المناسبة للمذاكرة، بل وربما تقليص أنشطتهم الشخصية لتوفير مزيد من الوقت والاهتمام.
كما تظهر أعباء مالية جديدة تتعلق بالدروس الخصوصية، والكتب الإضافية، والمراجعات المكثفة التي يحاول من خلالها الآباء بذل جهد اكبر مع الأبناء
قد يظن البعض أن تعب الأهل ينتهي بمجرد دخول الأبناء الجامعة، لكن الحقيقة أن الدعم لا يتوقف، بل يأخذ أشكالًا أخرى يصبح دور الأهل نفسيًا وماديًا بالدرجة الأولى، فهم يوفرون المصاريف الجامعية، ويتحملون تكاليف المعيشة إن كانت الدراسة في مدينة أو بلد آخر كما أنهم يحاولون تقديم النصح والإرشاد في التخطيط للمستقبل، ومواجهة تحديات اخري هي الأكبر مع أبناءهم ً.
ختام
تعب الأهل في تعليم أولادهم هو استثمار طويل الأمد، لا يُقاس فقط بالدرجات أو الشهادات، بل بمدى ما يزرعونه في نفوس أبنائهم من حب للعلم، والانضباط، والطموح وعلى الرغم من أن هذا التعب قد لا يكون دائمًا مرئيًا أو مقدرًا من قبل الأبناء، إلا أنه يظل واحدًا من أنبل وأصدق أشكال الحب والتضحية التي يقدمها الأمهات والآباء لاولادهم دون انتظار اي مقابل غير السعي وراء بناء أجيالهم بصورة افضل حتي من الواقع وقل ربّي ارحمهما كما ربّياني صغيرا