كتبت-سعاد احمد على:
تتأثر المنطقة العربية كثيراً بتداعيات تغير المناخ، ففي العقدين الأخيرين ارتفع متوسط درجة الحرارة بمقدار 0.8 درجة مئوية في المتوسط، ومن المتوقع أن ترتفع بمقدار 4.8 درجة بحلول نهاية القرن الحالي، وتؤثر موجات الجفاف والحرارة الشديدة وحرائق الغابات والعواصف الرملية والترابية وارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات المفاجئة، على الصحة والمسكن وسبل العيش والطبيعة في المجتمعات الحضرية والريفية والساحلية على حدّ سواء.
في هذا السياق، كرّرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) الدعوة لتسريع العمل المناخي، من خلال الضغط من أجل تمويل أفضل للمناخ في المنطقة، وذلك خلال المنتدى الإقليمي العربي بشأن تمويل العمل المناخي، استعدادًا للدورة 27 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP-27).
في كلمته الافتتاحية، قال الرئيس المعيّن للدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ ووزير خارجية مصر، سامح شكري، إنّ رؤية الرئاسة المصرية تقضي بأن يعكس المؤتمر التزامها بالانتقال من التعهد إلى العمل فيكون عنوانه التنفيذ، حيث تصبح الالتزامات فورية وفعّالة، وأضاف: «بذلك، ننتقل بسرعة نحو خطوات كاملة وآنية وشاملة على الأرض، عبر ترجمة الاتفاقيات والتعهدات إلى مبادرات حسية، فنستفيد إلى أقصى حدّ من قصص النجاح ونعمّمها، لكي نواجه مخاطر تغيّر المناخ».
ودَعت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، البلدان إلى الوفاء بالتزاماتها، وقالت في رسالة مسجّلة إن المطلوب من البلدان المتقدمة أن تؤمّن 100 مليار دولار سنوياً كما وعدت، وتُضاعف تمويل إجراءات التكيف ليصل المبلغ إلى 40 مليون دولار، على النحو الذي تم الاتفاق عليه في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ الـ26 في جلاسكو.
وأضافت أنه يمكن للأدوات المالية المبتكرة أن تساعد كثيراً في هذا المجال، بما في ذلك المبادرات المختلفة مثل الآلية التي وضعتها الإسكوا لمقايضة الديون بتمويل العمل المناخي، وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتآزر المانحين.
وشكّل المنتدى منصّة لتيسير التفاعل بين مجموعة واسعة من الشركاء والأطراف المعنيين من أجل تسريع تعبئة الاستثمارات العامة والخاصة، وإتاحة فرص التمويل المختلط لمشاريع ومبادرات ملموسة، كما ربط المستثمرين والممولين من القطاع الخاص وشركاء التنمية بالحكومات، لتيسير الحوار بشأن المشاركة في إيجاد فرص استثمارية تدعم الإجراءات ذات الأولوية في المنطقة.
من جهته، قال رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر قمة المناخ (COP-27) والمبعوث الخاص لتمويل خطة عمل الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، محمود محيي الدين، إن العمل الإقليمي المشترك من شأنه التغلب على معوقات تمويل وتنفيذ العمل المناخي في ظل التحديات العالمية الراهنة.
ووصف محيي الدين تمويل العمل المناخي بأنه غير كافٍ ويستغرق وقتاً طويلاً، وهو غير عادل لأن الدول الأكثر تضرراً من ظاهرة التغير المناخي، مطالبة بسداد فاتورة أزمة ليست سبباً فيها، كما أنها تحصل على النصيب الأقل من التمويل اللازم، لتحقيق أهداف المناخ لديها.
ودعا المشاركون المعنيون من القطاعين العام والخاص وقادة المجتمع الإنمائي الدولي الملتزمون بتقديم التمويل المتعلق بالمناخ في المنطقة، إلى تحديد أوجه التعاون والفرص في مجال تمويل العمل المناخي، لتسريع الوصول إلى الطاقة النظيفة وتقنيات كفاءة استخدام الطاقة، وسبل ضمان الأمن المائي والغذائي.
بدورها، قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي، إنّ البلدان العربية تلقّت خلال العقد الماضي نحو 34 مليار دولار من التمويل الدولي العام للمناخ، أي ما يقل عن 7% ممّا هو مطلوب لتنفيذ المساهمات المحدّدة وطنياً لـ11 بلداً عربياً، وأضافت: «مطلوب المزيد من الالتزام بتمويل العمل المناخي، مع تركيز أكبر على التكيف، خصوصاً في قطاعي المياه والزراعة».
وأظهرت المناقشات التي شهدها منتدى تمويل العمل المناخي في المنطقة العربية، أنه لا يزال الأمن المائي والغذائي من العوامل المحفّزة الرئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأهداف التخفيف من آثار تغير المناخ، والتكيف مع تداعياتها، في المنطقة.
ويُعد المنتدى الإقليمي العربي بشأن تمويل العمل المناخي، الذي عُقد بالعاصمة اللبنانية بيروت، أحد 5 منتديات إقليمية، في سياق التحضيرات للدورة الـ27 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الذي تنظّمه الرئاسة المصرية للمؤتمر مع روّاد الأمم المتحدة رفيعي المستوى لتغير المناخ، ولجان الأمم المتحدة الإقليمية الخمسة في مختلف أنحاء العالم.