حوار : دعاء مصطفي
هل تأخرت مصر فى تدشين الحوار الوطنى؟
على مدار الأعوام الماضية أتخذت القيادة السياسية خطوات تأهيلية لتجهيز أرضية ينطلق منها الحوار الوطنى، وكانت بداية الخطوات فى إنهاء المشهد السياسى المبعثر الذى كان قائماً على الصراع وبناء التخطيط للملعب السياسى الذى بدأ من مؤتمرات الشباب ثم تدشين تنسيقية شباب الأحزاب السياسيين، وخروج بعض التشريعات الهامة، فضلاً عن قرارات الإفراج عن المعتقلين والمحبوسين التى كانت نقطة سياسية هامة، وصولاً إلى تدشين الحوار الوطنى الذى نجح فى ترشيد الخطاب السياسى سواء على مستوى المعارضة أو القوى الموالية.
كيف تغير شكل الحياة السياسية فى مصر بعد الحوار الوطنى؟
هناك تغيرات عملاقه طرأت تضاهى التغيرات التاريخية التى حدثت فى عهد الوالي “محمد على”، والتغيرات فى عهد الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر” على الرغم من عدم أكتمال مشروعه، إلا أن ما تشهده مصر بعد 2011 تغير كبير وتاريخى فى كل الميادين، وفيما يتعلق بالشأن السياسى، فهناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية بتواجد المعارضة لتؤدى دورا رقابيا ووطنيا هاما فى القضايا الهامة والأتفاق على أهداف إستراتيجية وطنية، فقد بات الحوار بديلًا عن الصراع، لأنه قد أفرز آراءً متعددة أنتهت بإتفاق كبير بين المعارضة والقيادة السياسية فى مختلف الأزمات.
كيف أستفادت القوى السياسية والحزبية من الحوار الوطنى؟
الحوار الوطنى أفرز قوى سياسية جديدة ونجح فى كشف الكثير من القوى المزيفة وإنهاء مشوارها السياسى بعد ما أكتشفنا أنها لا تملك محتوى سياسيا قادرا على مواكبة القوى الأخرى والتعاطى مع الشارع المصرى، بجانب إقصاء القوى التى كانت تملك أجندة خارجية وأغراضا غير وطنية، فقد منح الفرصة للقوى الحزبية الوطنية التى تملك كوادر ومحتوى قادر على التعبير عن الشارع المصرى فى القضايا الشائكة.
إذا انتقلنا للحكومة الجديدة.. ما أهم تحد أمام الحكومة الجديدة؟
الحكومة الجديدة طلت علينا بشكل جديد؛ أول مرة نجد برنامجا ذات محاور محددة وأهداف مدروسة وبخطة زمنية دقيقة، وأيضًا نجد هذا التفاعل بين البرلمان والحكومة فى دراسة البرنامج وتحديد نقاط الضعف والتعديلات الواجب إجراؤها، فالحكومة تحترم الرأى العام والبرلمان والقوى السياسية، وتلتزم ببرنامج أسبوعى يطل خلاله رئيس الوزراء على الرأى العام لمناقشة ما حدث من البرنامج بصورة مستمرة قائمة على الشفافية والتشاركية .
كيف ترى جلسة مجلس النواب التاريخية بشأن التصويت على برنامج الحكومة؟
الجلسة رسمت الدور الرقابى الحقيقى للبرلمان، وبرهنت على جديته من جهة وجدية الحكومة والقوى السياسية، فقد أظهرت هذه الجلسة أننا أمام برلمان واع على دراية بالبرنامج ومحاوره المختلفة، كما كشفت الجلسات النقاشية التى تمت بحضور التشكيل الوزارى بالكامل قدرة البرلمان على التشارك والمناقشة الجادة التى تصب فى مصلحة المواطنين.
كيف ترى شكل العلاقة الراهنة بين القوى السياسية والحكومة؟
علاقة قائمة على النضج السياسى فالجميع يدرك دوره، وأصبحنا ننتقل من مرحلة الفوضى والصراع إلى مرحلة النضج والرقابة، فى علاقة قائمة على أحترام المواطن، فقد تغيرت نظرة الحكومة بعد الحوار الوطنى للقوى السياسية لأنها فوجئت أن هذه القوى تملك قدرة كبيرة على تقديم التوصيات الهامة فى الملفات الصعبة، ومن هنا تغيرت تلك النظرة من قوى مبعثرة إلى قوى سياسية ناضجة قادرة على التعبير عن الرأى العام، وتغيرت تلك النظرة بين الحكومة والبرلمان، الذى بات يقوم بدوره الرقابى بشكل من الجدية والدقة.
أخيراً .. ماهي عوامل نجاح الحكومة الجديدة فى برنامجها الراهن؟
على الحكومة أن تدرك أنها ليست مالك الحقيقة ولا يجب أن تكون بمعزل عن الرأى العام ولا بد أن تعيد ترتيب أولوياتها وفقًا لرغبات الشارع المصري، وألا تخرج علينا بخطابات مستفزة، وتتجنب التورط مع الشارع المصري فى الملفات الإستراتيجية مثل ملف الأسعار والدواء وملف الكهرباء، ولا بد أن يكون هناك قياس للرأى العام وإحترام رغباته مع وجود خطاب سياسى متزن، ففى الحكومة السابقة كان هناك تجاهل تام للحديث عن الإنجازات التى تقوم بها الحكومة الماضية فالشارع لا يدرك حجم النهضة التى حدثت السنوات الماضية التي كان لابد أن هذه الإنجازات يسليط الضوء عليها، وهذا ما يظهر أهمية الخطاب الإعلامى والترويج لحجم المشروعات التنموية فى مختلف المجالات حتى يشعر المواطن بحجم المجهود المبذول.