مسقط – خاص :
تُمثِّل الأزياء التقليدية الوطنية أحد أهم الموروثات الحضارية والتراثية في الأُمم، وتُمثِّل الدشداشة العُمانية أحد أهم المورثات الوطنية؛ كونها جزءًا من الهُوية الوطنية العُمانية، على الرغم من الإختلاف في بعض تفاصيلها وطريقة حياكتها المتعددة.
وقد حرصت السَّلطنة طوال تاريخها الحديث والقديم على التمسُّك بها عبر الأجيال المختلفة، وأضحت جزءًا من الثقافة العُمانية وشاهد عِيان على مسيرة تطوُّر المجتمع في عقوده الأخيرة،
وكان تمسُّك العُمانيين بها مزجًا فريدًا بَيْن الحداثة والأصالة، فقد صمدت الدشداشة عبْر اعتزاز المواطنين بها في وجْه دعوات الحداثة والتمدُّن والتجديد، ومجابهة مسارات زمن العولمة؛ وذلك بسبب الحرص الوطني الذي سعى دائمًا إلى التمسُّك بهذا الموروث الفريد الذي يُمثِّل الشخصية العُمانية ويعبِّر عنها،
وذلك إدراكًا بأنَّ التُّراث الشَّعبي يُشكِّل وجدان أيِّ أُمَّة، ويُقوِّي ذاكرة المواطنين الجمعية، ويرفع من شأن كُلِّ ما يتعلَّق بالهُوية الوطنية، خصوصًا في الملبس الذي يُعدُّ موروثًا حيًّا في أنْفُس وعُقول النَّاس.
ويُعدُّ الشَّعب العُماني من أكثر شُعوب العالَم أجمع التي لا تزال تتمسَّك بتُراثها وموروثها وعاداتها بشكْلٍ فريدٍ يُميِّز أبناء عُمان عن غيرهم، خصوصًا في المأكل والملبس والفنون الشَّعبية وكُلِّ ما يرتبط بأرض عُمان ذات التَّاريخ التَّليد المُوغل في القِدَم، والمُمتدِّ لآلاف السِّنين، ونجد عناية عُمانية كبرى بالملبس طال ربوع السَّلطنة كافَّة، وتنوَّعت الأزياء المتعلِّقة بالملبس من حيث الشَّكْل واللَّون وعناصر التكوين وأسلوب الحياكة والتفاصيل الدقيقة، والتي تؤكِّد ما يملكه العُماني على مرِّ تاريخه من قدرات وطاقات خلَّاقة وإبداعية، كانت خير مُعِين له في مسيرته الطويلة من البناء والتنمية.
فالدشداشة العُمانية ليست مجرَّد تراث تاريخي، بل هي تاريخ يعيش في أنْفُس أبناء عُمان، ويحرصون على ترسيخه ويغضبون إذا تمَّ تشويهه، ورأوا أيادي تعبث به، فالعُماني يعرف عنه اعتزازه الشَّديد بدشداشته، والتزامه بالموروث ليس بطُرق حياكتها فقط، لكن أيضًا بطُرق لبسها، فهي تعكس شخصيَّته وروحه وبيئته وثقافته على مرِّ التَّاريخ.
وفي هذا الإطار جاء قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار رقم (209/2021) والذي اعتمد مواصفة قياسية عُمانية مُلزمة للدشداشة، وفرض غرامة إدارية لا تتجاوز (1000) ألف ريال عماني على كُلِّ من يخالف أحكام هذا القرار، وتُضاعف الغرامة في حال تكرار المُخالفة،
حيث يأتي ذلك في سياق سعي وزارة التجارة والصناعة وترويج الإستثمار إلى حماية الأزياء العُمانية من التَّشويه، وللحفاظ على الهُوية العُمانية، وحظر استيراد أو تصميم الملابس العُمانية التقليدية أو المَساس بها أو إجراء أيِّ تعديلات عليها تسيء إلى الهُوية العُمانية، وهي خطوة تُرسِّخ مفهوم الحفاظ على الهُوية الذي تحرص عليه السَّلطنة، حكومةً وشعبًا، وحماية هذا الموروث المهم من أجْل الحفاظ عليها كإحدى مفردات الهُوية العُمانية وحمايتها من المدخلات التي قد تخلُّ بهذه الهُوية.
حيث حرص القرار على تعريف مواصفة الدشداشة بأنَّها لباس فضفاض، مطرَّز من جهة الرقبة والصدر وأطراف الأكمام على حسب نوع الدشداشة،
والتأكيد على اللباس الرجالي بالسَّلطنة وتمَّ تصنيفها لعدَّة أنواع وهي: الدشداشة الشائعة الإستخدام (الزي العُماني الرسمي )، والدشداشة غير المطرَّزة، ودشداشة أبو شق والدشداشة البدوية والدشداشة المطرَّزة، وحدَّد القرار الجديد المتطلَّبات التي يجب أنْ تتوافر في الدشداشة العُمانية الشائعة الإستخدام بشكْلٍ تفصيلي، يضمن حفاظ هذا الموروث الوطني الذي يُمثِّل هُويَّة وطنية لكُلِّ ما هو عُماني، من التشويه بزعم التجديد والحداثة.