كتب – رفعت عبد السميع :
قالت السفيرة هيفاء أبو غزالة في كلمتها خلال إحتفال الجامعه العربية بيوم التراث الفلسطيني
أن يوم التراث الثقافي العربي، الذي أعتمده مجلس جامعة الدول العربية في مارس2016،
يتناول هذا العام موضوع ” حماية وإحياء التراث الثقافي لدولة فلسطين ” يسعدني ان أنقل لكم تحيات معالي الأمين العام أحمد أبو الغيط وتمنياته لهذا اليوم النجاح والتوفيق،
قد تم اختيار يوم 27 فبراير ليكون يوما للتراث الثقافي العربي، ذلك اليوم الذي دمرت فيه متاحف الموصل بالعراق على يد الإرهاب الغاشم والأيادي الفاسدة المدمرة، للتذكير والتوعية بأن د تراثنا مستهدف وعلينا جميعا اتخاذ كافة التدابير للحفاظ عليه وحمايته،
وبهذه المناسبة اختارت الأمانة العامة موضوع ” حماية واحياء تراث فلسطين ” نظرا لما تمر به فلسطين وخاصة قطاع غزة على وجه الخصوص من تدمير وانتهاكات بشتى الطرق من قبل الإحتلال الصهيوني الغاشم بما في ذلك التراث الثقافي،
والتراث يعني الهوية، فانهم يستهدفون طمس الهوية العربية الفلسطينية، بل ويحاولون انتسابها لهم .
فلا يمكن الحديث عن مستقبل الأمة ومصيرها دون التطرق إلى الأحداث المؤلمة التي خلفتها وتخلفها النزاعات المسلحة من أزمات على كل المستويات بما في ذلك دمار واستهداف الإرث الثقافي في ظل غياب الأمن الناتج عن عدم الإستقرار السياسي والإجتماعي.
ومن هذا المنطلق فإن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تضع موضوع حماية التراث الثقافي العربي ضمن أهم أولويات اهتماماتها خاصة
وتحرص دائما على إحياء هذا اليوم الهام وذلك إيمانا منها بأن التراث الحضاري على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعث فخر للأمم واعتزازها ودليل على عراقتها وأصالتها، ومعبّرا عن الهوية الوطنية وصلة وصل بين الماضي والحاضر
إلا انه من المؤسف أن يتعرض هذا التراث للسرقة والضياع بل وللتدمير،
وأضأفت السفيرة هيفاء أبو غزالة : ” مما لا شك فيه، عندما نتحدث عن أهمية التراث الفلسطيني، بل وأي تراث، أنه من أسس المجد والسيادة لأي أمة وحضارة، هويتها، وتاريخها، وتراثها المستمد من الأجيال والتشكيل الحضاري المتطور والمتغير لها مع الزمن.
فالتراث هو حكاية الأجداد للأحفاد، ورواية الماضي للحاضر، وهو العين نحو المستقبل، وهو الملامح الاصيلة التي تعبر عن كل أمة وهويتها.
وفي إثر ذلك، أدرك المحتل هذه الحقيقة، وبأهمية هذا الموروث الثقافي والإجتماعي لهذه الأرض.
ومنذ مطلع عام 1917، مع بدء الإستعمار لفلسطين، جرت على هذه الأرض الكثير من الأحداث، ما بين تهويد، وتهجير، وطرد، وهدم، وقتل، وسَرقة تراث، وتحريف اللغات، وتحويل أسماء المدن والشوارع إلى مفردات عبرية.
وتأتي أهمية التراث الفلسطيني، من منطلق انه الهوية التي تُميز الأرض وأهلها عن غيرها، وهو ما يعطيها القيمة الحقيقة للوجود الحضاري والفكري في تاريخ الأمم ومستقبلها، وسرقة التراث أو تزويره هو بمثابة سرقة لتلك الأرض،
فأرض فلسطين لها تاريخ وحضارة شعبية فهي مهبط الأديان السماوية رسالة سيدنا موسى في الوادي المقدس في البقعة المباركة من الشجرة في الأرض المقدسة بفلسطين، وولد فيها السيد المسيح عيسى عليه السلام، وأسرى فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
فان فلسطين مهبط الأديان السماوية ولها معالمها ومواقعها التراثية العريقة، وطقوسها، وعاداتها، ومواسمها، وأزياؤها، ومأكولاتها، وفنها وغناؤها،
في ضوءِ ذلك، يأتي الدور الهام علينا وعلى كل فلسطيني وعربي سواء كان في فلسطين أو في الشتات بين دول الشرق والغرب بأهمية معرفة تراثِه وهويته، وتعليمه لأبنائه، وتوريثه بين الأجيال، وبإحياء التراث، وعدم تركه شيء هين للمحتل، بإدراك أهمية التراث الفلسطيني،
وإن طرق ذلك الإحياء كثيرة، خصوصًا تلك الخاصة بالعادات والتقاليد الاجتماعية، والتي دائمًا ما كانت تدعو للقيم والجمال، وإحياء المناسبات والأفراح بالدبكة والأغاني الفنية، وارتداء الزي الفلسطيني والكوفية، وإدخال التطريز الفلسطيني إلى البيوت وتعلميه للنساء، وصنع المأكولات الشعبية الفلسطينية،
وتعريف الأجيال بل ونحن أيضا بأن التراث الفلسطيني، جزء لا يتجزأ من النضال والمقاومة ضد المحتل، وأن حماية التُراث هو حماية للهوية، وهو السلاح القوي والدليل الأصيل على الحق الفلسطيني.
وفلسطين تقاوم الإحتلال بكل الطرق حفاظا على الأرض والتاريخ والتراث فبعد مصادقتها على اتفاقية حماية التراث العالمي والطبيعي لعام (1972) في ديسمبر 2011 الامر الذي جعلها قادرة على إدراج مواقعها التاريخية الهامة على قائمة التراث العالمي
حيث أدرجت أربعة مواقع منذ عام 2012 ، وهم مكان ولادة السيد المسيح ” كنيسة المهد وطريق الحج في بيت لحم، البدة القديمة ( الخليل )، بلد الزيتون والكرمة ( بتير) اريحا القديمة (تل السلطان) ولا ننسى بلدة القدس القديمة واسوارها،
وتجدر الإشارة هنا أن اللجنة الحكومية الدولية لحماية وصون التراث الثقافي غير المادي في “اليونسكو” وافقت على اعتماد الطلب الفلسطيني في إدراج “الدبكة الشعبية الفلسطينية” على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك خلال اجتماعها الثامن عشر المنعقد في مدينة في ديسمبر 2023 ، وهذا دليل قاطع باعتراف العالم بالتراث الفلسطيني العريق بل بالحق في الكيان ودولة فلسطين الشقيقة.
السيدات والسادة الكرام،
وحرصاً من الأمانة العامة على حماية تراث الأمة العربية وعلى مقدراتها التاريخية والحضارية، وتنفيذا للمواثيق والاتفاقيات العربية والدولية ذات الصلة، فقد بادرت إلى تنظيم العديد من الفعاليات واللجان الخاصة بحماية الموروث الثقافي، وتحرص على المشاركة مع الجهات المعنية بالتراث في الفعاليات والمبادرات الخاصة بحماية التراث الثقافي العربي
وتواصل الأمانة العامة جهودها في مجال حماية واحياء التراث الثقافي العربي، بالتعاون مع الجهات الدولية والعربية المعنية، بما في ذلك الذراع الفني لجامعة الدول العربية في مجال الثقافة والترابية والتعليم وهي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
السيدات والسادة الافاضل،
إن الهدف من إحياء هذا اليوم خاصة في تلك الفترة التي تمر بها دولة فلسطين هو شحذ الهمم واستنهاضها وتنفيذ أفضل المبادرات والممارسات التي من شأنها تصب في حماية تراث فلسطين الذي تدمره الآلة الصهيونية الحاقدة،
وفي إطار تنفيذ المواثيق العربية والدولية ذات الصلة بحماية التراث الثقافي، ومن خلال التعاون معكم من المنظمات الدولية والاقليمية والعربية، والحكومات والهيئات، نتطلع الي العمل على توثيق تراث فلسطين لأجيال الامة الحاضرة والمستقبلية بل للعالم بأسره الذي يسعى الإحتلال الصهيوني إلى طمسه ونحن من خلال هذا العمل الهام والجاد نوثقه،
فالإحتلال ليس فقط قمع وإبادة وبناء مستوطنات بل هو محاولات مستمرة لقلب الحق باطل وتزييف وسرقة الهوية والتراث الفلسطيني وتدمير الآثار الفلسطينية ودورنا نحن المجتمعون في هذه القاعة -كل بطريقته – العمل على حفظ الآثار والتراث الفلسطيني الذي هو تراث عربي .
وختاماً أتقدم بالشكر والتقدير للسادة الحضور، على استجابتهم للمشاركة في هذا الحدث الهام، الذي نأمل أن نخرج منه برؤية تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني
وذلك بتضافر الجهود الدولية والعربية ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والمتخصصين، آملين أن يعم الوطن العربي دائما الخير والسلام والعافية والأمن، وفقنا الله دائما لما فيه رفعة ورقي الأمة العربية، ” .