لاتباع والطاعة
فى الجلسة السابقة كنا وصلنا إلى أنه لابد لوردة الصداقة بين الحبيبين من غذاء حتى تنمو وتكبر أوراقها الأربعة ، وفى جلستنا هذه سوف نتناول أول غذاء لازم لنمو وردة الصداقة بين الحبيبين وهو الاتباع والطاعة .
وحتى تضح لنا المعانى دعونا نتناقش فى بعض المسلمات البديهية ، مثلا هل يستطيع إنسان أن يدخل أصبعين فى خاتم واحد ؟ بالطبع لا ، وكذلك فإن القلب لا يمكن أن يكون محلا لحبيبين متساويين ، لأنه إما أن يطيع أحدهما ويعصى الأخر أو يقرب أحدهما ويبعد الأخر وعليه فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يجتمع فى القلب حبين .
لذلك فإن الطاعة والاتباع من اقوى علامات الحب الصادق .
إن الحب شئ معنوى وكل شئ معنوى يصعب إثباته أو إثبات وجوده إلا بدليل ، ودليل وجود الحب فى القلب هو الاتباع والطاعة ، لأن الكلام وحده سهل جدا وما أسهل أن يقوم الكثير بادعاء الحب ولكن القليل منهم هو الذى يبرهن على حبه الصادق وذلك بترجمة حبه إلى اتباع للمحبوب وطاعة أوامره ، وصدق الشاعر إذ يقول :
ألا ما أرخص الحب إذا كان كلاما :. وأغلاه إذا كان قدوة وإماما
ويقول الحسن البصرى رحمه الله ” زعم قوم حبهم لله فابتلاهم الله بهذه الأية ( قل إن كنتم تحبون الله ، فاتبعونى يحببكم الله ) ”
ولذلك فإنه لا يمكن قبول كلمة الحب إذا كانت مجردة من الاتباع والطاعة لأنه حين ذلك يكون حب كاذب ، أو حب خاوى من معناه أجوف من محتواه ، ويكون كالشجرة التى ليس بها ثمر يؤكل أو أغصان تورف بظلالها على الناس ، فخير لهذه الشجرة بل أولى بها أن تجتث من فوق الأرض ، لأن كل محمول فوق هذه الأرض هو عبئ على حامله مالم تكن هناك فائدة يمكن تحصيلها من وراءه ، لذلك فإنى أدعوك عزيزى القارئ أن تحاول إيجاد الصدق فى حبك وإن لم تستطع فخير لك أن تلقى بأحمال هذا الحب من على ظهرك إن عجزت عن تحقيق الصدق .
وهذا فى حالك مع محبوبه البشرى ، فماذا الحال لو عجز عن إيجاد الصدق فى حبه مع الله خالقه !
فهل يلقى بأحمال هذا الحب من على ظهره لأنه كاذب فى ادعائه ؟
بالطبع لا ، ولكن عليه أن يبكى فى جوف الليل حتى يرزقه الله صدق الحب ، لأن من خسر حب الله فقد خسر كل شئ ، بل هو إنسان عاجز حتى عن حب نفسه ، لأنه لو كان يحب نفسه لعمل فى نجاتها من العذاب الذى ستتعرض له لكونه كاذبا فى محبته لربه .
وأختم هذه الجلسة بقول الشاعر :
تعصى الإله وأنت تزعم حبه :. هذا لعمرى فى القياس شنيع
لو كان حبك لله صادقا لأطعته :. إن المحب لمن يحب مطيع
وإلى اللقاء فى الجلسة السابعة إن شاء الله
Dr.Ahmed Eissa
Doctorate in Public relations
Boston University
Misr Elbalad Newspaper Journalist &
Qalyubia Governorate Office Manager
Women’s News Agency Journalist U.A.E