الحفاظ على التراث حفاظ على الهويه ، حفاظ على القيمه ، حفاظ على تاريخ الأمه ، وتأصيل لنضال الشعوب ، الجميع ينطلقون من التراث لمراحل تأسيس الدول منذ القدم ، من أجل ذلك لايمكن التهاون حيال العبث بتراثنا لأنه يمثل ثوابتنا ، ومراحل تكوين أوطاننا ، ويحمل طياته العزه والمجد والفخار ، من يقول بغير ذلك يكون فاقد الوطنيه لايعى مضامين ماطرحت جيدا .
إنتابنى حاله من الإنزعاج الشديد من هذا البث لمقطع فيديو يظهر عمالا بدا وكأنهم يقومون بتكسير أجزاء في الهرم الأكبر من أهرامات الجيزة ، حيث قيام بعض الأشخاص بالحفر فى الهرم بـ ” الأجنة والشاكوش ” ومهما كانت المبررات لهذا العمل الشنيع فإن ذلك يكشف عن ضٱله فى الفهم ، وتردى فى الأداء ، وخلل فى المفاهيم ، وجهالة منقطعة النظير بإدراك أن تراث أدركناه يرجع لٱلاف السنين حافظ عليه الأجداد يأتى من يبدده ويعبث به عن جهل وإنحطاط ، والمؤسف أننا نجد من المسئولين من يقول أن ما حدث لا علاقة له بالهدم أو التكسير بل بأعمال الصيانة الكهربائية ، وكأنه يريد أن يقنعنا أننا عميان لم نرى ماتم بثه فى التو واللحظه من إجرام ، فى تأكيد عجيب على أن ما ظهر في الفيديو ليس هدماً ، بل إزالة لمواد بناء حديثة (مونة) غير أثرية ، وضعت قبل عقود مضت بهدف تغطية شبكة الكهرباء الخاصة بإنارة الهرم ، ثم جاء البيان المؤسف الذى نشر بالصفحة الرسمية لوزارة السياحة المصرية ، توضيحا بشأن الفيديو المتداول ، وتأكيد على أن ما أزيل هو مواد بناء حديثة غير أثرية ، وضعت منذ عقود لتغطية شبكة إنارة الهرم دون المساس بجسم الهرم أو أحجاره الأصلية ، كما جاء البيان الذي أصدرته غرفة العمليات بوزارة السياحة والآثار الذى أكد على أن ماحدث هو تغيير شبكة الكهرباء الخاصة بإنارة الهرم الكبير ، وهذا يعكس عذر أقبح من ذنب فمثل تلك الأمور لايجب أن تتم بهذا الشكل العشوائي والبدائي .
المؤسف أن أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار بوزارة السياحة والآثار أعلن في تصريحات تليفزيونية أن أعمال الترميم بالهرم تزامنت مع تواجد السياح لأن مناطق الأعمال غير متوفر بها الإضاءة ، مؤكدا على أنه تمت محاسبة المسئول عن هذه الصورة غير اللائقة ، ومع أنه أكد على أن الوزارة وكل المسئولين أعربوا عن أسفهم لما حدث من مظهر غير حضاري ، وأن لجنة أثرية أقرت بعدم المساس بجسم الهرم ، إلا أنه يستخف بعقولنا حين قال أن ما تم طال فقط القشرة (الإسمنتية) التي إستخدمت منذ عشرات السنين ، ولاأعرف أى منطق هذا يتحدث به مسئول بهذا المستوى الرفيع .
ضربت كفا بكف ، وقلت يامثبت العقل والدين وذلك تأثرا بهذا النهج البغيض الذى إنتهجته وزارة السياحه والآثار والقائم على التخوين ، والإرهاب بغية إخراص الجميع ، وتحذيرهم من الحديث عن أى خلل ، ويكونوا قطعانا من النعاج ، حيث طالبت الوزارة المبجله مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي بتحري الدقة قبل تداول أي معلومات غير صحيحة على حد قولهم قد تؤدي إلى إثارة البلبلة والرأي العام ، بحسب البيان الذي صدر عن الوزارة ، رغم أنها إعترفت بإرتكاب تلك الجريمه إلا أنها أكدت على إلتزامها الكامل بحماية وصيانة التراث الأثري والحضاري لمصر ، لاأشكك فى هذا الهدف النبيل الذى أكدت عليه الوزاره إلا أننى أسأل أسئله مشروعه وبمنتهى الإحترام والتقدير والتوقير لشخوص قادتها الأكارم ، ألم يكن من الأفضل البحث عن طريقه تكنولوجيه متطوره لتنفيذ مشروعهم فى الإناره ولو عبر الطاقه الشمسيه أفضل من تلك الطريقه البدائيه المستفزه ، أين الخبراء ، أين أساتذة كلية الهندسة قسم كهرباء لتنفيذ ذلك بصورة حضاريه تكنولوجيه متطوره ، قولوا لى أننى لاأفهم ، أو إقنعونى أن ماأقول به خارج سياق المنطق والعقل ، ألم يكن من الأفضل ألا نرى هذا المظهر الدراماتيكى المؤلم الذى حدد معالمه ، كابل كهرباء ، وتوصيلة سلك ، يتم الحفر لهم فى جسم الهرم ” بالأجنه والشاكوش ، وسائحين متعجبين من المظهر الذى أساء كثيرا بحق لنا وبالتأكيد يضر بالسياحه ، ولاأعرف ماذا أقول غير لكى الله يامصر .
خلاصة القول .. لاعذر اليوم لمرتكبى هذا العمل الشنيع ومهما قيل من مبررات لايمكن القبول بعدم محاسبة كل من إرتكب تلك الجريمة أو تستر عليها من المسئولين الكبار فى القلب منهم صاحب المعالى الوزير أو عمال بسطاء ينفذون التعليمات ، لأن الأمر يتعلق بتراثنا الذى يتعرض للطمس . يقينا هناك تقصير من الجميع من يشغل موقع رفيع له علاقة بالهرم حتى أحدث موظف أو عامل فى المكان . فى كل العالم يحافظون على تراثهم وهويتهم وٱثارهم إلا فى مصر ، أتذكر حيث كنت فى مهمه صحفيه ببرلين عاصمة ألمانيا وهناك قمت بزيارة متحف برلين وإكتشفت أنه يضم قطع أثريه من وطننا الغالى ، ورأيت عنايه غير مسبوقة للحفاظ عليها ، وعدم الإقتراب منها ولو باللمس ، وتنبيه الأمن المحيط بالقطع الأثريه لايتوقف كل الوقت ، يبقى أنه ليس حلا أن نغض الطرف لعدم احداث بلبله إنما الحل تحقيق الشفافيه والاعتراف بالخطأ وتصويبه على وجه السرعه ومعاقبة كل المخطئين .