الكورونا فرصة لاستعادة البصيرة
بقلم/ د. محمد السعيد عبد المؤمن
يحزنني ويؤلمني، ولاشك يؤلم كل مؤمن، أن تكون هذه هي حال المسلمين فرادى وجماعات، كيف يُسحب البساط من تحت أقدامهم، وهم لا يقومون إلا بأعمال صبيانية بالمقاييس العصرية.
المؤمنون ينبغي أن يكونوا أكثر الناس فعالية ودأبا وفطنة، وأن تكون مدارسهم الفكرية والعلمية والعملية هي أرقى المدارس وأكثرها فعالية وتأثيرا.
أنا لن أبحث في الأسباب فالأسباب معروفة لدى العامة، ولكني أتحدث عن العلاج، ينبغي أن ينظر المسلمون في جدوى ما يفعلون، وإن كانوا يتصورون أنه في مرضاة الله، فليس هناك دليل واحد على صدق هذا التصور.
وأبسط بداية لا يقومون بها، هي الاعتصام بحبل الله، وحبل الله متين لا تنفرط عقده لأنه مفتول بالحق والعلم والإرادة، وسبل الاعتصام آيات بينات نراها في كل صلاة أو دعاء (الصلاة نموذج)، في القبلة التي نهجرها بعد أداء الصلاة، وليس إقامتها، وهناك فرق بين الأداء والإقامة، الأداء تمثيل والإقامة استقامة على النهج الصحيح، الأداء حركات شكلية والإقامة توجه بالنية أي بالإرادة.
الإقامة فرض عين وكذلك الاعتصام بحبل الله. وأي عمل يقوم به المسلم لابد أن يكون له جدوى ونتائج إيجابية، وليس أداء تمثيليا.
ولا يليق بنا أن نؤمن بالله ونتبع منهج من لا يؤمن به، هذه هي القضية.
عملنا الصالح فقط هو من يجذب الناس إلينا دون غيرنا، بشكل لن نصدقه، فالناس يسعون وراء مصلحتهم، وحيثما يروا خيرا يذهبون إليه.
فلنراجع أنفسنا ولنتمسك بما بقي لنا من طرف البساط.
إذن فلنشارك بفعالية وإخلاص في كل نشاط يقوم به القوم، حتى وإن كنا نعترض عليه حيث يمكننا أن نصلحه، بل أن نحول الشر خيرا. ألا نعتقد أن الحسنات يذهبن السيئات؟ (الأمر ليس خاصا بأعمالنا فقط بل يختص كذلك بأعمال غيرنا).
كثير من الناس يبررون أعمالهم أو أقوالهم حتى لو اضطروا للكذب، لكنهم لا يعلمون أنه عندما يتحدث المرء فكلامه هو الذي يبرر نفسه ويكشف قصده.
التبرير ضعف ومرض كرهه الله تعالى من المشركين ومن المسلمين على السواء، وأكد ذلك أكثر من مرة سواء في مواقف دنيوية أو مواقف أخروية، وكان قوله الفصل: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره).
اللجوء إلى التبرير إصرار على سوء القول أو سوء العمل، لأن القول الصائب لا يحتاج إلى تبرير والعمل الصالح لا يحتاج إلى تبرير. التبرير إلغاء للبصيرة التي منحها الله للإنسان كأمانة وميزه بها، وإلغاؤها حمق وجهل وسوء عاقبة.
الكورونا فرصة لاستعادة البصيرة.