لامزايده على الوطن الغالى ، فهو في أعماق القلب ، وفى رحابه نسعى لأن ننعم بالخيرات ، ونشعر بالأمان ، وسيظل هذا المبتغى هدفا وغايه حتى يوارى الجسد التراب وفق مقدور الله تعالى رب العالمين سبحانه ، لذا سأظل أقول عن قناعه أن هذا الوطن الغالى سنظل نرفع رايته كمصريين حتى نلقى الله تعالى ، ومن يسعى لتنكيس رايته خائن ، ولن يسمح له شرفاء الوطن وهم كثر بفضل الله ، مواطنين بسطاء قبل مسئولين كبار ، وفقراء قبل الأغنياء .وسأظل أقول الصدق ، وأنشد الحق ، زاهدا في الحياه ذاتها بعد أن عشت حلوها وتذوقت مرارتها عبر سنين عمرى ، مترفعا عن المناصب بعد أن وصلت لأعلاها في الصحافه ، وحتى مجتمعيا نائبا بالبرلمان عن شعب مصر بإراده شعبيه حقيقيه فرضت نفسها وبقوه متصديه لأى عبث يحول بينى وبين شرف تمثيل الأمه ، رافضا الآن المشاركه السياسيه بعد رحيل العظماء من أساتذتى الأجلاء .
لترسيخ ذلك وتأكيده يتعين أن نعمق الإخلاص ، وننشد المحبه ، ونقول الحق ممزوجا بإحترام وبلا مزايده ، خاصة وأن لدينا إشكاليه حقيقيه تتعلق بنمط سلوك البعض الذين شوهوا الشخصيه المصريه ، وعمقوا فقدان الثقه بين الناس ، وفرضوا قيما مغلوطه ، وأحوالا مقلوبه ، وأوضاعا متناقضه ، بل إنهم فرضوا واقعا يشهد تردى غير مسبوق ، وإزدواجيه في المعايير طالت الجميع بلا إستثناء ، الساسه قبل المسئولين ، جعلتنى أكاد أعتزل الناس وأبكى على مامضى من عمر قضيته في دروب السياسه منذ أن كنت طالبا كأحد قيادات الحركة الطلابيه في السبعينات ، وإنتهت بشرف تمثيل الأمه في البرلمان ، مرورا بتاريخ طويل بالمعارضه المصريه الشريفه والنظيفه حيث الوفد في زمن الشموخ ، وذلك على مدى أربعين عاما إقتربت فيها من عظماء ، وساسه كبار ، ورموز في القلب منهم زعيمى وزعيم الوفد فؤاد باشا سراج الدين ، وإنتهى بساسه كيوت ، وحياه سياسيه بغيضه تتسم بالمكائد ، وممارسة حزبيه بات من فيها محل إتهام وغمز ولمز إذا فكر أن يكون له رؤيه ، بالمجمل أصبحنا نعيش واقع سياسى مسخ بلا قيمه .
لعل مرجع هذا الوضع المأساوى رحيل العظماء ، وإنحدار الأجيال السياسيه حتى أنهم باتوا منطلق زهد كل المخلصين من الساسه في الممارسه السياسيه ، حتى أن بعض الرائعين إلتزموا بيوتهم رافضين حتى متابعة مايحدث بعد أن إتسم الأداء العام بالهزل ، المؤلم أن بعض من ساهموا في إنحدار المشهد السياسى بعض من كانوا ينتمون مثلى لخندق المعارضه الوطنيه مابين ناصريين لإشتراكيين مرورا بليبراليين ، وإنطلاقا أحيانا من فكر دينى سلفى كان أو إخوانى وكنت أسمع منهم كلمات أعظم من الشعارات ، أهمها الطبقه الكادحه ، ومحدودى الدخل ، وتطبيق الشريعه وتحقيق العداله وكنت أصدقهم لأنهم كانوا محل ثقه إنبهارا بمفردات كلماتهم ، بل إننى ظننت أن لديهم رؤيه للنهوض بالوطن لكنهم عندما أتيحت الفرصه للبعض منهم ليحكموا كانت أخطائهم فادحه فى تعظيم للولاء قبل الخبره ، والٱخرين الذين عندما إقتربوا كمشاركين للمسئولين في بعض القطاعات ، ولو على سبيل التقدير الشخصى ، وأتيحت لهم الفرصه للوصول للبرلمان ، أجدهم يغادرون أحياء الطبقه الكادحه ، وينتقلون إلى الأحياء الراقيه ليعيشوا في القصور مع من سبق وأن وجهوا إليهم جام غضبهم بسبب الرفاهيه ، ويتركون السياره 128، والتنطيط في الأتوبيسات ، ويركبون أفخم ماركات السيارات ، بل إن أحد رؤساء تلك الأحزاب الإشتراكيه ، عندما توفى إكتشفوا أنه توفى أثناء وجوده في حمام الجاكوزى بشقته والذى تمثل قمة الرفاهيه ، بل إنهم باتوا يقولون بماكانوا يعيبون قوله على المسئولين ورموز الحزب الحاكم فيما مضى الذين كان لدى البعض منهم مصداقيه أفضل منهم بكثير لكنه التشويه الذى يطول كل من بالسلطه إنطلاقا من هذا النهج البغيض الموروث ، وكانوا فى الماضى يتغنون بالديمقراطيه ثم إنقلبوا عليها إنقلابا بشعا عندما باتو أصحاب قرار وجلسوا في المكاتب المكيفه ، بل إنهم أفهونا أن كلا منهم نصيرا للفقراء ، وعونا للمحتاجين ، ومنحازا للعدالة الإجتماعية ، ونبعا لحرية التعبير ، وأكثر الداعمين للشفافيه ، ثم إذا بهم يسعون للترشح في قائمة السلطه لينعموا بعضوية البرلمان بلا عناء ولتذهب المبادئ للجحيم .
كل هؤلاء أفسدوا المناخ السياسى العام ، وجعلوا للواقع السياسى منطلقات جديده تقوم على أن من له رأى مغاير لأى مسئول كائنا من كانت حدود مسئولياته يكون خائنا للوطن ، ويستحق الزجر والخروج من ملة الإسلام ، ولاضير فى ذلك فى تقديرى شريطة أن يكون هؤلاء المسئولين ملائكه منزلين بالوحى ، أو رسل مكلفين من رب العالمين سبحانه لذا طاعتهم واجبه ، أما وأنهم بشر ينامون مثلنا ، ويدخلون الحمام مثلنا ، ويجوعون مثلنا ، وسيموتون مثلنا ، فهم بشر حتى ولو كانوا ينامون على حرير ، ويدخلون حمامات بالرخام ، ويأكلون طعاما من أوروبا ، لذا فهم ليسوا فوق النقد ، وأن رأيهم يؤخذ منه ويرد ، وأن ظاهرة التسبيح بحمدهم خطيئه كبرى ، من أجل ذلك كان من الأهميه أن يدرك كل مسئول أنه ليس فوق مستوي النقد ، وأن الرأي الآخر ليس خطيئه بل هو منطلق بناء حقيقى للنهوض بالوطن طالما كان فى إطار من الموضوعيه والإحترام والحجه والبيان . وخطورة الطبقيه البغيضه على مكونات المجتمع ، وحتمية تغيير الواقع المرير بأن إبن البيه بيه حتى ولو كان فاشلا في التعليم وحصل على الليسانس دور ثانى ، وإبن الشعب من الرعاه حتى ولو كان حاصلا على أعلى الدرجات .
تبقى الحقيقه اليقينيه الراسخه في وجدانى ، والتي أراها منطلق خلاصة طرحى لهذا الواقع بالأمانه والصدق إنطلاقا من مسيرتى السياسيه والتي مؤداها أن هذا الوطن لن يبني إلا بكل أبنائه بلا إستثناء ، والحرص على تطبيق الدستور والقانون على الجميع بلا إستثناء ، وعدم العبث بهما تحت أي زعم ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بلا إستثناء أيضا ، وأهمية الإنتباه للرأي الآخر الذى يبتغى مصلحة الوطن ، والبناء عليه طالما إنطلق من حجيه يقينيه ، وليس تسفيهه ، وقهره ، لأن من يمتلك رؤية موضوعيه ، يستطيع المساهمه في الخروج من المأزق المجتمعى والإقتصادى الصعب ، فهل هناك من ينتبه لما طرحته أم أنه سيظل في ذاكرة التاريخ يدرك مضامينه لاحقا الأجيال القادمه ، ويتفاعلون مع عظم ماطرحت ، وقيمة ماكتبت .. هذا حديث الصدق لمن هم في خريف العمرمثلى فهل ينتبه لخطورة مضامينه أصحاب القرار . على أية حال يكفينى شرف المحاوله في قراءة المشهد بشفافيه بغية الإصلاح ، والحرص على أن يكون لى رؤيه تصب في صالح الوطن الغالى بلا غرض ولاهوى . ويبقى الأمر لله من قبل ومن بعد .