يقينا .. كثيرا أتعايش مع جلال الموت وأتعجب من أحوال البشر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلـم :
#الكاتب_الصحفى
#النائب_محمود_الشاذلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعه يوم كريم من أيام الله تعالى وفيه أخلد إلى نفسى ، وأنتزعها من ذاتى ، وأدفع بها للمقابر قبل أن تغوص في أعماق واقعنا المتردى ، ومغريات الحياه ، ويطيب لى أن أخاطب وجدانى ، مستحضرا البشر الذين تاهوا في الحياه ، واخذتهم الصراعات ، حتى أكاد أقول ياأيها البشر مالكم كيف تتناطحون ، وتتصارعون ، ويفترى بعضكم على بعض ، ويتجبر بعضكم على بعض ، وأنتم هكذا سيوارى أجسادكم التراب ، وستضعون فى قبر ، وفى عزله وسيترككم الأحباب ويغادرون المقابر حتى تسمعون قرع نعالهم ، ولن ينفعكم إلا عملكم الصالح وصنائع المعروف ، وماقدمتموه من خير . هكذا قلت صمتا وأنا أضع يدى على قبر أستاذى الجليل الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ العظيم الأستاذ جمال بدوى رحمه الله ، أحد أبرز المفكرين والعظماء فى هذا الزمان ، حيث قبره ببلدتى بسيون ، بالضبط كما كان يضع يده على كتفى قبل أربعين عاما مضت كلما جاورته وقوفا ليمنحنى هذا الشرف لأنه القيمه والقامه ، وأستاذ الأجيال ، وأنا الشاب الصغير الذى يتتلمذ على يديه ، ويتعلم منه الخلق الكريم ، وأمانة القلم ، وطهارة اليد قبل الصحافه ، حيث أخطو أولى الخطوات فى بلاط صاحبة الجلاله الصحافه ، وهذا دليل سمو هو من أبرز صفاته رحمه الله ثم جلست أمامه مستأنسا بجواره . رحم الله الأستاذ .
حقا كانت لحظات صفاء ، ونقاء ، وطمأنينه ، وإستقرار نفسى ، ويقين أن الله تعالى بتوفيقه لى فى خدمة أهلى خاصة المرضى منهم أكون من عباده الذين يتمنون أن يرضى عنهم ويرضاهم ، وماحبانى به من زهد حتى فى تذوق الطعام ، وعدم الإنزعاج من تصرفات الصغار من الساسه الجدد ، والبعض من الشباب الذين لم تثقلهم الحياه بمحنها ، وتقلباتها ، وإبتلاءاتها ، أراه فضل من رب العالمين على شخصى .
وقفت أمام قبر أستاذى الجليل جمال بدوى أرسخ لأهمية الوفاء لأصحاب الفضل فى حياتنا حتى وإن أصبحوا فى رحاب الله تعالى ، بل إن الإقرار بفضلهم بعد رحيلهم يؤكد على المصداقيه التى قد يتشكك فيها أحد لو كانوا على قيد الحياه ، مستسمحا الجلوس فى رحابه كما كنت أفعل كلما دخلت عليه مكتبه ، وكثيرا ماطلب منى أن أجلس بلا مقدمات ، لكننى لم أستطع الإستجابه لمطلبه رحمه الله ، وكيف أستجيب لمطلبه وهو العظيم قدرا ، ومكانه ، والكريم خلقا ، وعطاءا ، والإنسان بكل ما تحمله الكلمه من معانى طيبه ، والجواد إلى درجة السخاء فكان نموذجا مشرفا للكرم ، وهو الصادق قولا وعملا ، وصاحب قلم شريف يتعلم منه الأجيال .
لعله كان من الطبيعى حيث أكون في رحاب استاذى الجليل حيث مقابر بلدتى بسيون أن أزور قبر أمى ، وأبى ، وجدى ، وجدتى ، وخالى وأعمامى ، وأصدقائى ، والبعض من رفقاء الدرب ، وزملاء العمر ، الذين رحلوا تاركين أثرا طيب ، وسيره عطره ، ومواقف نتحاكاها على سبيل الفخر ، وقفت أسترجع معهم عظيم مواقفهم ، ورجاحة عقلهم ، وآرائهم السديده ، وكيف كانوا يمثلون بالنسبه لنا من قيم وأخلاقيات ، أدعو الله تعالى أن يتوفنا وهو سبحانه راض عنا ، وأن يتوفنا مسلمين ، ويحينا مسلمين ، ويلجقنا بالصالحين ، غير خزايا ولامفتونين ، إنه سبحانه ولى ذلك والقادر عليه . اللهم آمين .