دائما ماتكون الصحافه فى قفص الإتهام فى زمننا هذا ، بل إن بعض المسئولين ضيقى الأفق ، محدودى التفكير ، ومعهم بعض المغيبين من الساسه والحواريين يبذلون جهدا كبيرا لكى يرسخون للموروث البغيض أن الصحافه خادمه فى بلاط السلاطين ، وذلك على غير الواقع ورسالة الصحافه ونشأتها على يد الخديوي محمد علي باشا في عام 1822م ، لذا نجد تعامل غريب وعجيب مع الصحافه حتى من مسئولين فى درجات وظيفيه ليست كبيره كما يحدث من قائم بعمل مدير مديريه خدميه بالغربيه ، وذلك تأثرا بأنهم مسنودين من بعض من هم أعلى منهم وظيفيا بديوان عام الوزارات ، كان من نتيجة تلك السياسه الرعناء حجب المعلومات ، وإعتبار ذلك من الواجبات لديهم ، وكثيرا حاولنا مرارا وتكرارا أن نتجاوز تداعيات هذا الموروث منذ تشرفت بالعمل بالصحافه قبل أربعين عاما مضت ، خاصة مايتعلق بتلك الرؤيه الجمعيه لدى المسئولين فيما يتعلق بالصحافه ، وجموع الصحفيين ، دون إدراك منهم ، أن الصحفى جزءا من التاريخ لأنه شاهد عيان على كثير من الوقائع التى شهدها الوطن عبر أجيال ، وذلك لإقترابه من الأحداث بحكم تخصصه الصحفى ، وأنها صوت الشعب وضمير الوطن ، والحامى للمواطن من تغول أصحاب السلطه وأذنابهم ، كان من تداعيات ذلك أنهم يرون أنهم عندما يعطوا معلومه لصحفى إنما يتفضلون عليه ، دون إدراك منهم أن هذا فى صالحه لأنه لو تم حجبها سيظل هذا المسئول متهما طول الوقت بالتقصير وقد يكون ذلك على غير الحقيقه .
نبهتنا أيضا أزمة الزميل حمدى حماده مع الشركه المتحده إلى أهمية أن يكون هناك حوار مباشر بين الصحفى وكل مؤسسات الدوله ، وأن يتفهم المسئولين طبيعة العمل الصحفى ورسالة الصحافه ، لذا كان التقدير كبير من الجماعه الصحفيه إلى عمرو الفقى الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لهذا الرقى الذى تعامل به مع الأزمه مع الزميل حمدى حماده ، والذى أتمنى أن يكون نهج كل المسئولين ، كما نبهتنا الأزمه إلى أنه قد لايدرك كثرمن أن وجود الصحافه تتابع مجريات الحياه يساهم مساهمه فعاله فى خلق حاله من الإستقرار المجتمعى ، حيث تعرض الحقائق ، وتكشف المستور ، وتحدد مواطن الخلل التى تغيب عن المسئولين طوعا أو كرها ، الأمر الذى معه نرى مجتمع بلا إخفاقات ، قد يحدث تجاوزات فى طرح قضايا عديده تجعل البعض يوصم الصحافه بالنقائص ، دون إدراك أن مرجع ذلك هو حجب المعلومه الأمر الذى معه فتح الباب على مصراعيه لطرح ماتوافر من معلومات ، حيث يظن المسئول أن مالديه من معلومات هى أسرار حربيه فيحجبها دون إدراك منه أنه لايتفضل على الزملاء الصحفيين بتلك المعلومات ، بل هى من حق المجتمع ولصالح المسئول نفسه ، لأن طرح المعلومه من المصدر ترسخ للحقيقه ، وكذلك يظلم المسئول نفسه لأنه كثيرا مايوصم بنقيصه الأداء الضعيف رغم ماقد يحققه من إنجازات ، مرجع ذلك أنه حجب المعلومه عن الصحافه فلم تصل للناس فوصم بالتقصير .
يتعين أن يدرك كل المسئولين أن الحق في الحصول على المعلومات والحق في حضور الاجتماعات العامة ليس تفضلا من أحد ، أو منحه من حكومه للصحفيين بل إنه حق مقرر دوليا ومحليا ، حيث أدرج في العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان ، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق العربي و الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ، ويعد ذلك من أهم الضمانات القانونيّة لحرية الصحافة وتمكينها من أداء أعمالها وتعزيز حرية التعبير والإعلام ، كما انه حق دستورى وقانونى حيث أقر القانون 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة في مصرحيث أقرت الماده الأولى أن الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسؤولة في خدمة المجتمع تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي وإسهامها في تكوينه وتوجيهه من خلال حرية التعبير وممارسة النقد ونشر الأنباء، كما أكدت الماده الثالثه على أن الصحافة تؤدى رسالتها بحرية وباستقلال ، كما أكدت الماده السادسه على أن الصحفيون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون ، كما أكدت الماده السابعه على أنه لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون ، كما أكدت الماده الثامنه على أنه للصحفي حق الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها ، بل وتنشأ بقرار من الجهة المختصة إدارة أو مكتب للاتصال الصحفي في كل وزارة أو هيئة أو مصلحة عامة لتسهيل الحصول على ما ذكر في الفقرة السابقة، وجاءت الماده التاسعه حاسمه وجازمه حيث أكدت على حظر فرض أي قيود تعوق حرية تدفق المعلومات أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف في الحصول على المعلومات أو يكون من شأنها تعطيل حق المواطن في الإعلام والمعرفة، وذلك كله دون إخلال بمقتضيات الأمن القومي والدفاع عن الوطن ومصالحه العليا.
يقينا الدور الذى تؤديه الصحافه فى المجتمع هو دور وطنى ، وليس أدل على ذلك ماأحدثه المراسلين الحربيين أبان حرب أكتوبر 73 بنقل إنتصارات الجيش من أرض الواقع ، وتقديم الأبطال للرأى العام ، الأمر الذى معه خلق حاله من الطمأنينه والإلتفاف الشعبى حول جيشنا العظيم ، لذا يتعين على كل المخلصين بهذا الوطن من أصحاب القرار ومتصدرى مشهده وهم بفضل الله كثر أن يدركوا ، أنه من صالح هذا الوطن الغالى ، أن تظل الصحافه كما أسس لها عبر التاريخ أن تكون صاحبة الجلاله ، وهذا لن يتأتى إلا بعدم الإقتراب من مساحة الحريه التى هى من أهم ثوابتها الحياتيه ، ولاأعتقد أن هناك مخلص فى هذا الوطن مواطن كان أو مسئول يقبل بخفض صوت الشعب عن قول الحقيقه التى تجعل من مجتمعنا مجتمع قوى تنمو فيه الحقيقه وتتعاظم ، حيث أن الصحافة والإعلام حلقة الوصل الأمثل مع المواطن بنقلها الأخبار والمعلومات بحرفيّة ، وللجمهور أو الفرد الذي يعيش في مجتمع ما الحق الكامل في المعرفة والحصول على المعلومات الكافية من الإدارة أو السلطة التي تحكم هذا المجتمع حول الأمور التي تعنيه ويرغب في معرفتها ؛ الأمر الذي يحتّم قدرة الصحافة ووسائل الإعلام على الوصول إلى مصادر معلوماتهم ونقلها ، وعليه يجب أن يُقدّم لهم التسهيلات اللازمة في هذا المجال.
مؤلم أن أقول أن الصحافه كثيرا ماتتعرض للمكائد والدسائس والذى يتم الإعداد لها من خلف ستار ، من خلال أيادى عابثه لاتريد الخير لهذا الوطن الغالى ولاتدرك أى قيمه للصحافه ، ولاتقتنع بالحريات ، ولاترضى أن يكون وطننا الغالى فى تقدم ورخاء ، لكن الصحافه فى النهاية هى المنتصره ، فمن يريد أن يدرك تلك الحقيقه عليه أن يراجع صفحات التاريخ سيجد أن الصحافه دائما فى النهايه هى المنتصره ، وفشل كل المحاولات لإجبارها على الدخول فى بيت الطاعه ، ذليله منكسره لأنها تمرض لكنها لاتموت ، لذا ستظل شمعتها التى تضيىء الوطن ، ولايمكن للشرفاء من المسئولين بها أن يسمحوا بأن تنطفىء ليعم الظلام كل الوطن ، وأن الشموخ الذى ربانا عليه أساتذتنا العظام مصطفى شردى ، وجمال بدوى ، وعباس الطرابيلى ، وسعيد عبدالخالق رحمهم الله تعالى لايمكن له أن يتبدد أويتلاشى .