كتب أحمد نورالدين
اختتمت مساء أمس فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثاني الموسوم بـ: التكنولوجيا الحديثة وأثرها في الدراسات الشرعية والقانونية الذي نظمته كلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر – فرع تفهنا الأشراف بالدقهلية – ، والذي عقد على مدار يومين في مقر الكلية برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبرئاسة معالي الأستاذ الدكتور رمضان عبدالله الصاوي عميد الكلية، وإشراف الأستاذ الدكتور حمدي محمد مصطفى وكيل الكلية، ومقرر المؤتمر الأستاذ الدكتور أحمد محمد لطفي رئيس قسم الفقه المقارن بالكلية.
شهد المؤتمر مشاركة واسعة من عدد كبير من الباحثين المصريين والعرب الذين أثروه بأبحاثهم وجاءت كتاباتهم متنوعة لتغطي محاور المؤتمر المتعددة الشرعي منها والقانوني.. وابتدأت الجلسة الختامية للمؤتمر بتلاوة البيان الختامي المتضمن لأهم النتائج والتوصيات التي خلصت إليها البحوث المقدمة، ونصه كالآتي:
الحمدُ للهِ، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن تبع هديه إلى يوم الدين..، وبعد:
فلله الحمد والمنة أن يسر لكلية الشريعة والقانون بالدقهلية انعقاد وإتمام مؤتمرها المعنون بـ “التكنولوجيا الحديثة وأثرها في الدراسات الشرعية والقانونية” بقاعة الاحتفالات بالكلية، وعلى مدى يومين متتاليين شرفت الكلية بحضور جمع غفير من العلماء والباحثين من مختلِف الدول أثروا ببحوثهم ومناقشتهم جلسات هذا المؤتمر، حيث توصل الباحثون إلي عدد من النتائج والتوصيات نوجزها في الآتي:
أولا: صار تقدم الشعوب مرهونًا بمدى التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه، وصار سمة من سمات الحياة، فصار البشر يرتكزون عليها في حياتهم بشكل كبير، ومعظم الدول التي تريد مواكبة العصر وعدم التخلف عن ركب الحضارة فيه قد قطعت أشواطا كبيرة في التحول الرقمي والأخذ بأسباب التقدم الحضاري، ومن بينها استخدام التكنولوجيا الحديثة وأنظمة الذكاء الاصطناعي.
– فقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة في التيسير على طلاب العلم من حيث إمكان الاطلاع على جميع المستجدات، وإمكان متابعة الفاعليات العلمية والمشاركة فيها حال انعقادها لحظة بلحظة.
– كما أسهمت التكنولوجيا الحديثة في تيسير أداء العبادات، والحد من نشر الفكر المتطرف، والوصول إلى الأحكام الشرعية في القضايا الطبية والاقتصادية المعاصرة، والحد من قضايا إثبات النسب والأطفال مجهولي الهوية، والتعرف على هوية المجرمين في الجرائم المختلفة.
ثانياً: إن الشريعة الإسلامية بأحكامها ومقاصدها لا تقف حجر عثرة أمام التقدم في شتى المجالات ما دام هذا التقدم يحقق نفعاً للبشرية كلها دون النظر إلي الدين أو المعتقد، شريطة ألا يصادم هذا التقدمُ النصوصَ الشرعية.
– وقد أثرت التكنولوجيا الحديثة في تغيير أسلوب صدور الفتوى من الطريقة التقليدية إلى الطريقة الإلكترونية التي تتيح وصولها إلى راغبيها عبر الوسائل التقنية المختلفة؛ مما يؤكد ضرورة الربط بين المواقع التي تُعرض عليها الفتاوى والمواقع الإلكترونية للمؤسسات الرسمية المعتمدة للإفتاء؛ للحد من تضارب الفتوى بعد توجيه المستفتين إلى ضرورة طلب الفتوى الصحيحة من المتخصصين في مجال الفتوى؛ حيث يلزم المستفتي التحري عن أهلية المفتي، والتحقق من أمانة الوسيلة التي تُبث عليها الفتوى، وأهلية القائمين عليها عملاً بقوله تعالي: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”.
ثالثاً: الاختراق الإلكتروني، والتجسس، والابتزاز، والتشهير يشكل كل منها خطرًا كبيرًا على المجتمع وقيمه، ويعدّ من الذرائع التي يجب أخذها بعين الاعتبار في زماننا هذا من حيث سدها في ضوء مقاصد الشريعة وغاياتها، ومواد ونصوص القانون التي تضبط عملية استخدام التكنولوجيا الحديثة.
رابعاً: تلعب الوسائل التكنولوجية الحديثة دورًا مؤثرًا في الحفاظ على الأمن القومي للدول ومجابهة الإرهاب على جميع الأصعدة، حيث يستخدم التقدم التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات في عملية جمع المعلومات ونقلها بين الدول؛ مما يؤدي إلى الحفاظ على كيان الدولة وبقائها، والدفاع عن مصالحها القومية، وتحقيق التوازن بين سلطاتها وأعمالها السياسية، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تركيز الدول على مبدأ العمل المشترك على المستوى الدولي في هذا المجال؛ حفاظًا على كيانات الدول من الانهيار.
أما توصيات المؤتمر:
أولاً: العمل على وضع قواعد دولية لضبط استخدام التكنولوجيا الحديثة؛ للحفاظ على كيانات الدولة من الانهيار.
ثانياً: تطوير الدولة لكافة أجهزتها المعلوماتية، وإعداد كوادرها البشرية؛ لمواجهة تحديات ومخاطر التكنولوجيا الحديثة.
ثالثاً: ضرورة إيجاد تنظيم تشريعي مستقل للحق في الخصوصية عبر وسائل التواصل الإلكترونية، مع منح القضاء سلطة تقديرية في تحديد نطاق هذا الحق.
رابعاً: إحلال النظم الإلكترونية -بالتدرج- في الإجراءات القضائية باعتبار ذلك النواة الأساسية الإلكترونية، وإعداد البنية الأساسية للمحاكم للتوافق مع تطبيق النظم الإلكترونية في التقاضي، بما يسهم في رقمنة القضاء.
خامساً: ضرورة إعادة النظر في القوانين الخاصة بحماية الملكية الفكرية، وقانون حماية المستهلك بما يتلاءم مع التطور التكنولوجي الراهن.
سادساً: يوصي المؤتمر الباحثين في المجال الشرعي بمزيد العناية؛ للوقوف على خلفيات وأساسيات التكنولوجيا الحديثة وتصورها؛ لما له من علاقة أصبحت ضرورية ذات أثر بالغ لنوازل الفتوى.
سابعاً: كما يوصي المؤتمر بالعمل على حسن استغلال وسائل التكنولوجيا الحديثة في التعريف بالهوية الإسلامية ونشرها باعتبارها ساحة جديدة يفرضها الواقع ومقتضى الحال.
ثامناً: يوصي المؤتمر العلماء والمثقفين والدعاة والقائمين علي صياغة العقل الجماعي للأمة بتوجيه الشباب والأطفال والرجال والنساء نحو الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة بما يحقق النفع للفرد والأمة والمجتمع.
تاسعاً: نشر الوعي الفقهي وربطه بالعلوم المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة.
عاشراً: إنشاء هيئات رقابية تراقب ما يُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية على أنه من كتب الفقه.
حادي عشر: العمل على إنشاء المجامع الفقهية الافتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي بشرط أن يمثل المذاهب الأربعة علي المستوى الدولي.
وفي الختام: تقدمت كُلِّية الشريعةِ والقانونِ بتفهنا الأشراف – دقهلية بخالص الشكر والتقدير إلى العلماء الأجلاء الذين شاركوا ببحوثهم الشرعية والقانونية، التي كان لها عظيم الأثر في إثراء الدراسات الشرعية والقانونية، كما تتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان للسادة أصحاب المعالي والسعادة قيادات أزهرنا الشريف، ورجال المجتمع وسيِّداته، ورجال الإعلام، وكافة الحضور الكريم الذين شرفوا الكلية بحضورهم المبارك.
جدير بالذكر أن الجلسة الختامية تضمنت تكريم الباحثين المشاركين في المؤتمر، وتوزيع دروع التكريم على عدد من كبار الزوار، وأسر أعضاء هيئة التدريس الراحلين، وانتهت الجلسة التي قدمها الإعلامي المتميز فوزي عبدالمقصود ممثلاً لإذاعة القرآن الكريم بتلاوة آيات من الذكر الحكيم لفضيلة القارئ عبد الفتاح الطاروطى، مع توجيه خالص الشكر والتقدير لجميع المشاركين والحضور.
جميع الحقوق محفوظة | جريدة صوت الشعب الإلكترونية 2020