هذا عيدنا
بقلم/ أحمد نور الدين
مدير تحرير الأهرام التعاوني
الله أكبَرُ الله أكبَرُ الله أكبَرُ، لا إله إلا الله ، الله أكبَرُ الله أكبَرُ الله أكبَرُ، ولله الحمد ، الله اكبرُ كبيرا، والحمدُ للهِ كثيرا ، وسبحانَ اللهِ بُكرَةً وأصيلا، لا إله إلا اللهُ وحْده ، صَدَقَ وعْده ونصَر عبْده، وأعَزَّ جُنْدَهُ وهَزمَ الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبُدُ إلا إيَّاه، مُخلصين لهُ الدِّين ولو كَرِهَ الكافرون، اللهمَّ صلِّ على سيِّدِنا مُحمَّد، وعلى أصحاب سيِّدِنا مُحمَّد، وعلى أنصار سيِّدِنا مُحمَّد، وعلى أزواج سيِّدِنا مُحمَّد، وعلى ذرّيةِ سيِّدِنا مُحمَّد، وسلّم تسليماً كثيرا.
الحمد لله والفضل والمنَّة لله الكريم حمدا كثيرا لا يعد ولا يحصى على نعم ربنا ـ عز وجل ـ فها نحن بفضل الله أمرنا ربنا بالصيام فصمنا، وبالقيام فقمنا، وبالزكاة فزكينا، فله الحمد على هذا الدين القيم الذى هدانا إليه، ونسأله تعالى متضرعين أن يجعلنا من عباده المقبولين، الفائزين، وما هى إلا ساعات قليلة ونحتفل بعيد فطرنا المبارك، أعاده الله علينا جميعا بالطاعات والبركة والخير، وهكذا انقضت ليالي رمضان المعدودات، وانفض سوقه، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، جعلنا الله من عباده الرابحين المقبولين.
والعيد شرعه الله لنا فى ديننا ليكون بهجة وأنسا وبشرا وسرورا علينا ولمن حولنا بعد طاعة وعبادة، ولنظهر فيه ذكر الله وتعظيمه والثناء عليه “ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون”، ولنشكره على نعمة كون الله لنا ربا، والإسلام دينا، ومحمد نبيا ورسولا، وليعلم كل من يقدح ديننا ويرميه بسهام الزيف والحقد والبغضاء، أن فيه فسحة فى انضباط وليس تحللا من أداء فرائض الشرع والعبادات، ولنحذر أن نبارز ربنا فى عيدنا بالمعاصى والآثام والمنكرات، وقد جعلنا الرب العلى سبحانه خير أمة للناس، وعلينا أن نثبت له عز وجل ولأنفسنا وللناس جميعا مصداقية تلك الخيرية التي نعت بها الله تعالى أمة حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.
فلنحمد الله ـ عز وجل ـ ولنشكره، ولنفرح بعيدنا وبعبادة ربنا الغفور الرحيم الذى يجزل العطاء لعباده، ولنعرف عظيم قدر نعمه علينا، فنواسى المحتاج بالخير والفضل والمؤنة، ولنقوى أواصر المودة بيننا وبين إخواننا، فندعو لموتانا بالرحمة والفردوس الاعلى، ولمرضانا بالعفو والعافية والمعافاة، ولنفرج هم مكروبنا ومهمومنا، ولنيسر على معسرنا، ولنصل أرحامنا، متجنبين كل ما يغضب ربنا تبارك وتعالى فى احتفالنا وسعادتنا بعيدنا.
ومن مقاصد العيد التي أوجبها ربنا سبحانه فيه أيضا، أنه جعله فرصة لإدخال الفرحة علينا نحن المسلمين بعد أدائنا لفرائضه عز وجل، واجتهادنا في عبادته، فعيد الفطر يأتي بعد صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى يأتي بعد الحج والوقوف بعرفة، فكان ارتباط العيد بالعبادة لصيق، فى إشارة عظيمة من الرب الحنان المنان، أن تعب المتعبدين يأتي بعده الفرح والسرور، وأن العيد جائزة المتعبدين في الدنيا، كما أن من مقاصد عيدنا انه فرصة للتوسعة على أنفسنا وأهلنا وأولادنا بالترفيه المباح، والمتعة الحلال، يرشدنا إلى ذلك قول قدوتنا صلى الله عليه وسلم لأبى بكر رضي الله عنه، وقد دخل على عائشة رضي الله عنها في يوم عيد ووجد عندها جاريتين تغنيان، فأنكر عليها ذلك، فقال له: (يا أبا بكر! إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) متفق عليه.
ومن جلال وعظم ديننا، أن ديننا دين طهر ونقاء، فعلى حين يتيه أهل الديانات الأخرى المحرفة وأصحاب الضلالات فى شعب الضلال وأوديته في أعيادهم، تظل علاقتنا قائمة بربنا ـ عز وجل ـ وبتعاليم ديننا، حتى فى فرحنا بأعيادنا، فيروى المروزي في مؤلفه “مختصر قيام الليل “عن ابن مسعود رضى اللَّه عنه: أنه كان يخرج في آخر ليلة من رمضان، فينادي: من هذا المقبول الليلة فنهنيه، ومن هذا المحروم المردود الليلة فنعزيه، أيها المقبول هنيئا، وأيها المرحوم المردود جبر اللَّه مصيبتك”، وجاء في “لطائف المعارف” قول كعب: من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إن أفطر رمضان أن لا يعصي اللَّه، دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب، ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر عصى ربه، فصيامه عليه مردود”.
وقد يتساءل المرؤ منا: ما الحِكمة من هذا البلاء الذى ابتلي الله تعالى به العالم أجمع؟، ولماذا حرمنا من المساجد فى رمضان؟ فنذكر أنفسنا بقول حبيبنا الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم: “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيرا له. “، ولو علمنا الغيب لاخترنا الواقع الذى قدره لنا الرب الرؤوف الرحيم، ولنحمد الله أننا ما حرمنا من العبادة ببيوتنا، من صيام وقيام واعتكاف وذكر وتصدق، وأن هناك من حرم بالفعل منها، إما لموت غيبه، أو مرض أقعده، أو ظروف حياتية ومعيشية جعلته مشردا بلا مأوى، بعد أن كان يتقلب فى النعم، عافانا الله من زوالها.
وليعلم كل منا أن بلاء الله لعباده إنما لعود الفائدة عليهم، فالبلاء تكفير لخطايا المسلم؛ كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي علَى الأرضِ وما علَيهِ خطيئةٌ)، ورفعا لدرجات المؤمن عند ربه عزّ وجلّ، وتمييزا للمؤمنين عن المنافقين، وأنه لا يقع إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة.
وفى شهر شوال مازال سوق الخير منصوبا، وكرمه وعطاؤه الجزيل لا ينفد، فعلينا أن نتهيأ لاقتناص طاعة أخرى لله، وما أحوجنا اليه، وهو صوم الست من شوال حين أرشدنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم إلى فضل صيام تلك الأيام فى قوله: “من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر”.
فلنحمد الله على نعمة الإسلام، ولنسأله القبول والفوز بالآخرة، وليمكّن كل منّا الدين فى قلبه وبيته ومن يعول حتى يمكّنه الله فى الأرض جميعا، كما ارتضى سنة للكون، كل عام ونحن جميعا -مسلمين ومسيحيين- ومصرنا وأمتنا الإسلامية والعربية بخير ويمن وبركات، وسخاء ورخاء وأمن وطمأنينة، وجعل الله أيامنا كلها أعياد، وكشف عنا الغمة وصرف عنا الوباء.