أجرى الحوار/ الشيخ صبري علام
أفضل شيء تصرف فيه الهمم وتبذل فيه الأوقات والأموال والأعمار كتاب الله تعالى، ويكفينا شرفا ورفعة ووعدا قوله تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ومن النماذج المشرفة لحفظة كتاب الله ممن لم يشغلهم طلب العلوم العلمية والطبية عن الحفظ والتشرف بالوقوف على أحكام التلاوة والتدبر الدكتورة أميمة إبراهيم الأستاذ المساعد بكلية الطب جامعة الزقازيق وهي أم لثلاثة أبناء. التقتها “صوت الشعب نيوز” لتقف على تجربتها في حفظ كتاب الله ونصائحها للأمهات وللأبناء فكان هذا الحوار..
بداية، حدثينا عن قصة حفظك لكتاب الله؟
أحفظ ستة عشر جزءا من القرآن ويا رب أتم حفظه كاملا، والقصة تبدأ بأختي د. أميرة إبراهيم، فقد اشتركت لأبنائها في دورة “أجيال القرآن” بالزقازيق، ولأني مقيمة بالعاشر من رمضان فقد تعذر عليّ المشاركة، لكن هذا العام -ورب ضارة نافعة- ونظرا لظروف انتشار العدوى بفيروس كورونا المستجد، أسأل الله أن يرفعه عنا وعن العالم أجمع، عقدت الدورة أونلاين مما أتاح لي فرصة الاشتراك.
كثيرون يلتحقون بمثل هذه الدورات لكن الغالب منهم لا يكملون المشوار لنهايته.. ما تعليلك؟
حينما قررت الالتحاق بالدورة كان لدي أهداف وطموحات خلاصتها مراجعة المحفوظ والبدء في حفظ جديد حتى أختمه كاملا بإذن الله، بالإضافة إلي التوسع في دراسة التجويد وتصحيح أي مشاكل في القراءة إن وجدت.
البعض يتوهم أن حافظ القرآن ينبغي له أن يعيش في كهف منعزل عن العالم حتى لا يصاب بملوثات الحياة والبشر من حوله.. ما تعليقك؟
حفظ القرآن يدفعنا للعمل وليس للتقوقع مهما سيقت المبررات، ولله المنة فالفقيرة إلى الله حاليا أستاذ مساعد في كلية طب بشري جامعة الزقازيق وأقوم بالتدريس لطلبة الكلية وطلبة الدراسات العليا والإشراف علي رسائل ماجيستير ودكتوراة، وقد حصلت علي الدكتوراة عام ٢٠١٢ تخصصي سموم إكلينيكية، ونقوم بعلاج حالات السموم الحرجة والمزمنة في مستشفى الزقازيق الجامعي (صيدناي) سواء بالأقسام الداخلية أو العناية المركزة والآن أصبحت أشرف علي المعيدين والمدرسين المساعدين والمدرسين الذين يقومون بعلاج الحالات ووضع بروتوكولات علاج لهم.
فالقرآن جعلني أمتاز عن غيري وأكون الوحيدة في القسم حتى الآن التي تحصل علي منحة دراسية ممولة بالكامل من جامعة مريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠١٧، فضلًا عن أنني كنت من أوائل دفعتي في البكالوريوس وأول من أنهيت الدكتوراة من دفعتي في القسم وأول من تم ترقيته من دفعتي أيضا لأستاذ مساعد، كلها بكرم الله وتوفيقه وببركة القرآن الذي علمنا أن نستيقظ باكرا ونركز جيدا ونتكلم قليلا ونحافظ على أوقاتنا ونعتني بصحتنا ونبتعد عن التفاهات.
كيف توفقين بين عملك وبيتك ووقت الدورة وواجباتها؟
حقيقة كون وقت الدورة من الرابعة فجرا إلي الثامنة صباحا فهذه ميزة حيث إن هذا الوقت تقريبا لا يوجد به أعمال منزلية والأولاد نائمون.
والحفظ والمراجعة لليوم التالي أجعلها خلال ممارسة بعض الأعمال أو أثناء الصلوات فأقوم مثلا في كل صلاة بمراجعة أو حفظ جزء جديد.
أما بالنسبة للعمل فلحسن الحظ هناك تخفيف للأعمال ووقتها في العالم كله حاليا نظرا للأزمة الحالية.
هل تأثرتِ بتثبيط المثبطين الذين يسيرون على مبدأ “بعد ما شاب ودوه الكُتّاب”؟
لا بفضل الله، بل قلت لنفسي في هذا الشأن: قد حصلنا من علوم الدنيا وما زلنا بفضل الله فلماذا عند كتاب الله نقول “كبرنا” أو “مشغولين”، والقرآن سيغير حياتي ويجعل بها بركة في كل شيء وينزل به الله تعالي علي قلوبنا السكينة وأيضا لكي أكون قدوة لأولادي.
طبعا الوضع مختلف بين أن تقول لأولادك احفظوا القرآن وهم يرونك لا تفتح المصحف وبين أن تقول لهم احفظوا القرآن وهم يرونك مواظب علي الحفظ .
وهناك نقطة أخري، وهي أني شعرت بغبطة لأختي توأمي التي أتمت حفظ القرآن بفضل الله وزوجي أيضا الذي أتمّه وحصل علي إجازته بثلاث قراءات وكثيرا ما رددا على سمعي هذا الحديث “… اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها”.
في دورة أجيال القرآن مررتِ بعدة تجارب، تجربة الحفظ عن بعد، تجربة الحفظ المكثف، تجربة حفظ المتون العلمبة، فما رأيك في هذه التجارب؟
أكثر من رائعة وقد فاقت توقعاتي قبل الاشتراك في الدورة وبالذات أن اختيار المعلمات تم علي أكمل وجه حقيقة واستفدت كثيرا جدا في علم التجويد وتحسين القراءة، وبالفعل مررت علي أكثر من معلمة خلال رحلة الحفظ لكن أفضل معلمة كانت هي التي منَّ الله علي بالتعلم علي يديها من خلال هذه الدورة وأتمني لو أتممت علي يديها حفظ القرآن كاملا.
وما نصائحك لراغبي الحفظ وتعلم أحكام التلاوة؟
أقول لهم في كلمات بسيطة: “أقبلوا علي القرآن بعزم يُقبل عليكم”.
يبقى أن تحدثينا عن كيفية الاشتراك في الدورة؟
الدورة الحالية هي دورة أجيال القرآن لعامها التاسع ولأول مرة يتم تطبيقها أونلاين، ويتقدم الطالب للاشتراك في الدورة ويتم توزيعه مع اثنين أو ثلاثة آخرين من الطلاب مع معلم أو معلمة من الخاتمين للقرآن والحاصلين علي إجازة بحيث يتواصلوا أربع ساعات يوميا علي فترة واحدة أو مقسمة إلي فترتين موزعة بين الحفظ الجديد والماضي القريب والبعيد وشرح تجويد ومتون وغريب القرآن.