كتب : محمد ربيع – غادة كامل
لعقود طويلة حافظت صناعة الأثاث والموبيليا في محافظة الغربية ، وخاصة في قرية كتامه التابعة لمركز بسيون ، على مكانتها كمكون تراثي رغم معاناتها ظروفًا قاسيةً للبقاء، يبدو أن آخر حلقاتها هي انتشار جائحة كورونا مؤخرًا، والتي تركت آثارها على صناعة الموبيليا أيضًا.
إبراهيم سالم ، صاحب معرض المماليك للأثاث ، يوضح لصوت الشعب نيوز أن حركة بيع المنتجات منعدمة تمامًا منذ شهرين، ولكن قبل ذلك كنا نبيع منتجاتنا إما لزوار القرية الذين يقصدون الورش يوميًا، وكانوا يتوافدون بكثرة على قرية كتامه، أو إلى أصحاب المعارض من القاهرة وبعض المحافظات الأخرى والذين يأتون لأخذ ما يتناسب وأذواق زبائنهم، من غرف نوم ، أو يطلبون طلبيات بعينها تقوم الورش بتنفيذها خلال فترة محددة” ما أنعش الصناعة التي كاد أن يلتهمها الركود لتتحول كتامه إلى أهم مكان صناعي ريفي بالغربية.
يشرح شريف ابو حطب تفاصيل أكثر عن أثر الجائحة قائلًا “كان يأتي إلينا المواطنين من كل مكان لشراء منتجاتنا ، خاصة وأن منتجاتنا تتمتع بجودة عالية لصنعها من أجود انواع الخشب وذلك قبل اجتياح الوباء فتوجد ورش متوقفة عن العمل تماماوأخرى على وشك والجزء الذي ما زال يعمل “يعمل فقط، حتى تنفد الخامات الموجودة لديه وسوف يتوقف أيضًا في خلال أيام أو أسابيع قليلة إذا لم تعد حركة البيع للانتعاش مرة أخرى”.
ويؤكد ربيع فضل أن أصحاب الورش والعاملين في المجال لم يتلقوا أي دعم حكومي على خلفية الأزمة التي تهدد هذه الصناعة ، مواصلًا حديثه “لا شيء قُدّم لأصحاب الورش من العمالة اليومية في كتامه من المسؤولين لا في الأزمة ولا قبلها، رغم الزيارات المتكررة للسادة المسئولين للقرية من الوزراء ومسؤولي المحافظة، حتى مشروع إنشاء مدينة صناعية والذي تم تخصيص قطعة أرض له كان متوقفا حتي أُسند اخيرا للجهات السيادية بالدولة ونأمل أن يتم العمل فيه حفاظا علي الصناعة من الانقراض.
ويقول شوقي بدران ، صاحب إحدى ورش النجارة بقرية كتامه إن ” معظم الورش توقفت عن العمل بشكل تام، عندما تمر عليها الآن ستجدها مغلقة، العمال والذين يعولون مئات الأسر صاروا بلا عمل منذ ثلاثة أشهر” مشيرًا إلى وجود مخزون كبير لديهم لا يمكنهم تصريفه.
“تأثير مميت”، بهذه الجملة القصيرة، قاطعنا كريم اسماعيل، قبل أن نكمل سؤالنا، مضيفًا “منذ ثلاثة أشهر لم يدخل زائر واحد للورشة، وليست فقط ورشتي التي تعاني من كورونا، لكن جميع الورش بالقرية، حزنت اليوم عندما مررت على الورش ورأيت على كل ورشة سلسلة كأنها محبوسة”.
ويشير كريم إلى أن بعض الورش لا زالت تعمل ولكن بطاقة ضعيفة ، لكن البيع توقف تمامًا، فلا زيارات من مشترين كما كان يحدث سابقًا.
من جانبه قال شرف الحوفي رئيس الوحدة المحلية لقرية كتامه “نتفهم جيدًا حجم الأزمة التي يمر بها صناع الاثاث بالقرية ، نتيجة لتداعيات كورونا، ونحاول عمل ما في وسعنا، نقوم بمحاولات لترويج المنتجات تحت إشراف أعضاء من الغرفة التجارية لجذب المستهلك المحلي، وإيضاح طرق توصيل المنتجات لراغبي الشراء”.
واشار الحوفي إلى أن “هناك ورش تضررت بنسبة 100%، ونحن لا يمكن أن ننكر هذا، لكننا لا نرى حلًا سوى عودة الحياة لطبيعتها تدريجيًا، وسوف نسعى بعد ذلك للتوجه للسوق المحلي لإنعاش هذه الصناعة التراثية الهامة، خلال الفترة المقبلة، نظرًا لما سيشهده العالم من تداعيات أزمة كورونا”
يذكر ان الدكتور طارق رحمي، محافظ الغربية قام منذ شهور بجولة ميدانية بقرية كتامة ببسيون التي تشتهر بصناعة الأثاث ومشتملاته للوقوف على الاحتياجات الفعلية للقرية، والعمل على توفيرها من خلال التنسيق مع الجهات المعنية وتحويلها إلى قرية منتجة نموذجية.
حيث تفقد خلال الجولة عدد من المعارض ومخازن الأخشاب وورش التصنيع، مؤكداً أنه سيتم تنظيم معارض بطنطا والمحلة الكبرى تضم جميع منتجات القرى المنتجة بالمحافظة لتحسين الفرص التسويقية وتنشيط التجارة الداخلية بالمحافظة.
وخلال تلك الجولة أشار محافظ الغربية إلى أن أعمال تحويل القرية إلى “نموذجية منتجة” تتضمن الانتهاء من جميع أعمال البنية التحتية (صرف صحي – مياه شرب – كهرباء)، إضافة إلى رصف الشوارع والطرق الرئيسية وتحديث شبكة الإنارة العامة بالشوارع، مكلفاً بسرعة الانتهاء من الدراسة الميدانية للقرية لتحديد احتياجاتها.