دائما نهاية الأسبوع أخلد إلى نفسى ، وأتعايش مع ذاتى ، وأستحضر ماضى جميل عايشت كل تفاصيله ، كيانا وأشخاص ، أملا في أن يدرك كل الناس أن الدنيا بخير ، وأبدا لايمكن أن نفقد فيها المعانى الطيبه ، أو يغادر عن عالمنا الكرام من الناس ، ماأحوجنا أن نعيش في كنفهم ولو بعضا من الوقت ، أو نستحضر من خلالهم الذكريات .. ماأحوجنا أن نستحضر من أعماقنا المحبه الصادقه ، والأخوه الحقه ، والقيم النبيله ، والأخلاق الحميده ، يتعاظم ذلك كله إذا كان إستحضار ذلك من خلال أشخاص رحلوا عن عالمنا ، أو تحللوا من تبعات المنصب بعد أن أدوا واجبهم على أكمل وجه ، هنا يتأكد المعنى الجميل أنه لانفاق فيما يقال ، ولامجامله فيما يطرح ، بل إنصاف مستحق ، وغاية نبيله تكمن في طمأنة النفس أن الدنيا بخير .
جاءنى في منامى مبتهجا ، متهللا ، سعيدا وهو يسيرقادما ، يحمل لى بشرى طيبه ، حيث كنت أجلس في أجواء طيبه ، إحتضننى وأخذ يبشرنى أن الشوق يأخذنا لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كنا رفقة في أداء فريضة الحج . منذ أن إستيقظت وأنا تغمرنى السعاده بهذه الرؤيه الطيبه ، لأن من أعنيه رجل إستراحت له النفس منذ سنوات طوال حيث رسخ لدى بعض جوانب الخير ، وأدركت بصحبته كيف تكون الشهامه ، ومعنى الإنصاف ، فهاتفته سعيدا فرحا ، حفظه الله بحفظه ، سعد كثيرا بما قصصته عليه ، وسعدت كثيرا أيضا ، رغم أننى أرى فيما كنت فيه من سعاده من الطبيعى لأننى أحببته بصدق ، وكيف لاأحبه وهو المنصف الشريف ، طاهر اليد ، عف اللسان ، قوى الحجه والبيان ، لذا تعمقت المحبه منذ أن إلتقينا ، وتقاربنا ، وهى بفضل الله صادقه صدق اليقين بالوجود ، لذا ظلت حتى كتابة تلك السطور ، وستظل بإذن الله تعالى حتى أرحل عن هذا العالم ، فهو رمز وقيمه وقامه منذ عرفته وهو عقيد وحتى برتبة لواء مساعد أول وزير الداخليه ومتحدثا رسميا بها ، وحتى اليوم بفضل الله تعالى ، كنت أشعر بالأمان عند مرورى بجوار مبنى وزارة الداخليه ومباحث أمن الدوله بلاظوغلى لأنه بداخلها ، ولأنه منصف لم يكتب الله تعالى له إنكسارا عند تعرضه للظلم وهو مساعدا أول لوزير الداخليه ، لأكتب وأغرد وأقول أثناء تمسكه بحق العوده للخدمه حتى أنصفه القضاء فعاد اللواء طارق عطيه مرفوع الرأس شامخا ، ليظل الرجل الثانى بوزارة الداخليه حتى أتم الستون عاما . ليستقر اليقين أن بينه وبين الله تعالى سرا يتعلق بصنائع المعروف التي تقى مصارع السوء ، لذا لم يكتب عليه سبحانه وتعالى إنكسارا .
ذات يوم كتبت مقالا شهيرا فى عمودى الأسبوعى بالجمهوريه ” حكاية شعب ” والذى كان بعنوان ، لاوفقكم الله أيها الظالمين ، وذلك عقب زيارتى له بإتحاد الشرطه الرياضى عندما نقلوه إليه من جهاز أمن الدوله قبل إحالته للمعاش تعسفا ، فقد أرادوا له بذلك إنكسارا ، وذلك برفقة صديقى العزيز الحاج أحمد القفاص إبن بلدتى بسيون رحمه الله ، والذى قال لى يومها أن هذا الرجل عظيم ومقابلته طيبه ، ثم قلت بحقه شهادة للتاريخ وهى شهادة حق ، وذلك فى محفل ضم كثر من الذين في تقديرى فقدوا القدره على الفهم الصحيح ، لامنى من فيه من الحضور لتمسكى بالزود عنه ، والكتابه بحقه سلسلة مقالات بجريدة الجمهوريه فى عمودى الأسبوعى ” حكاية شعب ” ، مؤكدا أن رجلا شاركته خدمة بسطاء الحجاج وفقرائهم كأعضاء فى فريق واحد بالبعثه الرسميه للحج لايمكن أن يخذله الله أبدا ، فكانت السخريه من كلامى ، لكن بفضل الله تحقق ماتوقعته وعاد شامخا ليظل فتره طويله الرجل الثانى بوزارة الداخليه بعد محاولة تحطيمه ، وقلت لمن قابلتهم فى هذه الجلسه بعد إنصافه في شموخ ماسبق وأن قلته لهم ” رجل شاركته خدمة بسطاء الحجاج وفقرائهم لايمكن أن يخذله الله أبدا ” فكانت الإجابه الصمت من ناحيتهم ، والسعاده لتوفيق الله تعالى لى بالثبات على الحق .
خلاصة القول .. مرارا وتكرارا وكل الوقت أقول بصدق .. أخى الحبيب وصديقى العزيز اللواء طارق عطيه من لايعرفه يكون فقد فى الحياه كثيرا من النبلاء ، وغاب عنه من لديهم الشهامه ، ويتحلون بالشرف ، ويتجسد فيهم الإحترام ، فهو رجل بألف رجل ، ولإدراكى كرئيسا لقسم الحوادث والقضايا بجريدة الوفد في فترة من فترات تخصصى الصحفى ، ومحررا لشئون وزارة الداخليه قيمة ماقدمه للوطن وعظيم عطائه ، تمنيت أن يتم التحفظ عليه فى مكان آمن حبا فى هذا الوطن ليدرب ويعلم أجيالا متعاقبه بالأمن خاصة بجهاز الأمن الوطنى بوصفه أحد عمالقته ومفكريه ، لأن مالديه من خبره يجب الإستفاده منها فى خدمة الوطن الغالى ، وحمايته مما يحاك له من مكائد ودسائس . تحية إلى اللواء طارق عطيه أخى وحبيبى وصديقى نموذجا في هذا الوطن الغالى .