أول وزير دفاع في إيران الثورة تلميذ لعبد الناصر
أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية
في إطار حديثنا عن الدين الذي يمكن أن نُحَصله من إيران، تأتي فرصة احتفال إيران بذكرى استشهاد أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، ويسمونه “أستاذ نموذج الثورة” وهو القائد مصطفى چمران أول وزير دفاع في إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية.
لكي نقول إن هذا القائد أحد مجموعة من قادة الثورة العسكريين الذين تربوا على فكر الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، وتدربوا مع أبنائه من قوات الصاعقة المصرية في معسكر أنشاص بمحافظة الاسماعيلية.
يقول عنه الزعيم سيد علي خامنئي: خلال وجوده صار التضاد الكاذب بين العلم والإيمان وبين السنة والتحديث وبين العلم والعمل لا معنى له.
فكان للبسيج أستاذا وقدوة، وعلى أساتذة البسيج أن يتحلوا بخصائص الشهيد چمران. (وكالة أنباء فارس في ٢٠/٦/٢٠٢٠م).
ولد مصطفى چمران في شارع الخامس عشر من خرداد بسوق الحدادين بالعاصمة طهران عام ١٣١١هـ.ش.
بدأ دراسته في مدرسة الانتصارية ثم في دار الفنون، وكان يحضر دروس تفسير القرآن منذ الخامسة عشرة من عمره لدى آية الله طالقاني في مسجد الهداية، ودروس الفلسفة والمنطق لدى آية الله مرتضى مطهري، وحصل على الثانوية من مدرسة البرز ثم التحق بكلية الهندسة جامعة طهران فرع الالكتروميكانيك وتخرج عام ١٣٣٦هـ.ش.
ثم اشتغل بالتدريس عاما في كلية الهندسة، حيث كان الأول على فصله في مختلف مراحل التعليم، وكان من أوائل أعضاء الجمعية الإسلامية في جامعة طهران، وشارك في النشاط السياسي مدعما للنهضة الوطنية بعد الانقلاب على حكومة الدكتور محمد مصدق، وحصل على منحة التفوق فتم إرساله إلى جامعة بركلي بأمريكا، وحصل على الدكتوراه في فيزيا البلازما والالكترونيات، وقام بالتعاون مع بعض الأصدقاء بتشكيل الجمعية الإسلامية للطلاب في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
سافر إلى مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وظل يتدرب فيها دورات شاقة على حرب العصابات مع عدد من الثوار في معسكر قوات الصاعقة بأنشاص لمدة عامين، وكان من المتميزين، ومن ثم قام بدوره في تدريب الثوار الإيرانيين على حرب العصابات، وكان الرئيس عبد الناصر يتبادل معه الرأي حول القومية العربية والليبرالية، وكان يسمح له بعرض آرائه حول الوحدة الإسلامية.
بعد وفاة الرئيس عبد الناصر سافر إلى لبنان لتأسيس قاعدة لحرب العصابات هناك، وأسس مع الإمام موسى الصدر حركة المحرومين وجناحها العسكري منظمة “أمل”، وكانت تقوم بحركات ثورية مضادة لإسرائيل على الحدود معها.
لقد استفاد مصطفى چمران عندما عاد إلى وطنه بعد انتصار الثورة الإسلامية مما تعلمه في مصر كما استفاد منه خلال وجوده وعمله في لبنان، حيث عمد إلى تدريب الشباب المنضم إلى حراس الثورة في سعد آباد، وقد اختاره رئيس وزراء الحكومة المؤقتة مساعدا له لشئون الثورة، فقام بحل مشكلة كردستان، وكذلك مشكلة منطقة “پاوه؛ حيث فك الحصار العراقي عنها بعد أن يئس الجيش.
من ثم عينه الإمام الخميني قائدا لكل القوات في هذه المنطقة، فحرر كل الطرق والمدن الاستراتيجية في منطقة كردستان خلال خمسة عشر يوما، لذلك استدعاه زعيم الثورة إلى طهران وعينه أول وزير للدفاع، فقام بتطوير الجيش.
وفي أول انتخابات برلمانية اختاره سكان طهران ممثلا لهم في البرلمان، فكان له الجهد الكبير في تثوير البرلمان وتدوين القوانين على هذا الأساس.
ثم أصبح ممثل الزعيم في المجلس الأعلى للدفاع، فقام بتأسيس قيادة حرب المليشيات وتضم وحدة هندسية حفرت قناة فرعية من شط العرب، وبنت سدا أمام القوات العراقية. كما قام بالتنسيق بين الجيش وحراس الثورة وقوات التعبئة العامة.
شارك في موقعة سوسنجرد فأصيب إصابة بالغة ونقل إلى المستشفى في الأهواز، حيث لقي ربه في شهر المحرم. ويؤكد مهدي چمران عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية للثورة الإسلامية أن اللواء قاسم سليماني استمرار واستكمال لأسلوب كفاح الفقيد مصطفى چمران. (وكالة أنباء فارس في ٢٠/٦/٢٠٢٠م).