دور الدعاة بعد جائحة كورونا
صبري عبدالباقي علام
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
الحمد لله الذي قدر فهدى وخلق فسوي والصلاة والسلام على صاحب الشريعة الغراء والمحجة البيضاء والشفاعة العظمي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
إن للعلماء والدعاة إلى الله تعالى دوراً عظيماً في تبصير المسلمين بأمور دينهم وتدينهم التدين الصحيح الخالي من كل تشدد وتعنت وخروج عن جادة الطريق، والقضاء على ما يعترض سبيله ويوهن قوته؛ ذلك أنهم ورثة الأنبياء في التغيير والإصلاح، وهم دائماً حَمَلة مشاعل الهداية، وصِمَام الأمان للخَلق من الضلال والهلاك، بما يقومون به من جهود بالنصح والإرشاد، والأخذ بأيدي الناس إلى صراط الله المستقيم.
ويجدر بالعلماء والدعاة أن يضطلعوا – في هذا الشأن – بواجبات مهمة، منها:
1- أن ينصحوا للمسلمين عامة وأن يبينوا للجميع أهمية الدين وارتباطهم بالله تعالى وأن النجاة الحقيقة في الدنيا والأخرة تكون في التمسك بالقرآن والسنة والبعد عن حقوق الناس وعدم التعرض لأموالهم وأعراضهم ودمائهم.
2 – ومن واجب العلماء والدعاة أن يعملوا على تعميق التدين الصحيح لدى جماهير المسلمين، حيث إن هذا الأمر يخدم العودة إلى التدين الصحيح والنهوض بالأمة والعودة بها إلى سالف عهدها يوم أن كانت الأمة العظمى الوحيدة ، وقتها فقط عرفت البشرية معنى العدل والإنصاف والمساواة التي يحتاج إليها كل مجتمع في كل زمان ومكان.
3- ومن واجب العلماء والدعاة في هذا الشأن أن يبددوا سحب اليأس والقنوط، ويعمقوا الآمال في نفوس الأجيال بتجاوز هذه الحال التي آلت إليها أمتنا بسبب هذه الجائحة التي اجتاحت العالم كله، ويعلموا الناس أن مع العسر يسرا وأن الفرج مع الصبر وأن الله تعالى يبتلي الناس لينظر كيف يعملون، وأن الإيمان بقدر الله تعالى من صلب عقيدتنا الإسلامية وأنه لا يقع في كون الله إلا ما أراده الله تعالى.
ولذلك لا نيأس من أن تعود الحياة كما كانت لكن هل اعتبرنا واتعظنا بأقدار الله تعالى؟
4 – ومن واجب العلماء والدعاة أن يعلقوا الأمة بربهم وبولاة الأمر منهم وأن هذا التعلق والتمسك جزء لا ينفك عن ديننا الحنيف لأن طاعة ولاة الأمر فيما يكون فيه المحافظة على الضروريات الست التي جاء بها الشرع هي جزء من الشرع.
5- وينبغي على العلماء والدعاة أيضاً توظيف الأحداث والنوازل التي تنزل بالمسلمين، بل والعالم أجمع بالتعلق بالله والوقوف على قيمة الإسلام وأن العالم مهما بلغ من تقدم علمي رهيب إلا أنه يظل يحتاج إلى معية الله وتوفيقه والرجوع إليه في كل أمر ذي بال.
6- ثم إن على علماء الأمة ودعاتها أن يقدموا من أنفسهم القدوة الحسنة أمام عموم المسلمين في التحقق ، وعلى سبيل المثال هناك بعض العلماء والدعاة المعاصرين نراهم – مع الأسف – أداة تخريب للأمة الإسلامية، وتمزيق لها؛ حيث ينفخون في رماد التعصب المذهبي الممقوت، ويعملون على إحيائه من موات، فيُحْدِثون بهذا من الانقسامات والفرقة في صفوف المسلمين الكثير، وللأسف يتبع هذه الانقسامات شحناء وبغضاء وتدابر، ولا سيما مع غياب فقه الاختلاف وآدابه!!
لقد رأيت بعض من ينتسبون إلى العلم والدعوة ما إن يحل أحدهم في مكان إلا ويثير الفرقة فيه، ويحدث التحزَّب والتنافر، والعداوة والبغضاء، بسبب ما هو عليه من تعصُّب مذهبي مقيت، يكتنفه سوء أدب ورذالة خُلق مع المخالفين في الرأي، في حين أن ذاك الاختلاف الحاصل في الرأي لا يتجاوز محيط الأحكام العملية الفرعية التي من المحال أن يجتمع العلماء فيها على رأي واحد!!.
7- ومن واجب العلماء والدعاة للحفاظ على الأخوة، وإرساء دعائمها، والنهوض بها بين المسلمين، أن يحرصوا في كتاباتهم وبحوثهم، وملتقياتهم ومؤتمراتهم على تبني القضايا والموضوعات الفكرية والعلمية التي تجعل التواصل بين المسلمين على الدوام نابضا بالحرارة والحيوية، مفعما بالنشاط والقوة.
8 – ومما ينبغي أن يقوم به العلماء والدعاة في بعد جائحة فيروس كورونا كذلك، أن يعملوا على استمرار نصرة الله ونصرة دينه ورسوله ومتابعة ولاة أمورهم في كل ما فيه نفع ومصلحة للعباد والبلاد، وأن ينصروا الله في أنفسهم وأهليهم ان يحسنوا التعلق بالله ظاهرا وباطنا.
وفي الختام نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا ومصرنا وآمننا ورجالنا وعلمائنا وأن يستعملنا ولا يستبدلنا وان يرفع الفتنة والبلاء عن العباد والبلاد ، إنه على كل شيئ قدير وبالإجابة جدير وهو نعم المولى ونعم النصير.