بقلم : منصوربيك كيليتشيف
سفير فوق العادة والمفوض لجمهورية أوزبكستان لدى جمهورية مصر العربية
تقف اليوم الأهرامات بفخر على أرض مصر فقط كلأمثلة المشرقة وهى واحدة من “العجائب السبع” للعالم القديم والتفكير البشري.
يمكن مقارنة هذه المنشآت العظيمة التي تتجادل بمثابة التاريخ والوقت ورياح الصحراء، بمكانة مصر ومكانة المتميزة لهذا البلد العريق في تاريخ البشرية.
ترتبط أوزبكستان ومصر على مدى قرون بعرى العلاقات التاريخية ومشاعر الشوق لبعضهما البعض. ، يقع في جزيرة روضة بالنيل بناء فريد من نوعه وهو مقياس النيل الذي يعتبر رمزًا لمبدأ العدالة
وهو أيضا رمز لا يقدر بثمن للصداقة الأبدية بين شعوبنا وبنَاه العالم الكبير أحمد الفرغاني الذي ولد ونشأ في ديار ما ورأ النهر .
في القرن الحادي والعشرين ، تنشئ هاذان البلدان صفحات جديدة في علاقاتهما التاريخية. وتدعم هذه العملية إصلاحات واسعة النطاق تهدف إلى تجديد شامل لحياة كل بلد.
في السنوات الأخيرة ، تشهد بلدنا تغيرات ديمقراطية كبيرة يتوغل مفهوم “أوزبكستان الجديدة” في قلوب كل مواطن أوزبكي.
إذ يحتوي هذا المفهوم تطلعات ونوايا أسلافنا العظماء وكل مواطن يبني أوزبكستان الجديدة.
هناك مسألة هامة أخرى وهي أن إنشاء أوزبكستان الجديدة له أسس تاريخية متينة ، وهو وجوب موضوعية تتطلبها الأوضاع السياسية والحقوقية والإجتماعية والإقتصادية والروحية التربوية الراهنة في بلدنا ، وتتماشي مع تطلعاتنا العصرية لشعبنا، وتلبي مصالحها الوطنية بالكامل.
نعتقد أنه من المهم تفعيل مشاركة الشركات الرائدة ورجال الأعمال في مصر، الذين لهم مكانة جيدة في الأسواق العالمية، في عملية التغيير التي تشهدها أوزبكستان الجديدة.
من المعروف أن حجم التجارة المتبادلة الحالي لا يرضي تمامًا كلا الطرفين. إذ لدينا كل الفرص والإحتياطيات لزيادة حجم التجارة الثنائية إلى عشرة أضعاف وذلك في السنوات القادمة.
نحن على ثقة تامة بأن تطوير التعاون في مجالات الزراعة وإدارة المياه والهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية والصيدلة والبتروكيماويات
والأثاث والمنسوجات والسلع الجلدية وإنتاج مواد البناء الحديثة والسياحة ستعود بفائدة متساوية لرجال الأعمال في كلا البلدين.
أود أن ألفت الانتباه إلى حقيقة أن أوزبكستان يمكن أن تكون بمثابة جسر فريد في تصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق الواعدة في آسيا الوسطى ومصر بدورها إلى أسواق القارة الأفريقية.
يقضى عصرنا إيجاد ممرات وطرق مشتركة وذلك بغية تطوير العلاقات التجارية وتقليل تكاليف النقل أثناء التصدير.
على وجه الخصوص ، إذا يتم تنفيذ مشروع خط سكة حديد الدولى “ترميذ – مزاري شريف – كابول – بيشوار”، فتتمكن دول آسيا الوسطى أن تصل إلى مصر عبر الموانئ الباكستانية في أسرع وأنسب وقت.
على حد تعبير نجيب محفوظ ، الكاتب والكاتب المسرحي المصري الشهير الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988 ، “قد تغير مفهوم ومعنى الوطن. لم تعد منطقة ذات حدود معينة ، بل بيئة عقلية مقيدة بالأفكار والمعتقدات”.
واستمرارا لهذا الفكر الفحوى، أود أن أقول إن أوزبكستان الجديدة قد انفتحت اليوم على العالم ، وأصبحت عضوا متساويا وفعالاً في المجتمع الدولي.
إن العلاقات الثقافية بين البلدين هى موضوع متميز. تعد جامعة الأزهرالشريف ذات الشهرة العالمية واحدة من أكبر وأعرق المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي.
تم إقامة التعاون الوثيق بين إدارة مسلمي أوزبكستان وجامعة الأزهر. تعتبر مصر من أنسب دول العالم الإسلامي للتعاون على أساس مبدأ “الإسلام المستنير” الذي يروجه بلدنا في السنوات الأخيرة.
هناك عامل مهم آخر لتوسيع الإتصالات مصر عضو في كل من جامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقي في الآن الواحد
في عام 2019 ، قد اقترحت مصر إلى أوزبكستان إستغلال فرص نظام التجارة الحرة الحالي لمصر مع دول إفريقيا والشرق الأوسط وذلك لزيادة حجم الصادرات. من الناحية العملية ، هذا يعني فرصة لأوزبكستان لدخولها أسواق جديدة.
أن مصر دولة ذات خبرة وإمكانيات كبيرة في مجال السياحة. تتمتع أوزبكستان مثل مصر بفرص سياحية رائعة في السنوات الأخيرة ،
يستمر تحقيق الإصلاحات الجذرية لقطاع السياحة في بلدنا. من أجل تنمية هذا الإتجاه ، قد تم ويتم تنفيذ العديد من مشاريع البنى التحتية المعاصرة فضلا عن الفنادق الفاخرة.
إن أسماء العلماء والمفكرين إمثال الإمام البخاري والإمام الترمذي وبهاء الدين نقشبند والزمخشري وابن سينا والخوارزمي وغيرهم من الرجال الأفذاذ تتذكر باحترام واعتزاز في العالم الإسلامي بأسره.
من المعروف أن شعبي أوزبكستان ومصر تجمعهما قيم دينية وثقافية ومعرفية مشتركة وروابط صداقة وأخوة قديمة.
أننا نفتخر بأن العديد من العلماء والفلاسفة والمفكرين مثل الإمام البخاري وابن موجه وابن خلدون وابن حبان وأحمد الفرغاني الذين ولدوا ونشؤوا في آسيا الوسطى ومصر، قد وضعوا أسسا متينا لعلاقاتنا.
كدليل واضح على رأينا ، من الممكن الإشارة إلى “الحديقة الأوزبكية” في وسط القاهرة التأريخي، ومباني المساجد المبنية على أساس المعمارية الأوزبكية، و ” السوق الأوزبكية ” المشهورة حيث تباع فيها الكتب بأنواعها.
من المعروف جيدًا من التاريخ أن أرض أوزبكستان الحالية كانت مهدا لنهضتين عظيمتين – الأولى (عصر التنوير – القرنان من التاسع الى الثاني عشر) والأخرى (التيموريون – القرنان الرابع عشر والخامس عشر).
هذه حقيقة تاريخية تم إثباتها والإعتراف بها في العلوم العالمية.
في الوقت الحالي ، تجري في بلادنا عملية نهضة مهمة أخرى. هذا هو السبب في أن كلمتي “أوزبكستان الجديدة” و “النهضة الثالثة” تبدوان بانسجام وإنسجام في حياتنا ، مما يلهم شعبنا نحو أهداف عظيمة.
بهذا المعنى ، لا شك فيه أن الإصلاحات واسعة النطاق التي يشهدها نظام التعليم بصفته الهدف الرئيسي المتمثل في بناء أرضية النهضة الثالثة في أوزبكستان
ستخدم في إستمرار تراث أجدادنا من خلال تربية وتعليم الشباب واكتسابهم المعرفة العميقة بالعلوم المعاصرة والمهنة، والتنوير الديني.
وتجدر الإشارة إلى أن أوزبكستان ومصر كلهما يستمران بمثابة إلى تنفيذ إصلاحات جوهرية في جميع المجالات الرامية الى حل المسائل الداخلية والقضايا الخارجية.
الهدف الرئيسي للإصلاحات الجارية في كلا البلدين هو ضمان التنمية الإقتصادية المستدامة التي توفر رفاهية الشعب ،
وبناء دولتين جديدتين – أوزبكستان الجديدة والجمهورية الجديدة في مصر القادرتان على تحقيق سياسة خارجية فعالة وبناءة في منطقتيهما – آسيا الوسطى والشرق الأوسط ، و على الساحة الدولية.
هناك قول مأثور عند المصريين: “الضيف يبارك” كما وصف الكاتب والمؤرخ الشهير صلاح الدين الصفدي ، الذي عاش في القرن الرابع عشر ، مصر بالقول : “من سافر حول العالم ورأى دولًا وشعوبًا مختلفة ، ولم ير مصر وأهلها ، لم ير عالم .”
يزور وفد كبير من أوزبكستان هذا البلد الشقيق بمقترحات شاملة وعملية تهدف إلى رفع علاقاتنا التاريخية إلى مستوى جديد ،
فضلاً عن إجراء حوارات خالصة ومثمرة مع أصدقائنا الذين يبنون في مصر الجمهورية الجديدة ،
ولإعادة كشف ديار مصر العريقة. إننا على ثقة تامة بأن نتائج مفاوضاتنا القادمة ستخدم في تحقيق أخلص تمنياتنا.