علاقة المصريين بالبط علاقة تاريخية ،بدأت منذ عصر الملكة كيلوبطة ،ولم تنقطع حتى الآن ،ومنذ هذا العصر أصبح طائر البط أحد أهم الطيور المُقدّسَة التي تحظى بإحترام الجميع ،خاصة كهنة المعابد القديمة ،وقد تطورت هذه العلاقة التاريخية مع تطور الزمن ،فتحوَّل البطّ ،من كونهِ أحد الطيور المُقَدّسَة القديمة ،إلى أحد أهم أصناف الطعام عند المصريين أحفاد الفراعنة ،فالبط عند معظمهم هو طعامهم المفضل ،خاصة في مناسبات الزواج ،والأفراح ،والأعياد ،والمناسبات الدينية ،
حيث تجد البطّ دائماً ،حاضراً مع ( صواني الرُّقاق ،و الأُرز المعمّر ،والمحشي والمخروطة) ،ويحظى دائماً بِحالة من الحُبّ ،والإحترام ،والتقدير من الجميع ،
وهو أيضاً من أهمّ هداياهم المُفَضّلَة التي يتهادون بها ،فتجده دائماً حاضراً في زيارات أهل الريف لذويهم من سُكّان المُدُن ،والحواضر،
وكذلك تَجِدُهُ حاضراً في بيوعهم ،وتجاراتهم البسيطة ،كأحد أهَمّ عناصر الإقتصاد المنزلي الريفي ،وقد بَلَغَت العلاقة بين المصريين ،والبطّ ذروتها ،عِندَما إكتَشَفَ المصريون ثِمة عَلاقة قوية بين البطّ ،و بين النساء ،وبدأَ المصريون يربطون بين البطّة ،وبين المرأة الصالحة ،فالمرأة البطَّة هي أقرَب أصناف النِّساء إلى قلوبِ المصريين ،والمرأة البطّة عِندَهُم لها مواصفات مُحَدّدَة ،ومعروفة ،أهمَّها أن تكون مُدَملَجَة ،وخَدلَجة ، ومُكتَنِزَة القوام ،ويا حَبّذا لو كَانَت تَتَمَتّع بِنَفس “مَشية” البطّة ،وحَرَكَتِهَا ،ودِقّة ،و مُرونَة مَشيَتها ،و إِهتِزَازَاتِها ،و ها ا ا هُم المِصرِيّوُن يُثبِتونَ مِن جَديد أَنَّهُم دَائِمَاً مَا يَصنَعوُنَ التاريخ ،وَ يُواكِبوُنَ التَطّور الهائِل الذي يَشهَدُهُ هذا العَصر ،
فأصبَحَت البَطَّة أحَد أهَمّ تِرِيندات الِإعلام الجَديد والسُّوشيال ميديا ،وأَصبَحَ حَديِث البَطّ حَاضِراً بِقوة في وَسَائِل الِإعلام ،وأَكثَر تَأثيراً مِن قصيدة “حَديثُ الرُّوح” للسيدة أمّ كُلثوُم رَحِمَها اللهُ ،وَ رَحِمَ جميع الطيبين .
وهذا المقال الساخر من (بعض) ما نعيشه من سُحُب ،وَ غُيُوم فَنّية ،و ثَقَافيّة ،وتغيير جذرى نَحو أَمواج عاصِفة بالذوق العام، و التذوق ،وَمَآلاتها فى التأثير السلبى طويل الأمَد على حاضِر المجتمع المصرى ،صاحب المبادِئ ،وَ القِيَم ،و الذوق الراقى ،
ليس هذا فحسب ،فتداعياته السلبيّة تنعكس على جيل بِكامِلُه ،صار ضحيةً لِسوُء المَعروُض مِن مُنتَجَاتِ فاسِدَة بِتَعَمُّد ،وَ لَكِن الغريب أنَّ المُنتِجينَ لِكُلّ هذهِ المساوِئ سُرعَانَ ما يُدافِعونَ ،و يُحَارِبونَ عن سُوءِهم ،و سَوءَاتِهِم ،لأنَّهُ سُوقهم المادّى الذى يُدِرّ عَليهِمُ الملايين الفاسِدة المُفسِدة ،( و سُويقَتٌهُم النفسيّة الفاسدة) ،
وهذا ما شاهدناه من حرب شعواء على جهة من الجهات المتخصصة مهنيّاً ،و هى نقابة المهن الموسيقية متمثلة فى النقيب الفنان هانى شاكر وهى النقابة المنوطة بتقييم ،و تقنين الإنتاج الموسيقىِ ،و الغنائىِ ، و إِعتماد من يَصلُح ،و رفض السئ ،
ولكن الغريب هو عدم إِعلان رفض ذلك الإِنحِطَاط فى الذّوُق ،و الصمت عليه ،و عدم المحاسبة الحقيقية ،
و الأغرَب أن تجد بعض الدُول “الشقيقة” ترعاهم ،دُول صاحبة عراقة ،و ثقافة وقيم ، و مبادئ عُليا جداً ، فتَستَقبِلهم ،و تُقيم لهم الحفلات “السّوقيّةّ” ، تاريخهم الفنّى ( خمور و حشيش ،و صاحبتى )
و أين ذلك ؟ لِلأَسف ،وكُلّ أسَف ،لا أجِدُ وَصفاً لهذا ،(لِوَقتِ قريب كان الإنشااد عِندهُم حراماٍ ؟) ،كثييير مِن الإختلافات الفرعيّة جداً جداً جِداً ،كانت عِندَهُم حراماً قطعيّاً ،رغم حِلها ، أو كراهتها بمذاهِبَ أُخرى ،
و لن أتحدّث عن قداسة الأرض ،و ما تعنيه ،فالحديث مرارة بالقلب ،و غُصَّةُ باللسان ،ما الذى يَحدُث ؟ هذا هو السؤال ؟
فإِلى متى هذا الصمت ،وهذا التغافل المُتَعَمَد ،وهو سبب ما نحن فيه ،من هُبوط بالذوق ،و التَذوُّق ،والتدنَى لهذه الدَرَجة مِنَ الإِنحِطاط ،و الإِسفاف ؟؟ إنَ حضارة الشعوب تعكسها ثقافتهم ، التى تنبع من ذوقهم العام .
فهل من يتصدّى لذوق الملكة كيلو بطّة ؟ قبل أن يُضَاف صفحة للتاريخ “عصر الملكة كيلو بطة ” ؟ وفتوحاتِها الفَنّية ؟؟ و مِنَ الأحداثِ ما يُذهِلُ العقل .
ختاماً : كل التقدير و العرفان لأستاذى الأستاذ الدكتور محرز غالى ، أستاذ الصحافة و الإعلام بكلية إعلام جامعة القاهرة ،لإقتباسى بعض ،و جلّ أفكاره ،و بعض مصطلحاته ،و سطوره ، الثقافيّة ،فلم نكتفى بما علَّمنا ،بل أظل أنهل من ثرائه الفكرى ،والعلمى ، جليل التحيّة و التقدير ،و لكل علمائنا الأفاضل .