حيرة وترقب
قصة قصيرة
بقلم: حاتم السيد مصيلحى
تعددت إخفاقاته في أن يجد نصفه الآخر الذي ظل يحلم به، يستشعر طيفه، ويتخيل لطفه، ويرسم ملامحه الغائبة غير واضحة المعالم وإن بدت الصورة جميلة كلما تصورها بروحها وسمتها ورسمها.. كلما امتحن مشاعره اتجاه فتاة قبل أن يقدم لخطبتها، ويختبر فيها مايستشعره من حس تحت مايسمى بإيجاب أوقبول، محاولا أن يطابق مايراه أصلا بما حسه أو استشعره بخياله ليكشف ذلك اللغز المحير الذي يؤلف القلوب فتتوافق، وتتآلف الأرواح فتتجاوب، ظل هكذا (عليّ) يبحث عن حلمه، وقد باءت محاولاته كلها بالفشل، فانكسر قلبه، وانطفأ وهج حماسته، وإن بدا تحت الرماد وميض أمل يصافحه الهواء فيبرق، فإذا ما غادره خبت بريقه، وأظلم وميضه .
أخذ (علي) يتلهى عن شاغله بالعمل والقراءة وقد أسلم رأسه لكفه يحمله عنه، وأمره لله، وأثناء انهماكه في العمل اليومي دخل عليه أحد أحبائه الحاج (سعيد) وكان في قلبه لطف، وفي محياه بشر، ودعاه إلى مكتبه بعد أن يفرغ من عمله، فدق قلب (علي) بنغم لم يألفه ولم يعرفه من قبل، فتعجل أمره؛ ليذهب للحاج (سعيد) وينظر في أمر دعوته له، وحين دخل عليه مستأذنا أذن له وأجلسه وعلى وجهه علامات البشر وقد أخرج من معطفه صورة ضوئية لفتاة غاية في الجمال تشع عينيها بريقا غريبا بدد ظلماء النفس، وبعث فيه نور الأمل من جديد، ولكن عليًا أراد أن يراها رؤى العين، ربما لينظر أهي الروح التي حلم بها؟! فيطابق أوصافها، فإن صح منها الوصف، ووافق الحس كان المراد، وبالفعل ضرب الحاج سعيد له موعدا كي يراها عن قرب، وذهب معه لذلك اللقاء المنتظر الذي يحدوه الأمل، وعندما وصلا إلى محل اللقاء وسلما، ونظر (علي) إلى فتاته أصابه سهم عينيها، عندها علم ماذا يعني الإيجاب؟! وكيف يكون القبول؟! وأخذ يتلو قول الله تعالى :”ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” [سورة الروم، الآية :٢١].