مسقط، خاص:
تواصل الحكومة العُمانية جهودها الحثيثة من أجل تنويع مصادر الدخل القومي، ولعل موقعها المتميز وسواحلها الممتدة في الخليج منحها فرص واعدة لتطوير موانئ الصيد البحري بها، وخلق فرص استثمارية في الثروة السمكية والصناعات المرتبطة بها.
إذ تسعى سياسة السلطنة التنموية المستقبلية إلى التوسع في العديد من المصادر غير التقليدية للدخل الوطني بعيدا عن النفط، بوصفه يشكل أهم مصدر للمدخول في السلطنة حاليا، وفي هذا الإطار يأتي الاهتمام بالثروة السمكية، وهو اهتمام قديم ومبكر لكنه يتجدد اليوم وفق العديد من المشاريع والبرامج والرؤى وعبر توسيع البنية الأساسية لهذا القطاع الحيوي الذي يمكن أن يرفد الاقتصاد المحلي بشكل كبير.
في هذا الإطار تأتي أهمية مشروع تطوير ميناء الصيد البحري متعدد الأغراض، بولاية دبا بمحافظة مسندم، الذي تبلغ تكلفته المالية 40 مليون ريال عماني والذي وقعته وزارة الزراعة والثروة السمكية، ويتوقع أن يسهم في تعزيز عملية التنويع الاقتصادي المنشود والتنمية الاقتصادية بشكل عام في عُمان وفي محافظة مسندم بوجه خاص.
ويأتي مشروع تطوير ميناء دبا ضمن خطة الحكومة للتنويع الاقتصادي والعمل على تطوير موانئ الصيد بالسلطنة لتكون بيئة جاذبة للاستثمارات، وتواكب خطة الوزارة في استغلال الموارد السمكية من خلال زيادة وتطوير أسطول الصيد، ولتكون بيئة عمل ممكنة وجاذبة للصيادين العمانيين، مع توفير العديد من الخدمات العامة والخاصة داخل إحرامات الميناء، الأمر الذي يعظم استخدام الموانئ اقتصاديا واجتماعيا، وبالتالي زيادة عائدات موانئ الصيد المباشرة وغير المباشرة، ويدعم إيرادات الدولة ويرفع المساهمة في قطاع الثروة السمكية في الناتج المحلي الإجمالي.
يشتمل مشروع تطوير ميناء الصيد البحري بولاية دبا على أربعة مكونات أساسية لخدمة قطاع الثروة السمكية، وتسهيلات للقطاع السياحي والتجاري، وكذلك شرطة عمان السلطانية، إلى جانب الكثير من المرافق الخدمية الأخرى لمرتادي الميناء، حيث سيتم إنشاء كاسرين للأمواج بطول (2000) متر، مع حوض للميناء بعمق يصل لـ(10) عشرة أمتار من أدنى مستوى للجزر، مع تزويد الكاسرين بإضاءات ملاحية عند المدخل، أما بالنسبة للأعمال الأساسية فتتضمن أعمال رصف طريق داخلي، وطريق موصلة للميناء وأعمال الكهرباء والإنارة للميناء والطرق الداخلية، وأعمال توصيل شبكة المياه، وأعمال تصريف مياه الأمطار وتخطيط الأراضي لغرض الاستثمار.
وتتضمن الاتفاقية عمل تسهيلات للصيادين تشمل إضافة مرسى ثابت بطول (60) مترا لقوارب الصيد مزود بأماكن لربط القوارب وشاطئ لرسو القوارب الصغيرة بطول (190) مترا وعدد (2) من المراسي العائمة بطول إجمالي (70) مترا ومزلاق لإنزال وإخراج القوارب.
تُعد موانئ الصيد البحري في سلطنة عُمان من المكونات الإنتاجية والبنية الأساسية التي ساهمت بشكل ملحوظ في تنمية الولايات الساحلية اجتماعيا واقتصاديا لتحسين وضع الصيادين، ومضاعفة نشاط الصيد بتوفير الخدمات، ورفع نسبة مساهمة القطاع السمكي في الدخل الوطني من خلال قدرتها على استيعاب زيادة كميات المصيد، وتوفير التسهيلات اللازمة واستخدام معدات صيد حديثة وإتاحة فرص الاستثمار في الأنشطة والخدمات المتوافرة في الموانئ وتوفير المتطلبات اللازمة لعمليات الإنزال والتسويق والتداول بجانب خدمات صيانة السفن والقوارب، ويبلغ عدد موانئ الصيد القائمة حاليا 25 ميناء موزعة على جميع محافظات السلطنة على طول 3165 كيلومترا تقدم الخدمات والتسهيلات لأكثر من 50 ألف صياد، إضافةً إلى الخدمة التي تقدمها لأسطول الصيد الحرفي والساحلي في السلطنة المكون من حوالي 24 ألف قارب و687 سفينة صيد حرفي تعزز الأسواق المحلية والأسواق العالمية بالإنتاج السمكي.
تتميز محافظة مسندم بوجود خمسة موانئ صيد في كل من خصب وليما وبخا ودبا وكمزار، ويوجد بها 48 مشروعا استثماريا موزعة في تلك الموانئ، منها محلات بيع معدات وأدوات الصيد ومحلات بيع وإصلاح المحركات البحرية وورش تصنيع قوارب وسفن الصيد، ووحدات إنتاج وتصنيع الثلج وورش صناعة المعدات البحرية ومصانع الدوابي، بالإضافة إلى محطات تزويد الوقود وبيع المواد الغذائية.
الجدير بالذكر أن إجمالي إنتاج سلطنة عُمان من الأسماك لعام 2019 بلغ حوالي 580 ألف طن مرتفعا عن 2018 بنسبة 5% وبقيمة إجمالية بلغت 306 مليون ريال عماني، ساهم الصيد الحرفي بنسبة 6% من هذا الإنتاج، وساهمت محافظة مسندم خلال عام 2019 بنسبة 7% من إجمالي المصيد، حيث بلغ إجمالي الإنتاج حوالي 37599 طنا وبقيمة 28.7 مليون ريال عماني بارتفاع نسبته 9% مقارنة بعام 2018، فيما بلغ عدد الصيادين وفق إحصائيات عام 2019 حوالي 3447 صيادا، ووصل عدد القوارب حوالي 2054 قارب صيد، بالإضافة إلى 93 سفينة صيد حرفي.