في ذكري فتح بصري بالشام.. دروس وعبر
د. محمد العربي
تمر اليوم 1386سنة علي فتح المسلمين مدينة بصري بالشام بقيادة خالد بن الوليد سيف الله المسلول رضي الله عنه بعدما استطاع أن يفتح حصون المدينة ويسجل انتصارا خالدا علي جيش الرومان.
وتعد هذه المدينة التي تتبع حالياً محافظة درعا بسوريا إحدي منارات الحضارات المتعاقبة عبر آلاف السنين وذات أهمية استراتيجية أهلتها لأن تكون محطة فارقة في الشأن الديني والتجاري كونها ممرا علي طريق الحرير الذي يمتد إلي الصين.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في كفالة عمه أبي طالب لقي بحيري الراهب المسيحي وهو في قافلة لعمه أبي طالب لما توقف الركب عنده وضيفهم ودار حوار شائق بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم علي إثره كانت وصاية بحيري برسول الله وإخباره أبا طالب بأنه نبي هذا الزمان.
سجل التاريخ الإسلامي هذا النصر العظيم الذي بدأت أحداثه في شهر ربيع الأول 13 هـ بعدما استطاع القائد البطل خالد بن الوليد أن يخترق الصحراء الفاصلة بين العراق والشام في ثمانية أيام حتي وصل بصري فحاصرها ومعه من الصحابة شرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة بن الجراح.
ولما قرر حاكم بصري الخروج في اليوم الثالث استهانة بعدد المسلمين اندفعت القوات المسلمة صوب جيش الرومان ولم يدم القتال أكثر من ساعتين حتي كتب الله لهم النصر تتمة فضل منه عليهم.
وكانت بلاد الشام تقع تحت الحكم الروماني في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم ضد الروم آخر غزواته (تبوك) وأرسل أبو بكر الصديق رضي الله عنه جيشاً بقيادة شرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة بعد ذلك حتي كان الفتح الكامل لبلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد سلسلة من المعارك العظيمة التي خاضها جيش المسلمين في الشام.
ومن هذه الفتوحات كانت مدينة بصري بالشام. وكان الأخذ بالأسباب والإعداد المتقن والتخطيط الجيد أحد الدروس المستفادة من هذا الفتح الكبير.
فخالد رضي الله عنه نظم جيشه علي النحو التالي فلقد جعل نفسه في قلب جيش المسلمين وجعل رافع بن عمرو علي ميمنة الجيش وضرار بن الازور على الميسرة وجعل المسيب بن نشبة ومذعور بن عدي علي مؤخرة الجيش.
وكان من حسن حنكته في قيادة الجيش أن أصدر أوامره ألا تشترك مؤخرة الجيش في القتال حتي يأمرها بالاشتراك.
بدأت المعركة بهجوم الرومان علي المسلمين فنادى خالد بن الوليد بالمسلمين يشحذ هممهم ويدفعهم للصبر في القتال وكان يقول:
يا أهل الإسلام الشدة الشدة احملوا عليهم فإنكم إن قاتلتموهم محتسبين تريدون بذلك وجه الله فليس لهم أن يوافقوكم ساعة.
ولما نفد صبر جيش الرومان أمر خالد قسمي المؤخرة في الجيش أن تلتف علي الرومان فهزم الرومان هزيمة قاسية وأعلنوا الاستسلام.
وفتحت مدينة بصري أحد أهم قلاع الجيش الروماني. أما هرقل عظيم الروم فقد كان رافضاً خوض حرب مع المسلمين في بصري لأنه كان موقن من هزيمة جيشه، لذا قال:
ألم أقل لكم لا تقاتلوهم؟ فإنكم لا قوام لكم مع هؤلاء القوم.
فقال أخوه:
قاتل عن دينك ولا تجبن الناس وأمض الذي عليك.
فقال هرقل:
وأي شيء أطلب إلا توقير دينكم!