الموت حق لكن الفراق صعب في زمن أصبح كل منا فيه بحاجه لمن يجبر بخاطره ، ويحتوى نفسه ، ويطبطب على كيانه ، ندور في فلك الصراعات ، وينتابنا الخوف من البشر ، وننشغل بضبط إيقاع الحياه وإستحضار السعاده إنطلاقا من المأكل والملبس ، كثيرا أنتبه لما هو آت خاصة مفارقة تلك الحياه ، إما تأثرا بالبزخ الغير معقول أو مفهوم أو مبرر فيما يتم من صخب بالحفلات ، ودائما أقول الحمد لله أننى من أبناء الطبقه المتوسطه التي باتت معدمه ، لذا عصمنا الله من الذلل ، وجعلنا من الفئات التي لاتستطيع الإقتراب من تلك الأجواء ، وتنسى العباد ورب العباد ، يتعاظم ذلك عند رحيل الأحباب الذى يزلزل الكيان ، ورغم إدراكى أنها سنة الحياه كتبها رب العالمين على كل البشر لكنه الفراق الصعب في هذا العالم الموحش .
بالأمس سيطر على كيانى التفكير تناغما مع تلك المعانى وتأثرا بتلك الأجواء ، حيث عزاء الطفل حمزه عامر الذى أكرمنى الله بمتابعته بالمستشفى لحظه بلحظه منذ أيام حتى لقى رب كريم أكرم عليه من كل البشر ، وتعايشت مع الإنسان الذى بداخلى متأثرا بهلع الأب على إبنه الذى أنجبه بعد شوق لكنه عطية رب العالمين يأخذها متى يشاء ويريد ، ولأن الأب يدرك ذلك أنزل الله عليه السكينه والطمأنينه ، وحفظه من الإنهيار ، وفور خروجى من العزاء تلقيت خبر رحيل أخى وحبيبى وصديقى عبدالحميد النجار ، الخبر الذى أدمى قلبى وزلزل كيانى ، وجعلنى أكاد أتعجب من أحوال البشر المتكالبين على الحياه ، حقا إنها الحياة الدنيا .
بكيت في جنازة أخى وصديقى المحترم عبدالحميد النجار وكذلك كل الأحباب ، وكيف لاأبكى رجلا بات من النوادر في هذا الزمان ، خلوق ، محترم ، معطاء ، طيب النفس ، كريم الخلق ، كان شمعه مضيئه وليس له خصومه مع أحد ، أو يتناول أحدا بسوء ، كثيرا إلتقينا وتحدثنا وإبتسمنا ، وكثيرا ما كان يؤثرنى بكريم خلقه وطيب نفسه ، كان كله خير ، لذا إحتل مكانه رفيعه في قلوب من عرفه ومن سمع عنه ولم يلتقيه إستشعرت الحزن الذى طال كل محبيه ، ودعوات الجميع له بالرحمه والمغفره ، حتى أننى قلت ماالذى بينك وبين الله أخى عبد الحميد لأرى هذا الإخلاص في الدعاء لدى جميع الحضور ، وهذا الحزن الذى خيم على الجميع .
سيظل الحبيب الغالى عبدالحميد النجار إبن قرية كفرسالم مركز بسيون الكرام أهلها في وجدان كل أبناء بسيون البندر ، والمركز ، والقرى ، والكفور، والعزب ، وسيظل صاحب مدرسة تطويع العطاء السياسى والحزبى لخدمة الناس ، ومساعدة الفقراء ، والتخفيف عن المرضى ، والإنطلاق لما فيه الخير للبلاد والعباد . وداعا النبيل عبدالحميد النجار حتى نلقاك ، ولانقول إلا مايرضى ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون .