كتب: أحمد نورالدين:
يسأل سائل: هل يجوز الزواج في مصر على غير المذهب الحنفي؟ ولماذا لا يتزوج المصريون إلا علي المذهب الحنفي؟
ويجيب على هذا السؤال فضيلة العالم الشيخ مكرم عبداللطيف مدير عام أوقاف كفر صقر بمحافظة الشرقية بقوله: اولا: نعم يجوز عقد الزواج على غير مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، اذا وقع العقد شرعيا صحيحا، والعقد الشرعي الصحيح هو القائم على أركان و شروط صحة الزواج منها الايجاب والقبول و الولي والشاهدان والمهر والإشهارعلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا تم الزواج على مذهب غير المذهب الحنفي أو دون ذكر أي مذهب يكون عقد الزواج شرعيا وصحيحا، اذا توفرت شروط وأركان شرعية نص عليها الفقه الإسلامي وجميع المذاهب وكلها واحدة، إلا فيما اشترطه الشافعية والمالكية والحنابلة وهي:
1- موافقة ولى الأمر 2-الشهود 3- الاعلان 4- والصداق 5- الايجاب والقبول
وخاصة وجود الولي ولم يشترطه أبو حنيفة، وأجاز للمرأة الراشدة العاقلة أن تزوج نفسها، وإن كان بعض علماء المذهب عدل عن رأيه واشترط الولي، وبعضهما قال إنه لا تزوج نفسها إلا الدنيئة وغير النسيبة من الناس، وبالتالي أي عقد زواج يتم بمذهب غير المذهب الحنفي فهو عقد زواج شرعي إسلامي صحيح إذا توافرت شروط الشرعية، وأركانه المتفق عليها شرعا وقانونا، وعليه فإنّه لا يوجد مذهب معين يفرض على الناس: «ممكن نغير لكنه في هذه الحالة يكون مخالفة للقانون، فالمسألة مسألة قانونية والتشريعات القانونية رأت الاعتماد على هذا المذهب، وبالتالي فعند توثيق عقد الزواج بغير مذهب الإمام ابو حنيفة يصبح معارضا للقانون وليس معارضا للشرع.
ثانيا: اما عن سبب اعتمادالمذهب الحنفي دون سواه للزواج في مصر، فلأن القضاء المصري اعتمده منذ أكثر من قرن (100 سنة)، فمنذ عام 1930 استحدث نظام التوثيق بعقود الزواج على هذا المذهب، ومن منطلق ما اتفق عليه من أن مذهب أبو حنيفة نصر المرأة وأعطاها الأهلية الكاملة لإنشاء عقد النكاح وبقية العقود الأخرى، سواء فى التصرف المالي أو غيره من العقود، وهو من مذاهب أهل السنة والجماعة الأربعة المعتمدة، وأكثرهم انتشارا في العالم الإسلامي وهو من مدرسة أهل الرأي وسمي بأهل الرأي لإكثارهم من الأخذ بالقياس في مسائل الفقه، ولانه أيسر المذاهب في إنشاء عقد الزواج، ويعطي للمرأة أهلية كاملة في عقد الزواج، مثلما يكون لديها أهلية لأي عقد مالي كحساب في البنك أو عقد تجاري.
وكان مذهب أهل مصر قبل الدولة العثمانية هو المذهب الشافعي، وكان منتشرا انتشار كبيرا في ربوع مصر، ويعمل به في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية بسبب وجود الإمام الشافعي بمصر، وأسس مذهبه الثاني في مصر، وأقام بين أهل مصر وكانوا يحبونه، ثم جاء العثمانيون لمصر، وكانت الدولة العثمانية تعتمد المذهب الحنفي في قضائها فاعتمدوا المذهب الحنفي في أحكامهم وقضائهم ومعاملاته إلى أن تم وضع وبداية المذهب الحنفي في قانون لائحة ترتيب المحاكم في مصر الصادرة سنة 1931 في المادة 280 التي تنص: “تصدر الأحكام طبقا للمدون في هذه اللائحة و لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة”.
واستمر العمل في قوانين الأحوال الشخصية بالمذهب الحنفي والمعتمد والراجح منه في مسائل الزواج والطلاق والنفقة والحضانة وما يترتب عليها من آثار، لذلك يتم الزواج في مصر طبقا للمذهب الحنفي.