
مرارا وتكرارا أقول منبها ، وأكتب موقظا من تبقى لديهم ضمائر حيه فى وطننا الغالى ، لعلهم يدركون أن تقدم الأمم ونهضة الشعوب مرهون بوجود شخصيات قادرة على تحقيق ذلك فى كافة المجالات ، ولديهم إراده حقيقيه تجعل ذلك واقعا يلمسه الناس في حياتهم ، يتعاظم ذلك عندما يكون ذلك إنطلاقا من أداء وليس عبر بروباجندا وشعارات ، أداء يعود بالنفع على الوطن ، ويغير حياة الناس للأحسن معيشيا ، وأداءا ، ونمط سلوك ، وشخصيات قادره على العطاء ، لديهم رساله نبيله ، وهدف مبتغاه العمل على نهضة الأمه وتقدم الوطن .
تلك المعانى النبيله ، والثوابت الحياتيه جعلتنى أكاد أفقد القدره على الفهم ، تأثرا بما يحدث من هزل ، تعاظم هذا الهزل حيث بات من الطبيعى أن يقول المسئول كلاما عظيما فخيما عكس مايتخذ من إجراءات تتعلق بالقضيه التى قال بشأنها شعرا ، ولنا فى المبررات التى ساقها وزير الثقافه الدكتور أحمد فؤاد هنو مدافعا عن قرار الهيئة العامة لقصور الثقافة بإغلاق عدد من بيوت الثقافة المستأجرة خير دليل ، حيث أشار إلى انهم أجروا مراجعة شاملة لأوضاع قصور وبيوت الثقافة خلال الشهور الماضية ، وأنه تم تقييم كل موقع على حده ، وأن اللجنة رصدت وجود عدد من البيوت المؤجرة في بعض المحافظات ، عبارة عن منازل ضيقة لا تتجاوز مساحتها أحيانًا 25 مترًا مربعًا، ولا تستطيع أداء دورها التثقيفي بالشكل المطلوب وبعضها مغلق منذ سنوات ، مايجعلنى أتوقف أمام تلك المعلومات المكتبيه التى قال بها الوزير نقلا من التقرير الذى وضع أمامه على المكتب أن هذا يتنافى تماما مع قرار غلق بيت ثقافة الفريق سعد الدين الشاذلى ببلدتى بسيون كنموذج لبيوت الثقافه التى شملها الغلق .
أتعجب كثيرا أن بيت ثقافة الفريق سعد الدين الشاذلى الذى يعد مناره ثقافيه وينطلق منه نشاط ملحوظ أن يتم تصنيفه ضمن بيوت الثقافة المقرر غلقها رغم أنه أحدث حراكا ثقافيا ، فى مركز ومدينة بسيون الذى يبلغ عدد سكانه 350000 مواطن ، ثلاثمائة وخمسون ألف مواطن ويوجد به 178 مدرسة ، و33 مركز شباب ، و71 مصلحه حكوميه ، ويمثل وزارة الثقافه بها بيت ثقافة الفريق سعد الدين الشاذلى ، ويعمل به 20 موظف ، من قرى مركز بسيون والمدينه ، وهو متنفس لممارسة الأنشطه الثقافيه والتوعيه بالقيم ، والتأكيد على أسس المواطنه ، وحب الوطن ، والإنتماء ، وتقيم الأنشطه التى تساهم فى إكتشاف المواهب وفتح مجالات عديده للإبداع والتطور ، كما يعد منفذا لبيع الكتب بأسعار رمزيه ، لنشر الوعى الثقافى ، ودعم المواهب الشابه ، وتقديم أنشطه فنيه وأدبيه وتعزيز قيم الإنتماء ، والهويه ، ومحاربة الأفكار المتطرفه .
أكد أحمد هنو وزير الثقافه ، بشأن تلك الأزمه فى تصريحات خاصة لـ “اليوم السابع”، أنه يجري حاليًا العمل على مراجعة المنظومة بالكامل ، والبحث عن بدائل مناسبة في مواقع قريبة وبمساحات مناسبة تكون أكثر قدرة على إستيعاب الجمهور وأداء المهام التثقيفية على النحو الأمثل ، بما يحقق مبادئ العدالة الثقافية ويوسع من دائرة الانتفاع بالخدمة الثقافية ، وشدد الوزير، على أن العاملين بتلك البيوت الثقافية التي ستُغلق أو يُعاد النظر في وضعها لن يتأثروا سلبيًا، حيث سيتم الإستفادة من خبراتهم عبر إعادة توزيعهم على مواقع ثقافية قريبة من مناطق إقامتهم ، هذا الكلام يفتقد للحقيقه لأنه يتم الآن نقل الموظفين ببيت ثقافة الفريق سعد الدين الشاذلى بمدينة بسيون إلى مكانين هامشيين يقعان بآخر حدود بسيون من ناحية محافظة كفرالشيخ حيث قرية كفرالدوار ، وآخر بقرية الفرستق التى تسبق حدود بلدتى بسيون من ناحية كفرالزيات بقريه ، يعنى ليس هناك بحث عن بدائل لبيت ثقافة الفريق سعد الدين الشاذلى فى مكان مناسب ، أو موقع قريب ، ولا مساحات مناسبة تكون أكثر قدرة على إستيعاب الجمهور وأداء المهام التثقيفية على النحو الأمثل ، يبقى أن الكلام عن تحقيق مبادئ العدالة الثقافية وتوسيع من دائرة الإنتفاع بالخدمة الثقافية كلام للإستهلاك المحلى ، والزعم بأن الوزير شدد ، على أن العاملين بتلك البيوت الثقافية التي ستُغلق أو يُعاد النظر في وضعها لن يتأثروا سلبيًا ، لاأساس له من الصحه .
خلاصة القول .. قرار الهيئة العامة لقصور الثقافة بإغلاق عدد من بيوت الثقافة المستأجرة ، قرار خاطئ تمامًا ، ويدعو للإستياء الشديد ، ولقد صُعقت حين علمت بالقرار ، نحن نتحدث عن أكثر من 4775 قرية يعيش بها نحو 60 مليون نسمة ، وأغلبها بلا أي وجود ثقافي . فهل يُعقل أن نغلق ما هو قائم بدلًا من التوسع؟”، هكذا قال الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة الأسبق قبل 5 أيام ، خلال كلمته التى ألقاها في إحتفالية مرور 80 عامًا على ميلاد الأديب الكبير جمال الغيطاني ، التي أقيمت بمتحف ومركز إبداع نجيب محفوظ بحي الأزهر ، وأضاف أن وزارة الثقافة ليست جهة ربحية ، بل خدمية ، وما يُنفق على بناء الوعي الثقافي اليوم يُوفر مليارات تُنفق لاحقًا لعلاج غياب هذا الوعي، مؤكدًا على ضرورة التوسع في إنشاء بيوت وقصور الثقافة بجميع أنحاء الجمهورية . إنتهى كلام وزير الثقافه السابق والذى حسم القضيه وكشف العوار عما هو مسكوت عنه بشأن بيوت الثقافه فهل ينتبه متخذى القرار ويعيدوا النظر فى هذا النهج البغيض .