إیران واليوم العالمي للقدس
أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية
جاءت خطبة الزعیم الإیرانی سيد علي خامنئي بمناسبة اليوم العالمي للقدس جافة وعنيفة، حيث حملت ما يعتمل في نفس الزعيم ونظامه السياسي من أسى وحزن إزاء الضغوط العنيفة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب من أجل دعم التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يدعمه أيضا هجمات إسرائيلية متتالية على المناطق الحدودية من أجل التهيد على الأرض لهذا التوسع الاستعماري، وكان الزعيم الإيراني قد تحدث على صفحته عن محو إسرائيل، ولكنه سعى إلى توضيح هذا المفهوم في السياسة الإيرانية وسعي إيران لتحقيقه، فقال: محو حكومة إسرائيل ليس معناه محو اليهود، فمحو إسرائيل يعني أن يختار المسلمون والمسيحيون واليهود الفلسطينيون حكومتهم بأنفسهم، وأن يخرجوا الأجانب والأوباش أمثال نيتانياهو، وهو ما سوف يحدث.(وكالة أنباء فارس في ٢٠/٥/٢٠٢٠م)
ويقول وزير الداخلية الإيراني رحماني فضلي موضحا قول الزعيم: إن الاقتراح المبتكر للزعيم المعظم هو استراتيجية أصولية لجمهورية إيران الإسلامية، يقوم على المقاومة حتى الاستفتاء، معتمدا على مباني الثورة الإسلامية بالإيمان بمنطق الحق وبسط الحقيقة.(وكالة أنباء فارس في ٢٢/٥/٢٠٢٠م) ويقول المحلل السياسي محمد عبد اللهي: إن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل من حملاتها الجوية المتكررة على دول الجوار والمقاومة تمثل استراتيجية عدم الاستقرار بأي شكل، فمصالحها تتحقق في حالة اللاأمن الدائم والأزمات، وإضاعة فرص الاستعداد لدى هذه الدول لاستعادة المناطق المحتلة، ومن ثم علينا أن نعمل على استقرار الأوضاع والأمن بأسرع ما يمكن في المنطقة، خاصة في العراق وسوريا ولبنان، ودعم الحكومات الوطنية في مواجهة المحتلين والأجانب.(وكالة أنباء فارس في ٢١/٥/٢٠٢٠م)
وخلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا قال الرئيس روحاني: إنه تم اتخاذ قرارين ليوم القدس؛ الاول للمدن ذات الحالة البيضاء (من حيث نسبة تفشي فيروس كورونا) والبالغ عددها 218 مدينة ستجري فيها مراسم يوم القدس ليس بصورة مسيرات بل بصورة تجمعات عبر الحضور في مراسم صلاة الجمعة مع التزام البروتوكولات الصحية. أما في طهران فلا يمكن أن لا تشهد أي فعالية، بل تقرر أن يتولى حراس الثورة المسؤولية بتسيير سيارات من نقطة بداية إلى نقطة نهاية كفعالية إعلامية رمزية. كما أنه من المقرر إقامة صلاة عيد الفطر في أنحاء البلاد، على أن تقام في المساجد، وليس في الاماكن الكبيرة كالمصلى، وبطبيعة الحال بإمكان المواطنين أداء هذه الصلاة في المنازل ايضا.(وكالة أنباء فارس في ١٦/٥/٢٠٢٠م)
وفي شرح مراسم الاحتفال باليوم العالمي للقدس، يقول حجة الإسلام محمد مهدي فاطمي صدر في مؤتمر صحفي: كما قال الإمام الراحل الطريق إلى القدس يمر بكربلاء، ونحن من خلال حركة مبتكرة نسعى لتحقيق هذا الأمر في اليوم العالمي للقدس، ولدينا برنامج رائع يضع في اعتباره انتشار فيروس كرونا وأخطار الحشد وتداعياته، وتنفيذا للفصل الاجتماعي نسعى لتنفيذ هذا البرنامج بصورة جديدة، لا حاجة فيها للتجمع، حيث نستفيد من البنية التحتية لأربعين الحسين لتعظيم شعائر يوم القدس ودمجها مع بنية شعائر يوم القدس، بناء على أوامر الزعيم. ففي حركتنا يستطيع كل فرد أن يخرج من بيته وعلى كتفه علم يا لثارات الحسين ويتحرك إلى خارج المدينة، حيث يصل إلى نقطة التفويج، وبعد فترة قصيرة وقراءة الأذان يعود إلى بيته لزراعة شتيلة الزيتون في منزله. وقد تم تنظيم الأفواج في أربعة محافظات، هي: كرمان وطهران وبوشهر وتبريز، وذلك فضلا عن فوج يتحرك أيضا إلى نقطة حدود خسروي مع العراق (مدخل منطقة كربلاء)، حيث تلقى كلمة حول القدس، وتتم بذلك زيارة على البعد لسيد الشهداء، ثم الأذان وتختم الحركة بزراعة شتلة زيتون هناك.(وكالة أنباء فارس في ١٧/٥/٢٠٢٠م)
جاءت خطبة الزعيم الإيراني سيد علي خامنئي موجهة إلى العالم الإسلامي بمناسبة الاحتفال بيوم القدس العالمي، لتلخص الرؤية الإيرانية تجاه قضية فلسطين والقدس، يقول: إن يوم القدس حلقة وصل لتلاقي صوت المسلمين حول القدس الشريف وفلسطين المظلومة. إن عظمة قضية فلسطين ليست إلا في عدم سماح غيرة المسلمين بنسيانها. إننا نريد حكومة شعب بدون صهيونية، لقد كان الهدف من الحكومة الصهيونية بناء قاعدة دائمة للتسلط على المنطقة.
لقد صب خامنئي غضبه على بعض الدول والحكومات العربية والإسلامية، بسبب سلبيتها تجاه القضية الفلسطينية والقدس، وتبعيتها للحركة الأمريكية الغربية لصالح إسرائيل، يقول: إن السماح بتجاوز القضية الفلسطينية من أجل التفاهم مع عدة عناصر أو حكام بعض الدول خطأ وخيانة. إن أغلب الدول العربية نسيت غيرتها وحميتها العربية. إن التفاوض بشأن فلسطين تجربة مريرة وفاشلة. إن جبهة المقاومة تتجه إلى القدرة وجذب عناصر جديدة متزايدة لهذه القدرة. إن ساحة المقاومة خطيرة جدا وتتغير، وتحتاج إلى متابعة دائمة. إن الهدف هو تحرير فلسطين كلها وعودة كل الفلسطينيين إلى بلادهم. ينبغي ألا نعتمد على الدول الغربية أو المحافل الدولية، فكم من المحافل الدولية استجاب لمعالجة ما يحدث مع عدد من الدول العربية والإسلامية من إرهاب وقحط مصطنع؟ لم يسأل أحد عن المسئول عن مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والمفقودين في الدول التي أشعلت فيها أمريكا الغرب نيران الحرب؟ من المسئول عن إراقة الدماء بلا حق في أفغانستان واليمن وليبيا والعراق وسوريا وعدد من الدول؟ إن منظمة الأمم المتحدة لا تقوم بواجبها، وماتت منظمات حقوق الإنسان، وإن بعض السياسيين في عدد من الدول الإسلامية يصدقون أكاذيب العدو.
وقد أتم خامنئي حجته على الدول العربية والإسلامية بتوجيه النصح، يقول: إن سعي أمريكا لتطبيع الوجود الصهيوني عقيم ولن يكون له نتيجة. إن النظام الصهيوني زائدة دودية في المنطقة مضرة ومهلكة. إن نصيحتي الأساسية هي استمرار المقاومة، وزيادة ساحة الجهاد على كافة الأراضي الفلسطينية، فالعدو الوحشي لا يمكن التعامل معه إلا مع القدرة ومن موقع القوة. إن الصهيونية بدعة في الدين اليهودي، وإن الكفاح من أجل تحرير فلسطين جهاد في سبيل الله.
لكن خامنئي نفى أن يكون متشائما بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية والقدس، حيث قال مبشَّرا بمستقل سيء للحكومة الإسرائيلية: إن فيروس الصهيونية على وشك أن يقتلع، إن وضع النظام الصهيوني سيكون أكثر سوءا في المستقبل.(وكالة أنباء فارس في ٢٢/٥/٢٠٢٠م).