حرية الصحافه صمام أمان للمجتمعات ومحدد رئيسى لقيمة الأوطان كما يقاس مدى قدر المجتمعات بمدى مالديها من حرية الصحافه ، وماأعنيه من حرية الصحافه هى الحريه المنضبطه ، والمسئوله ، والتى تنطلق من هدف نبيل ينشد تحقيق التقدم ، والإزدهار ، تلك ثوابت يقينيه رسخها التعايش مع الأحداث . يبقى أن حرية التعبير ليست مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان ، بل هي شريان الحياة الذي يغذي المجتمعات الصحية والحيوية ، فمن دون حرية التعبير، لا يمكننا التصدّي للظلم ، ولا إحداث التغيير ، ولا الانخراط في المناقشات التي تجعلنا من البشر في الأساس ، كان هذا وعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما أكد على حقنا في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات .
إنطلاقا من ذلك أزعجنى كثيرا اسلوب التعامل مع الزميل العزيز الكاتب الصحفى القدير الأستاذ حمدى حماده بشأن البلاغ المقدم ضده من الشركة المتحدة بسبب مانشره في هذا الشأن ، وتحرك قوه من الشرطه مدججه بالسلاح ومدعمه بقوات الأمن للقبض عليه من محل سكنه المدرج ببطاقته وهو مسكن أسرته منذ الطفوله بأشمون منوفيه ، وترويع من تبقى فيه من أسرته ، دون إدراك أنه يقيم بالقاهره إلا أنه تقديرا لموطنه جعله مدرجا ببطاقته ، ونظرا للضغوط ظن الضابط قائد الفرقه أنه إرهابى عتى فى الإجرام ، أو لديه قناعه أن كل صحفى يحمل قلما فهو إرهابى لذا أخذ يفحص كل من يقابله بالمنزل والشارع ويقارن بين شكله والصوره المرسله له بالموبايل للزميل حمدى حماده ، دون إدراك من هذا الضابط أنه لو إتصل بالزميل حمدى حماده وأخبره بأنه مطلوب سيذهب له فورا محتضنا حصانته الصحفيه كعضوا بنقابة الصحفيين العريقه .
أعى جيدا أنه لاأحد فوق القانون ، لذا لم أطلب حصانه للزميل حمدى حماده الصحفى المحترم إذا كان مخطأ ولا حتى أنا ، إنما أتمسك بحقه فى طرح قضايا الناس طالما كانت فى إطار من الموضوعيه والإحترام والحجه والبيان ، وكذلك كل الزملاء الصحفيين مثمنا على الموقف المحترم لنقابتنا العريقه نقابة الصحفيين والزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين مع الزميل حمدى حماده ، وكنت أتمنى أن يعى تلك الحقائق مقدمى البلاغ بالشركه المتحده وجميعهم محل تقدير وإحترام الجماعه الصحفيه أشخاصا ودورا إعلاميا وطنيا يؤدونه للوطن ، وكذلك الضابط وقوة الشرطه التى ذهبت للقبض عليه وتكبيله بالأغلال ، وكان يمكن للشركه المتحده أن تصدر بيانا توضح فيه ماتناوله الزميل حمدى حماده وكل أصحاب الأقلام حتى بالسوشيال ميديا ، وباليقين سينشره الزميل حمدى حماده وكل من تناولوا هذا الأمر إنطلاقا من القاعده الراسخه التى تعلمناها فى بلاط صاحبة الجلاله أن حق الرد مكفول ، لأن المنطلق توضيح الحقائق وليس النيل من الأشخاص ، لكن ترك الأمور بلا توضيح إنطلاقا من إستعلاء أدركته لدى بعض المسئولين حتى مستوى وكلاء الوزاره إعتمادا على رضاء المسئول الأعلى منه عنه إستهانه منهم بدور الصحفى فى المجتمع ، وترسخ لدى الناس جميعا أنها حقائق ، وقد لاتكون كذلك بالكليه أو فى حاجه لتوضيح ، أما التجاهل أو اللجوء لأساليب أخرى تحمل التهديد والوعيد والترويع يعمقها فى الوجدان أنها حقيقه واقعه .
مؤلم أن أكتب عن القيمه والقامه الزميل حمدى حماده وهو إبن السبعين وأحد رموز الصحافه المصريه وقاماتها ، ويحمل قلما كثيرا مادك به حصون الفساد على مدى خمسه وأربعين عاما ، إنطلاقا من جريدة الأحرار ثم الوفد الذى رافته فيها سنين عمرنا ، وهو صحفى شريف ونظيف ، ينتمى إلى جيل محترم من الصحفيين ، وتتلمذ على أيدى عظماء الصحافه المصريه ، ومنذ تزاملنا لم يخالف ضميره المهنى ، ولم ينافق و” يمسح جوخا ” لأحدا من المسئولين ، وعايشته زميلا من نجوم شرفة الصحافه البرلمانيه التى كانت تحمل عبق تأسيس الخديوى إسماعيل لها ، يوم كنا نجلس فيها نرصد مايحدث تحت القبه بدقه حتى الحركات والسكنات ونتابع مايقدمه نواب الأمه من رقابه على أعمال الحكومه والتشريع لصالح الشعب ، ومناقشة الميزانيه ، لأن الصحافه ضمير الوطن وصوت الشعب ، كما أنه من رموز الصحفيين الذين تولوا التغطيه الصحفيه لمجلس الدوله ، وصديق قامات وطنيه كثيره تمثل أجيالا متعاقبه ، بالمجمل حمدى حماده تاريخ مشرف بحق .
خلاصة القول .. ماحدث للزميل حمدى حماده ينبهنا إلى أن القضيه تتعلق بحتمية اليقين بأن مهنة الصحافة ليست بجريمة ، وأنه يجب أن تشكّل القيود المفروضة على حرية التعبير الاستثناء لا القاعدة ، ولتحقيق ذلك يتعين إعتماد تشريعات وطنية أكثر صرامة ، تضع حقوق الإنسان في المقام الأول ، وعبر رصد أفضل للتهديدات ضد الصحفيين ، وتقديم دعم قانوني ونفسي أفضل لهم ، لأن كل تهديد موجّه إلى الصحفيين هو تهديد يستهدف مباشرة حرية الإعلام ، وحرية الرأي ، وحرية التعبير، وهي حقوق أساسية متأصّلة في كلّ واحد منّا ، لذا يتعين إدراك أن سلامة الزميل حمدى حماده وجموع الصحفيين ليست مجرد مسألة أمن شخصي ، بل هي مسألة سلامة وصحّة مجتمعات بأكملها ، ومن واجب كل فئات المجتمع الأخلاقي ، حفظًا لمستقبلنا جميعنا ، أن نبذل قصارى جهدنا لحمايتها .