هل كرونا عقاب من الله؟
بقلم: محمد عصمت الكيلانى
واعظ عام بالازهر الشريف عضو لجنة الفتوى الفرعية
وانا فى لجنة الفتوى جائني اتصال هاتفي من رجل مسن يسكن بحي مصر الجديدة بالقاهرة فدار ببينى وبينه الحوار الأتي قال الرجل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته “” وعليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال الرجل لو سمحت ياعم الشيخ ممكن اسألك سؤال وجوبنى عليه بكل صراحه؟ تفضل انا معاك بصوت متقطع من البكاء قال انا مريض بالكرونا وفى مرحله متأخرة فهل هذا عقاب من الله؟
فأجبته الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عيه وسلم اولاً أسأل الله لك الشفاء العاجل من كل مرض وسقم ثم اعلم والدي العزيز ان فيرس كرونا ما هو الا مرض من الأمراض وداء من الأسقام والذي يصيب بالمرض ويعافى هو الله جل وعلا لذا فهو ابتلاء من الله يبتلى به عبادة والإبتلاء ليس بالضروروة أن يكون عقاب من الله بل قد يكون رحمة ومنة من الله تبارك وتعالى فمن ظن أن الإبتلاء ما هو الا غضب من الله وعقاب من الله ودليل بغض الله فهذا فهم خاطئ وعار تماما من الصحة فهل غضب ربنا سبحانه وتعالى على انبيائه ونبيه محمد صل الله عليه وسلم؟ وهل كره ربنا سبحانه وتعالى انبيائه ونبيه محمد صل الله عليه وسلم؟ إذ أن اكثر من ابتلى من خلق الله هم انبياء الله ورسل فمنهم من ابتلى فى زوجه ومنهم من ابتلى فى ولده ومنهم من ابتلى فى أهله ومنهم من ابتلى فى صحته ومنهم من ابتلى فى نفسه حتى أخبرنا رسول الله محمد صل الله عليه وسلم ففى الحديث الذى رواه احمد والترمذى من حديث سعد بن ابى وقاص قال سئل النبي صل الله عليه وسلم أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال:(الأنبياء، ثم الأمْثَلُ فالأمثل يُبتلَى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زِيدَ صلابةً وإن كان في دينه رقَّةٌ خُفِّف عنه ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ما له خطيئة).
فليس بالضرورة ان يكون الإبتلاء عقاب من الله وليل غضبه وكره لعبدة ثم ان الإبتلاء بمعنى الإختبار والإمتحان قد يستفاد منه المؤمن إن صبر ورضى بقدر الله فالمؤمن يعلم ان أمره كله خير فى السراء خير وفى الضراء خير ففى حديث مسلم من حديث صهيب رضى الله عنه قال- قال رسول الله – صلى الله ليه وسلم (عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاءُ، شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ، صبر؛ فكان خيرًا له) فالإنسام منا يدور ما بين حالتين إما سراء وإما ضراء لذا فهو دوما بين مقامين إما صابراً وإما شاكراً لذا فهو فى امتحان دائم كما اخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى فى القران الكريم (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ سورة الملك2، لذا اعلم انك فى نعمة عظيمة إن صبرت على ما ابتلاك الله فالإنسان المبتلى ان صبر على ابتلائه فله اجر عظيم وخير عميم لا حصر له ولا مثيل بل لايعلم أجر الصابرين لا نبى مرسل ولا ملك مقرب إنما الذي يعلم اجر الصابرين هو الله تبراك وتعالى يكفيهم معية الله لهم كما قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (ويكفيهم فخرا انهم يوفون أجورهم بغير حساب قال تعالى(قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) وفى الختام نسأل الله ان يمن علىينا وعلى الإنسانية بالشفاء العاجل وان يلهم أطباء العالم الدواء النافع لهذا الداء انه ولى ذلك والقادر عليه.