الوعي الصحي للمصريين
بقلم: أ.د / أمان قحيف
أستاذ الفكر الإسلامي
لا أظن أن أحدنا يختلف على أن ردود أفعالنا على ظهور كورونا الجديد أثبتت أن الوعي الطبي أو الصحي عندنا كمصريين – على كافة المستويات – في حاجة ماسة إلى إعادة النظر به .. ذلك لأن ردود أفعالنا على هذه الجائحة جاءت معبرة عن قلة وعينا الصحي إلى حد كبير، ومعبرة في نفس الوقت عن شيوع فكر الاتكالية والتواكلية في حياتنا ، فأظهر ما يلاحظه المرء في سلوكياتنا الآن هو عدم إحساس بعضنا بخطورة الموقف بالرغم من اقتراب عدد المصابين المعلن عنه رسميا من العشرين ألفاً من أهلنا المصريين على مختلف طبقاتهم . هناك منا من تراه منشغلا بتوافه الأمور عن أخذ الاحتياطات الطبية البسيطة اللازمة لحماية نفسه ، وهناك من يصدمك بالاتكالية والتواكلية قائلا : ” خليها على الله ” أو ” المكتوب على الجبين ” … إلخ ، وهناك الطامة الكبرى وهي أن بعضهم يشكك في وجود المرض ويدعي الاطلاع على بواطن الأمور ويزعم أن الكلام عن هذا الفيروس هو ” شغل سياسة”!، إن ردود الأفعال هذه تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن وعينا الصحي ضعيف جدا جدا .
وعندنا أن هذه الحالة لا تنفصل بحال من الأحوال عن استعداد بعض العوام البسطاء للانصياع لتقبل أفكار المتطرفين والمتشددين أو حتى طلاب الوجاهة المجتمعية باسم الدين والتدين . وعندنا أن هذه الحالة لا تنفصل أيضًا عن غياب الاحترام عن الشارع المصري إلى حد كبير . وكل هذه الظواهر تعكس غياب الوعي الذاتي لدينا أو على الأقل ضعفه وتراجعه إلى حد كبير.
من هنا نطالب بأن تقرر مادة دراسية على مختلف مراحل التعليم يكون عنوانها ” الوعي الذاتي ” تدور مقرراتها حول : الوعي الصحي / الطبي . الوعي الديني / الاعتدال الوعي الاجتماعي / ثقافة الاحترام والتسامح . الوعي الوطني / الوطنية . الوعي السياسي / نظريات.. وقد نضم إليها مباحث أخرى . ونطالب بأن تكون هذه المادة أساسية ولا يجوز تهميشها – كما فعلوا سابقا بالتربية الوطنية والتربية الدينية – وتضاف إلى المجموع ، ويتم تدريسها في مختلف المراحل التعليمية إلى نهاية الجامعة ، وتدخل في التقدير العام للطلاب والطالبات .. هذا إذا أردنا أن نربي أولادنا على الوعي الذاتي وحرية التفكير لا على السطحية والسذاجة وضيق الأفق .