قامات رفيعه كانت تهتز المجالس عند ذكرهم جميعا أجسادهم واراها التراب وبقيت الوقائع نستلهم منها العبره .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلـم :
#الكاتب_الصحفى
#النائب_محـمود_الشاذلـى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليوم الجمعه وإن كان من الطبيعى فيه أن نكون فى موضع مواعظ ، أو القول بكلمات ترقق القلوب ، والتى تتجلى عند سماع خطبة الجمعه ، والتدبر بما يطرحه الإمام ، هذا التدبر قطعا سنتعايش مع مضامينه حتى وإن تلاشى عقب إنتهاء الصلاه وبدأنا فى التفاعل والتعايش مع الناس فى أمور الدنيا ، والتى فيها فرض الغش ، والتدليس ، والنفاق ، والظلم حتى باتوا جميعا من المسلمات ، أحاول أن نكون فى موضع مخاطبة الذات ، والإنتباه لحقيقة مانحن فيه من صراعات ، ونتيجة تلك الصراعات .
اليوم الجمعه لعلها فرصه نخاطب فيها وجداننا ، ونستحضر كياننا ، وننتبه لأحوالنا ، ونغوص فى أعماق مجريات الأحداث حولنا ، فى محاوله لإدراك أننا فى غفله ، وأننا فى تيه ، وأننا نسينا أننا بشر ، فتعاظمت المظالم ، وتلاشت الفضائل ، وإنعدمت الأخلاق ، وفقدنا قيمة التعايش فى رحاب القيم ، فزاد قهر الإنسان لأخيه الإنسان ، ونسينا أننا إن عاجلا أم آجلا راحلون وفق مقدور رب العالمين سبحانه ، ألا يكفينا خروجا مما نحن فيه من صراعات ، ومشاحنات أن ندرك أن المرض أصغر رساله تقول للإنسان ماأضعفك .
ألا يجدر بنا أن ننتبه خاصة ونحن نرى بين عشية وضحاها يبدل الله الإنسان من حال إلى حال ، كم عايشت مسئولين بحكم موقعى الصحفى الرفيع ، ووضعى المجتمعى ، وتشرفى بعضوية البرلمان كانت تهتز الأفئده لمجرد أن يذكر أسمائهم ، وآخرين كانت تهتز الشوارع لمجرد مرور مواكبهم فيها ، وساسه كانت أحلامهم أوامر لدى حوارييهم ، وحملة مباخرهم ، ومنافقيهم ، ورؤساء أحزاب منذ الملكيه كانوا يساومون الأنظمه على حساب الشعوب بغية أن يظلوا متصدرين المشهد محافظين على مكتسباتهم التى حققوها ، ومن كانوا يزلزلون الأجساد قبل الأفئده بغلظة صنائعهم ، وجبروت أفعالهم ، وفى النهاية جميعا وارى أجسادهم التراب وبقيت الوقائع نستلهم منها العبره .
رأيت بأم عينى رأسى فى عهود سابقه ، وأزمان قريبه كم دفعت الأموال ، وقدمت التنازلات ، وخضعت الرؤوس وإنحنت الجباه من أجل أن يحظى من صنع ذلك بالرضا بأن يوضع فى القائمه الإنتخابيه التى تضمن له مقعدا بالبرلمان ، أو يحرر بشأنه تقريرا يجعله فى صدارة المشهد ينعم بالوجاهة الإجتماعيه ، وتكون له فاتحة خير للنهب والسلب والتدليس من أموال الشعب ، والحصول على ميزات تساهم فى زيادة مدخراته الماليه ومشروعاته المتفرقه ، بل والحصول على قروض بالملايين وماالفراخ الفاسده ، والأغذيه الفاسده ، ونواب القروض ببعيد ، وفى النهايه جميعا باتوا ترابا وأكل الدود أجسادهم وبقوا مصدرا للعظه والعبره لمن يعتبر .
لعلها فرصه أن ننتبه أننا جميعا فى معية الله تعالى ، وأنه فى لحظه نصبح ذكرى ، ولم يبقى إلا صنائع أنفسنا خيرا كانت أو شر ، ولعل فى القريب مايؤكد هذا المعنى ، فقد عايشت ذات يوم وعايش معى كثر كيف أن صديقا عزيزا وحبيبا ثبته الله فقد إبنته المهندسه وهى تلد ، ثم إبنه الصغير ، ثم حفيده الوليد ، ثم إبنه الشاب والد الحفيد ، وكيف أن شخصا نسى هو نفسه ونسى أيضا الجميع حوله أنه لن يموت تأثرا بمنصبه الرفيع الذى أضفى عليه جبروت ، حتى أننى سألته بكل أدب وحذر ذات يوم لماذا بعد أن أدركت ظلمه الشديد للبعض ، فقال فكك من الدروشه ، هكذا يجب ان يعامل البشر ، ثم يكتب عليه رب العالمين المذله فى نهاية أيامه فيعتريه المرض ويموت ويدفن شريدا وأرى ذلك لحكمه قدرها رب العالمين سبحانه حتى لايفتن الناس .