لأول مره فى تاريخ الممارسه البرلمانيه أن يبدع النواب إنطلاقا من النقد الممزوج بالإشاده ، ليست تلك فزوره أو فريه ، إنما حقيقه يقينيه ، أدركتها ، وإستشعرتها خلال الجلسة العامة الأخيره لمجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي ، حيث أشاد بعض النواب بملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي الموازنة العامة للدولة ، وحساب ختامي موازنة الخزانة العامة ، والحسابات الختامية لموازنات الهيئات العامة الاقتصادية ، وحساب ختامي موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي، عن السنة المالية 2023/ 2024 ، ورغم ذلك وافقوا على الحساب الختامى ووجه بعضهم الشكر للحكومه .
ليس هذا من قبيل التندر بل واقعا عايشه الناس ، ورصده كل أصحاب الأقلام تجلى ذلك حين قال النائب ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة ، إن ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات أعادتنا إلي الزمن الجميل ، مشيرا إلي أن هناك ضعف في الأداء المالي لبعض مسئولي الهيئات الحكومية والاقتصادية وأنه قد وجه هذا الأنذار للحكومة “، مطالبا الحكومة بالاستعانة بالمتخصصين وخبراء من وزارة المالية ، أكد النائب محمد ابو هميلة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري أن الحساب الختامي عكس تحسن بعض المؤشرات ومنها زيادة الناتج المحلي وانخفاض العجز النقدي الكلي ، وفى نفس الوقت أكد على إستمرار خسائر بعض الهيئات الاقتصادية كل سنة ، مشيرا الي تحقيق 14 هيئة خسائر العام (عجز النشاط) بلغت جملتها نحو 14 مليار جنيه بنقص نحو 15.1 مليار جنيه بنسبة 52% عن الربط الأصلي البالغ نحو 29.1 مليار جنيه، مقابل نحو 14.4 مليار جنيه لعدد 16 هيئة للسنة المالية 2023/2022 بنقص نحو 470.8 مليون جنيه بنسبة 33% ،
، من جانبه وجه النائب عاطف ناصر، كلمته لوزير المالية، قائلا :” أقول لوزير المالية عندك هيئات اقتصادية تحقق خسائر يجب دارسة الأمر وإعادة الهيئكلة ودمج بعضها ” مشيرا إلي أن الحساب الختامي 2023 جاء في ظل ظروف صعبة وهو ما يتطلب رؤية شاملة للنواحي الاقتصادية”. كما أكدت النائبة رحاب الغول موافقتها على الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/ 2024، مشيدة بتوصيات الجهاز المركزي للمحاسبات ودعت الحكومة إلى الأخذ بها، كما وجهت الشكر للجنة الخطة والموازنة على تقريرها عن الحساب الختامي . لكنها طالبت بمواجهة مشكلة خسائر الهيئات الاقتصادية، قائلة: “الهيئات الاقتصادية كل عام نتكلم عن خسائرها ومدى جدواها، وباب الاقتراض وصلنا أن يكون 11.5 تريليون جنيه، أرجو الحكومة تراجع حساباتها في هذا الأمر”.
كشفت المناقشات استمرار ظاهرة عدم الاستفادة من بعض المشروعات الممولة من المنح والقروض وأنها تمثل إهدار للمال العام ، وأن عدم الاستفادة من القروض والمنح الأجنبية والالتزام بالمواعيد المحددة لها، يضيع على الدولة فرص استغلالها في مشروعات تنموية، بالإضافة إلي تحمل الدولة لعمولات نتيجة التأخر في التنفيذ مما يزبد من أعباء الدولة في سداد القروض ، كما أن الحكومه لم تأخذ بالتوصيات البرلمانية الواردة في تقارير الحسابات الختامية والتي تم مناقشتها في السنوات الماضية ، هذا ليس إدعاءا أو محض إفتراء ، بل ماأكده النائب محمد عبد الله زين الدين فى تلك الجلسه التاريخيه الكاشفه للبرلمان ، مشيرا إلى أن جلسات مناقشة الحسابات الختامية في العام الماضي والحسابات الختامية في السنوات السابقة قدمت نفس الملاحظات ونفس التوصيات ، مستنكرا عدم تعامل الحكومة مع التوصيات . وطالب الحكومة بضرورة الالتزام بتنفيذ كافة التوصيات الواردة في تقارير الحسابات الختامية للمزازنة العامة للدولة ، وأشار إلى أنه من بين ملاحظات لجنة الخطة والموازنة، ما يتعلق بالهيئات الاقتصادية والمتمثلة في الدمج بين الهيئات ، خصوصا في ظل وجود بعض الهيئات التي تتكبد خسائر سنويا ، مشيرا إلى أنه سبق تشكيل لجنة في هذا الشأن من جانب الحكومة ، ولكن حتى الآن لم تقدم أي تصور . يبقى أنه بعد كل تلك المناقشات وافق المجلس بالأغلبيه على الحساب الختامى ، ووجّه الدكتور مصطفى مدبولي الشكر لرئيس مجلس النواب على الإدارة الحكيمة للجلسات .
إستكمالا لهذا المشهد الدراماتيكى الذى رسخ لأول مره فى تاريخ البرلمان لحواز قول الشيىء ونقيضه ، والإشاده والذم فى ذات اللحظه ، وفى محاوله للملمة الأوراق وإستعادة مافقده النواب على أثر هذا الكلام الخطير بشأنهم الصادر من رئيس وزراء مصر العام الماضى فيما يتعلق بسلوكهم حيال إقامة الطرق والكبارى ، وخلال تلك الجلسه التاريخيه للبرلمان ، حاول النواب الدفع بالبعض للترويج لمفاهيم مغلوطة بحسن أو بسوء نيه فى محاوله لتبييض وجوههم قبل الإنتخابات وخلق مبرر لإخفاقهم فى تحمل المسئوليه ، وأرى فى ذلك طبيعى لكن الذى ليس من الطبيعى تصدير أنهم ليسوا مسئولين عن الأزمات ، أو منوط بهم بحث المشكلات وتجاوز العقبات ، أو حتى تبنى هموم الناس والدفاع عن قضاياهم ، وتصدير أن المواطن هو السبب فيما هو فيه وليس الحكومه ، لذا يستحق مايجرى عليه من تهميش وقهر وإذلال وتضييق فى المعيشه لأنه لايليق به أن يقول آه . هؤلاء الأشخاص أخذوا خلال الأيام القليله الماضيه يذكروننا مرارا وتكرارا بمسئوليات النائب وواجباته إنطلاقا من أن التكرار يعلم الشطار ، وطبعا أعطوهم ماورد فى الكتب بشأن مسئوليات النائب الدستوريه خاصة مايتعلق بالرقابه على أعمال الحكومه ، والتشريع لصالح الشعب ، وجميعها صحيحه وصادقه ويستطيع تلميذ فى الابتدائى أن يحصل عليها من جوجل لكن مايغفله هؤلاء المروجون المدفوعون لتبييض وجه النواب ، ولو عبر مجاملتهم بنفى أى تقصير عنهم وتصدير أن مانحن فيه من إخفاق ليس من صنعهم إنما من صنعنا نحن المواطنين المساكين الغلابه .
قلتها ألف مره وأكررها لأن التكرار يعلم الشطار كل ماذكره هؤلاء الأشخاص الطيبين صحيح وورد فى كتاب مختار الصحاح للغه العربيه قبل أن يرد فى الدستور ، وأن تلك الأمور من عمل المحليات ، وأعضاء المحليات لكن هؤلاء لم يدركوا أن الشعب وصل إلى النضج حتى ولو بات مسلوب الإراده لايشارك لكن يكفيه مايطلقه من سخريه مؤلمه تبدد فرحة أى أحد وتضعه فى حرج شديد ، لدرجة أن مواطن بسيط رد بذكاء أخرص الألسنه عندما قال ، يتعين أن تدركوا أن النائب هو المسئول وفقا لطرحكم أنتم ، لأن جزء من الأزمه مرجعه تلك القوانين التى شاركوا فى إصدارها ، والإخفاق فى أداء دورهم الرقابى على أعمال الحكومه بالتصدى لأى قرار أو تصرف يطال حياة المواطن ويؤثر فى معيشته . يبقى السؤال متى نتخلى عن المزايدات وننطلق إلى بناء الوطن عبر الرأى والرأى الآخر فى إطار من الموضوعيه والإحترام والحجه والبيان على أرضية المصداقيه وطرح الحلول .