الحياه بلا أهل وأحباب وأصدقاء حياه موحشه وحشة القبور , غريبة غربة الأيام , لذا كان التقارب والتحاب بين بنى البشر سرا من أسرار خلق الله تعالى لهذا الكون , من أجل ذلك كان الشخص النبيل هو ذاك الشخص الذى يحرص على أن يكون مصدر سعاده للٱخرين حتى ولو إحترق من أجل أن يحققوا تلك الغايه النبيله , وضحى فى سبيلها بالغالى والنفيس , وإجتهد كثيرا ليسعد الٱخرين , لترسيخ ذلك يتعين أن ينصهر كل من بالمجتمع ليختفى هذا التميز الطبقى البغيض , الذى قد يكون وبالا على المجتمع إذا إستمر على هذا النحو من السوء , وذلك بما يخلفه من كراهية وبغضاء , ولايمكن أن يتقدم الوطن فى ظل تنامى هذه التركيبة التى هى ضد التعايش السلمى , والحق المجتمعى فى حياه تسودها الموده والمحبه .
تلك ثوابت يقينيه فى الحياه كثيرا ماأتمنى أن ننشدها ونتمسك بها خاصة بعد أن أصبحنا نفتقد الحب سبيلا للتعايش الحقيقى بالمجتمع بين بنى البشر , بعد أن طغت الكراهيات , وتعمق سوء الظن فى النفوس , وبات الأصل فى الأشياء أن الإنسان متهما إلى أن يثبت العكس , إلى الدرجه التى أصبحت معها لاأعرف كيف يمكن أن نكمل حياتنا فى هذه الدنيا على هذا النحو من السوء فى مجتمع تقطعت فيه كل سبل الإحترام , وغلب على الناس سوء الظن , وإنعدام الإحساس بحميمية الأسره , وعمق الصحبه , وعظمة الألفه , ويقين الوجدان .
إنصهارا مع تلك المعانى النبيله , وواقعنا المؤلم , أصبحت أخشى أن يتعاظم بحق الأحباب فواجع القدر , ويتنامى ألم الفراق , وأستيقظ على مايؤلم النفس بشأنهم , قد يكون مرجع ذلك ماأتعايشه صباح مساء وكل الوقت مع أحباب كرام داهمهم المرض وحاصرهم القهر , وإعتراهم الضعف , وباتوا يتمنون أن لو ينعم عليهم رب العالمين سبحانه بدخول الحمام دون مساعده شفاهم الله وعافاهم .
على أية حال لدى قناعه راسخه مؤداها أن الحب الحقيقى لاينتهى إلا بموت صاحبه , أما المزيف فهو إلى زوال مع أول نظرة تتسم بسوء الظن , ترسيخا لذلك فى الوجدان أرى أن من لايتفاعل مع تلك المعانى النبيله عليه أن يراجع نفسه , وينتبه إلى أحواله , بل إننى أرى حتمية الحب فى واقعنا , وأن يكون العطاء لله وفى الله , وإبتغاء مرضاة الله , وذلك عكس كثر من الذين يرون أن المصلحه هى معيار العلاقات , وأن الحب إنتهى من حياة الناس , لعل مرجع قناعاتى , أننى أتعايش مع واقع مجتمعى به كثر من الأكارم الفضلاء , حتى وإن ضاقت بهم سبل العيش يظلون مضرب الأمثال فى التجرد والعطاء . تلك رؤية من الحياه تنطلق من واقعنا المعاصر , وهى نتيجة عصف ذهنى يغوص فى أعماق الوجدان أستحضره فى نهاية الأسبوع إنطلاقا من مراجعات لما مر بنا بالحياه ومامضى من الأيام , وماأرصده من الحياه .