حوار مع إسلام بحيري!
بقلم/ د. محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر
الغرض الذي يصبو إليه إسلام بحيري، ومن على شاكلته – وإن لم يصرحوا به – هدم الدين الإسلامي في نفوس أصحابه، وجعله مجرد فكرة إنسانية قابلة للنقد، ووجهة نظر قابلة للتغيير!
ويدلفون إلى ذلك بأن أقوال المفسرين، وروايات المحدثين، ونظريات الفقهاء؛ ما هي إلا جهود بشرية، قد تخطئ، وقد تصيب، وليست نصوصا مقدسة أو معصومة، وبالتالي فهي ليست ملزمة لنا!
سلمنا بأنها ليست ملزمة لكم، فبأي دين نتعبد؟!
قالوا: نتعبد بفهمنا نحن؟!
قلنا: بفهم من فيكم؟
قالوا: بفهم أي أحد كائنا من كان!
قلنا: ما دام الأمر كذلك؛ فنحن نتعبد الله بفهم السلف؛ لأنهم أقرب إلى زمن الوحي، وأدرى بمراد الشارع، وقد تحققت فيهم شروط الاجتهاد، فهم أولى بالاتباع منكم، وأين أنتم منهم؟
قالوا: نحن رجال وهم رجال، ولنا عقول كما لهم عقول، فلنصنع كما صنعوا، وكل إنسان منا قادر على ذلك، من غير هذه التعقيدات التي تسمونها شروط الاجتهاد!
قلنا: هل العوام والجهال قادرون على ذلك؟
قالوا: إن لم يقدروا استعانوا بغيرهم!
قلنا: فلماذا تنكرون علينا استعانتنا بالسلف؟! ونحن نستعين بهم، لا لأننا عوام أو جهال، بل لما ذكرنا لهم من الصفات التي تستوجب تقديمهم على أنفسنا، ونحن نختار من أقوالهم ما هو أقرب إلى المصلحة، ونحن أيضا نجتهد مثلهم في النوازل التي وقعت لنا ولم تقع لهم!
قالوا: نحن مصرون على أن يفهم الإنسان دينه كما يشاء، ما دام قادرا على الفهم!
قلنا: إذن فليس هناك دين واحد، بل أديان مختلفة؛ لاختلاف الأفهام، والأصل أن الدين يجمع ولا يفرق!
قالوا: وما المانع أن يكون لكل إنسان دين، يعبد الله به على هواه؟!
قلنا: ولكن هذا ينافي احترام التخصص، والدين علم يجب أن يحترم فيه التخصص، بخلاف التدين فإنه سلوك عام لكل متدين!
قالوا: ليس هناك كهنوت، والعلماء في الإسلام كهنوت!
قلنا: الإسلام لا يعرف الكهنوت، وإنما يعرف التخصص، ويحترمه، ولا يعترف إلا بالحجة والبرهان، وهو الذي يقول: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”، ويقول: “قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”، وذلك في كل تخصص، لا في الدين فحسب، فلماذا نلتزمه في كل تخصص، ونتخطاه في الدين؟!
فإن أردت أن يكون لك رأي في الدين؛ فلتكن من أهل العلم والتخصص؟
قالوا: الدين لا يحتاج إلى علماء ولا إلى متخصصين!
قلنا: إذن تريدونها فوضى وشيوعية، هذه مكابرة صريحة للعقل والمنطق، وهنا يجب أن نغلق باب الكلام؛ لأنه لا فائدة من الكلام مع مكابر صاحب هوى!