كثيرا يطالبنى الشباب أن أتناول الشأن السياسى وذلك كلما توقفت معرجا على الأحداث الجاريه ، رغم أننى لم أعد أتحمس لذلك رغم تخصصى الصحفى في الشئون السياسيه والبرلمانيه والحزبيه ، ولعل هذا المطلب الملح يمنحنى فرصه لطرح خبرة سنين العمر التى عايشت فيها السياسه من العمق منذ أن وطأت قدماى بلاط صاحبة الجلاله الصحافه قبل أربعين عاما مضت ، يضاف إلى ذلك أنه عبر مسيرة حياتى المهنيه كصحفى والسياسيه كوفدى والبرلمانيه كنائب بالبرلمان عايشت أحداثا كثيره ، ورصدت وقائع متعدده ، وإقتربت من الكبار من جيل العظماء ، جعلتنى كأحد أبناء جيلى شاهدا على العصر خاصه بعد تغير الأنظمه وما لحق بمتصدرى مشهدها من عنت ، وتشويه ، ورحيل بعضهم عن الحياه ، والآخرين عن واقع المجتمع ، ومع ذلك مازلت بفضل الله على تواصل معهم ، إنتهت بما أدركته من تلك الحالة من الهزل التى طالت الجميع الآن ، ساسه وحتى مواطنين ، وتنامى اللامعقول واللامفهوم ، وخشية أن أوضع فى علامة إستفهام قد لاأتحملها نفسيا تأثرا باليقين بأن هناك إتجاه يتبناه البعض من صغار الساسه يقوم على السير بالوطن بسرعه إلى تعميق اللامفهوم ، أو أن يطولنى مايؤلمنى على المستوى النفسى ، أو المجتمعى بعد كل هذا العمر الذى قضيت منه أربعين عاما فى كنف السياسه والصحافه ، وصبيا فى مرحلة التعليم الإعدادى والثانوى فى دروب الإتحادات الطلابيه ، حتى كنت أحد قادتها فى السبعينات .
معارضه شديده لنهج الإنزواء الذى كنت قد قررت أن أنتهجه ، والكتابه في اللوبيا والفاصوليا والباذنجان رغم أننى كاتب متخصص بعد أن إنحدرت السياسه ، وتقزم الساسه ، وإفتقدنا من واقع الحياه الكبار ، والقامات ، والعظماء ، وأصحاب الرؤيه العاقله ، والمتزنه ، جميعهم أصحاب تاريخ مشرف فى هذا الوطن الغالى ، كل فى مجاله كان رمز وقيمه ومازالوا بفضل الله تاجا على الرؤوس ، حتى وإن إبتعدوا عن صدارة المشهد الذى ظلوا يتصدرونه سنوات طوال ، وذلك طبقا لطبيعة الحياه وتواصل الأجيال ، كثر منهم كلما إلتقيتهم مناقشا أجدهم يرفضون مسلكى لأننى صاحب قلم لايجب أن يتوقف عن الكتابه ، وترك الآخرين من الصحفيين يطرحون الهزل ، الأمر الذى دفعنى إلى إعادة النظر والتفكير ، وطرح القضايا الوطنيه إنطلاقا من رؤيه وطنيه خالصه ، متجردا من أى هوى ، أو قناعه حزبيه أنتمى إليها ، عبر خبرة السنين ومعايشة الأحداث ، وكذلك إدراك تفاعل عظماء من قادة الأجهزه الأمنيه الذين أعرف تاريخهم المشرف جيدا مع الواقع فى محاوله منهم لترسيخ القيم ، والثوابت الحياتيه حسبة لله تعالى والوطن .
تأثرا بذلك ترسخ لدى اليقين إلى أهمية أن نجتهد جميعا فى طرح القضايا بضمير وطنى ، إنطلاقا من أن الصمت كما قال الكرام ، وأصحاب التجارب والتاريخ جريمه لأنه يساهم فى طمس معالم الكثير من الحقائق ، ولايساهم فى إنصاف عظماء كثر أعطوا لهذا الوطن ، ومع ذلك نالهم مانالهم من التشويه ، ولكى يتحقق ذلك لابد أن نسمع صوت العقلاء من القاده موضحين ، ومقدرين هذا النهج ، الذى أرى إنطلاقا من ذلك أنه من الأفضل طرح الرؤيه بإحترام شديد ، وحرفيه منضبطه ، وشفافيه لاتدفع للخطر ، ولاضير أن يدور حولها نقاش طالما كان منطلقها الحجه والبيان ، وتنطلق من موضوعيه حقيقيه ، وقطعا سيقبل من يطرح الرؤيه التصويب أو التعديل ، بل وسيسعده التأكيد عليها وتبنيها .
أتصور أن هذا النهج أفضل ألف مره من مصادرة هذا الرأى بما فيه من تحفظات ، فيعتقد من يطرحه أنه شديد الصواب ، فيتمسك بطرحه ، ويتبنى مضامينه ولو من خلف ستار ، وهنا يكمن الخطر ، لكن كل ذلك يصطدم بضبابيه أصبحت هى المحدد الوحيد لمعالم ماهو قادم خاصه بعد رحيل كثر من العقلاء والفاعلين ، كيف ؟.. تابعونى .