كتب- حمدي زكي:
تراودني بعض الخواطر، عقب حادث أسوان، والذي أسفر عن مصرع سائحين، ومصريين، جراء اصطدام أتوبيس سياحي بعربة نقل، علي طريق اسوان، أبو سمبل.
وإدارة الأزمات حسب مشاهدتي للأمور في إسبانيا علي مدى عقود قد يتم تلخيصها فيما يلي :
العمل على عدم حدوثها، الاستعداد بسيناريو قبل حدوثها، وليس التحرك فقط بعد حدوثها، وهذا غير متبع في مصر، نأخذ مثالا من اليابان، والتي تدرب الأهالي علي سيناريو مواجهة الزلازل في حال حدوثها، ولكن قبل حدوثها، وفي مصر نتحرك بعد اصطدام قطارين، او اتوبيسين، أو غرق، او احتراق باخرة، أو مبنى ما .
ولنا في حريق اوبرا القاهرة، أصدق مثل علي سوء إدارة الأزمات، وكثيرا ما كانت مدبرة، كما حدث في حريق القاهرة يناير ٥٢، مما عجل باندلاع ثورة 1952، وفي كل مرة يتوجه المسؤولون لالتقاط الصور، وهو أمر لابد منه، ولكن السؤال لماذا لم يذهب المسؤولون، لمعاينة ما إذا كانت اجراءات السلامة متوفرة أم لا ؟!، وهل سيارات الإسعاف مجهزة، وطفايات الحريق بالمباني، وبالطرق مجهزة كذلك أم لا.. ؟!.
واذكر ما قاله لي، مدير شركة إسعاف طائر بمدريد، عقب حادث الأقصر ١٧ نوفمبر ١٩٩٧، حين سألته” لماذا يقع حادث في مصر، فيمتنع السياح من زيارة مصر، وعلي العكس تماماً، حين يقع حادث ما في إسبانيا أو فرنسا، يستمر مع ذلك تدفق السائحين لزيارة تلك المقاصد الأوربية..؟”.
فأجاب ” المهم كيف يتم التعامل مع الحادث بعد وقوعه، فأنت لو حدث لك حادث في أبو سمبل أو إسنا علي سبيل المثال، فإنك قد تفارق الحياة، قبل أن تصل لأقرب مستشفى، أما في أوربا فالأمر يختلف تماما، فالمشكلة ليست فقط في وقوع الحادث، بل السائحون شاهدوكم، عقب حادث الأقصر، عبر شاشات التلفاز وأنتم تحملون الجثث والجرحى، كجوالات البطاطس، ولو كان عندكم إسعاف طائر، لتم انحسار وتقليص الخسائر”.
وأرسلته لمصر، لعرض مشروع إمداد مصر، بأطقم طائرات وسيارات إسعاف طائر، تتمكن من إنقاذ الجرحى، وهى في الطريق لأقرب مستشفى، وطلبت لقاء له مع المرحومين، الدكتور ممدوح البلتاجي، والبطل محمد نسيم، والذين رحبا بإدخال هذا المشروع إلى مصر عقب حادث الأقصر، ثم لم يتم، لأن القرار لم يكون بيد وزير السياحة، هكذا قال الدكتور البلتاجي، وقتها آسفا، وضاع القرار وقتها، بين جهات مختلفة، نظرا لأن المجلس الأعلى للسياحة، كان مجرد ديكور، والذى لم يجتمع، إلا مرة واحدة منذ انشائه.
إدارة الأزمات إعلاميا
الزمن أولى بنسيان حادث سلبي، ما بمعنى إذا لم نتمكن من الرد الفوري، بنفس حجم الإعلام السلبي، فالأفضل هو الانتظار، خاصة أن الاحداث الدولية تتوالى، ولابد من التعامل مع كل سوق علي حدة، وتجنب التعميم، فإذا كانت إسبانيا، لم تذكر وسائل الإعلام فيها حادثا في مصر، فالأفضل عدم التذكير، حتى لا نكون بمثابة” ياللي ما عرفتش اعرف”، كما إنني أهيب، بالزملاء من المرشدين السياحيين، أن يتوقفوا عن بث مشاهد فيديو، ب “الفيسبوك”، عن حادث أسوان.
فأحيانا يكون الصمت أمضى من الكلام، خاصة في سوق لم يعلم بحادث ما، أو علي الأقل نعطى الخبر يوما ثم ننساه، فلا يصح بعد ما الناس نسيته، نأتي بعد أيام، أو أسبوع، ونشيره من جديد.
حمدي زكى، كاتب عضو نقابة الكتاب والصحفيين الاسبان والمستشار السياحي لمصر سابقا، بالولايات المتحدة، وإسبانيا والبرتغال، وأمريكا اللاتينية.