الآن أدرك الجميع ، صحفيين أصحاب رؤيه ، وساسه منصفين ، وكتاب عدول ، وحزبيين شرفاء ، وحتى مواطنين بسطاء ، لماذا كانت الإجراءات الإقصائيه التى إرتكبت قبل عام بحق المحررين البرلمانيين والتى عرفت بمذبحة المحررين البرلمانيين ، وإغتيال الصحافه البرلمانيه التى يحل الآن ذكراها الأولى ، والتى جاءت عكس الإستعداد للإنتقال إلى الجمهوريه الجديده التى أرسى دعائمها السيد الرئيس إنطلاقا من تأكيد على أن حرية الصحافة مكفوله طبقا للمادة (٧٠) من الدستور، وإذا كان الدستور قد عهد للقوانين مهمة تنظيم كيفية ممارسة حرية الصحافة والإعلام ، فإن ذلك لا يعنى تقييد تلك الحرية ، أو وضع المزيد من العقبات فى سبيلها سواء كان فى كيفية إنشائها ، أو كيفية ممارستها ، والصحافه التى أعنيها هى الصحافه المنضبطه والشريفه ، والتى هى بصدق صوت الشعب وضمير الوطن .
ولأن الصراحه نقطة الإنطلاق الحقيقيه للإصلاح والتقويم وتصويب الخلل ، يتعين البناء على ماطرحه القيمه الرفيعه النائب الوزير المستشار فـرج الـدرى تحت قبة مجلس الشيوخ العريقه بقاماتها ، وشخوصها ، وتاريخها ، وقادتها ، والتأكيد على أن ماأطرحه فى هذا السياق وغيره يأتى نابعا من حب لهذا الوطن ، ورغبه يقينيه أن تكون الممارسه السياسيه بصوره تليق بمصر العظيمه قدرا ، ومكانا ، ومكانه ، ورفض هذا التوجه الإقصائى الذى تبناه الذين يحاولون جعل الممارسه السياسيه والبرلمانيه منطلقهم الشلليه ، والعزب ، والتكايا ، والتجمعات الأسريه التى لاعلاقه لها بأى رؤيه سياسيه ، وهى محاوله للتنبيه لعل هناك من يكون صاحب قرار يجعل ماطرحته وأطرحه فى هذا السياق محل إعتبار .
أصدقكم القول إننى أعيش حاله من الصدمه تأثرا بما تعرضت له الصحافه البرلمانيه من عدم إنصاف ، ممزوجا بنظره عدائيه عكست تصرفات نواب بالبرلمان بغرفتيه النواب ، والشيوخ ، وساسه كبار ، ورؤساء أحزاب ، وشباب كنت أظن أنه صاحب فكر ، وله رؤيه ، ويجتهد لتقديم الخير للناس ، ويعمل على النهوض بالوطن الغالى ، فإذا بكل هؤلاء جميعهم وبصراحه شديده أكتشف أن آخر مايفكرون فيه هو حرية الصحفى فى الحصول على المعلومه ، ونقل الأداء بالبرلمان للشعب ، وفق مبدأ محترم يصب فى صالح الوطن ، وليس طبقا لهوى شخصى ، دون إدراك منهم أن قيمة الساسه لاتكون فى حصار صاحبة الجلاله ، حتى لاترصد عمليات البحث عن مصالح شخصيه ، وزعامه وهميه ، والتعالى على الناس ، إنما تكمن فى أن يكون جميعهم خداما لهذا الشعب العظيم ، وليسوا أسيادا عليه ، والتمسك بالنهوض بالوطن الحبيب ورفعة شأنه واليقين بأن الخلاف عليه خيانه .
كشفت الهجمه الشرسه على الصحافه البرلمانيه ، وماإرتكب من مذابح بحق المحررين البرلمانيين ، أن من أبرز تداعيات تلك المذبحه هذا الأداء النيابى تحت القبه الذى لايعلم عنه أحدا شيئا لذا بات كل النواب محل إتهام بالتقصير ، بالتأكيد يكون بالنسبه لبعضهم ظلما وعدوانا ، لرقى أدائهم ، ونبل مقصدهم ، وقيمة خبرتهم ، فى القلب منهم الزملاء الأعزاء القيمه البرلمانيه والتاريخيه الكبيره النائب الدكتور طلعت عبدالقوى ، والمجتهد النائب العملاق بهاء ابوالحمد نائب الأقصر ، والنائب الشاب الرائع حقا ضياء الدين داود ، وأصبح كل الشعب يحاصرهم بنظرات العتاب حينا ، والتجاوز بحقهم أحيانا ، لأنه تم عزل البرلمان والنواب عن الشعب وواقع الحياه بمذبحة الصحافه البرلمانيه ، حتى أصبحت الممارسه السياسيه محل تندر وإستهجان حتى لدى العامه والبسطاء من شعبنا العظيم لأنهم أذكياء بحق ، لذا كان من الطبيعى أن يدركوا أن رئيس حزب سياسى كان نائبا بالبرلمان وتم الإطاحه به وأسقط البرلمان عضويته بدعوى “الحط من قدر” مجلس النواب في تقارير سلبية عن أداء المجلس إلى الاتحاد البرلماني الدولي ، وبقدرة قادر يتحول هذا النائب إلى حليف فيصبح إبنه وأقاربه برلمانيين من خلال القائمه المحظوظه ، وتحت كنف الحزب الذى يقوم بدور الكفيل لتلك القائمه ، ثم يصبح شقيقه نائبا بالتعين ، وإبن شقيقه نائبا بالإنتخاب ليس عن الحزب الذى يرأسه بل عن الحزب الوليد رغم أن والده رحمه الله والذى زاملته فى عضوية البرلمان كثيرا ما أوجع الحكومه نقدا بل وخلع الحذاء بمجلس الشعب لأحمد عز . ولأن المناخ كارثى بات من الطبيعى أنا يتقاسم الأخ وشقيقه مقاعد الشيوخ والنواب ، ويأتى مرشح القائمه الضامن نجاحه بزوجته ، أو إبنه ، أو شقيقه فى القائمه الإحتياطى ، وكأن المقعد أصبح إرثا له ، حتى أن أحدهم رحمه الله توفى وورثت إبنته مقعده بالبرلمان قفزا من موقعها الإحتياطى بالقائمه ، وغيرهم كثر من علية القوم الذين يتصدرون المشهد السياسى الآن من الذين تحالفوا مع كل الأنظمه السابقه بلا إستثناء لكنهم إستطاعوا أن ينالوا الرضا .
حتى وإن كان فى القلب غصه منبعها أن مصر العظيمه لاتستحق منا أن يكون الأداء السياسى والبرلمانى والنظره للصحافه البرلمانيه على هذا النحو من السوء ، الأمر الذى أكاد أفقد معه قيمة الممارسه السياسيه ، وروعة الإنتماء إلى الجماعه الصحفيه ، إلا أننى أعيش حاله من الإتزان النفسى مرتاح الضمير مقتنعا بما تعلمته من مبادىء حيث الوفد فى زمن الشموخ .. حتى وإن صدق القول المأثور بأن السياسه أصبحت نجاسه أعزكم الله للرائع النائب الوزير كمال الشاذلى الذى نتندر عليه الآن وسنظل نتمنى أن نرى شخص ولو بنسبة عطاء 10 % من عطائه رحمه الله ، حتى وإن تاهت الأحزاب حتى أننا لم نعد نستطيع التمييز بين ماهى إبنة النظام ، ومن يلعب منها دور المعارضه لأن الجميع يبتهجون ، ويتنافسون للتأكيد على أنهم أبناء النظام ، وكأن المعارضه حتى الديكوريه باتت رجس من عمل الشيطان لذا يتعين أن يتجنبها الجميع ، إلا أن الأمل سيظل قائما بأن الجمهوريه الجديده التى دشنها السيد الرئيس ستكون خاليه من تلك الترهات .
كنت أتمنى ومازلت أن نباهى الأمم ، ونفاخر الشعوب ببرلمان يرسخ لحرية الصحافه ، ويعظم دور المحررين البرلمانيين بأداء ، وعطاء يسجله التاريخ بأحرف من نور خاصة وأن على قمته المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيسا لمجلس النواب ، والمستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيسا لمجلس الشيوخ ، قامات قانونيه ، وقضائيه ، ومجتمعيه رفيعة الشأن ، والقدر ، عالية المقام ، ومحل تقدير وتوقير الجماعه الصحفيه ، كنت أتمنى أن تلك القامات الرفيعه من قادة البرلمان نواب وشيوخ ومعهم النواب يتمسكون بالنهج العظيم للدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق القيمه القانونيه ، والبرلمانيه ، والحياتيه الرفيعه ، وذلك بفتح باب البرلمان ولجانه على مصراعيهم أمام المحررين البرلمانيين أصحاب التاريخ البرلمانى المشرف ، لأنه ليس لدى النواب مايخجلون منه ، بل كان لديهم مانقلناه كمحررين برلمانيين هو عزه ، وفخر ، أداءا ، وممارسة ، وعطاءا ، ومصدر إلهام ومرجعيه لكل برلمانات الدول العربيه وأفريقيا ، لذا مازلت أفخر أننى كنت نائبا فى برلمان بغرفتيه رئيسهما الدكتور مصطفى كمال حلمى ، وأمينه العام المستشار فرج الدرى ، والدكتور فتحى سرور ، وأمينه العام المستشار سامى مهران ، ونوابه أدوا دورهم بالأمانه ، والصدق ، كما سجلته المضابط ونقله المحررين البرلمانيين .
لكننا كيف يتسنى لنا ذلك وقد إستقر اليقين بأن البرلمان بغرفتيه ضاق ذرعا بحرية الصحافه ، حتى وإن حاول كل من بالبرلمان قاده ، وأعضاء ، التنصل من تلك المذبحه التى نصبت للمحررين البرلمانيين مع شديد الإحترام لشخوصهم الكريمه ، مؤكدين أن ماحدث أقوى منهم ، سيظل ماحدث معلقا برقبتهم لأن تصدير أنهم لاعلاقه لهم بذلك إساءه لهم كبيره لأنهم أبدا ليسوا بلا أى صلاحيات ، أو وجود ، أو رأى فيما يخص شئونهم ، وإساءه أيضا أن يقال أنها تعليمات لأن تلك التعليمات مخالفه لنهج السيد الرئيس فى الترسيخ لحرية الصحافه فى الجمهوريه الجديده التى دشن لها وإشتاق لها كل المصريين ، ولايمكن ان يقنعونى أن اللهو الخفى هو من ىسحق إرادة المحررين البرلمانيين وفرض قيودا على عملهم ، وساهم فيما نصب لهم من مذبحة سيظل يتناقلها أجيال الصحفيين ، بعد أن باتت جزءا من تاريخ برلمانى مؤلم حتى ولو أعطى النواب وقادة البرلمان لما نطرحه بشأن هذه الأزمه ظهورهم إنطلاقا من النهج القاسى والمحبط خليهم يتسلوا .
خلاصة القول .. يأتى إنطلاق ماطرحته معبرا عن واقع الحال كصحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والحزبيه ، وممارس للعمل السياسى نائبا بالبرلمان ، وقياده حزبيه .. لاأزعم أن هذا الطرح هو الحقيقه المطلقه ، لكن بالقطع فيه مايستحق النظر إليه ، والغوص فى أعماقه ، خاصة وأن واقع الحال يجعلنى أشير بإصبعى فى وجه كل من تسبب فى مذبحة المحررين البرلمانيين ، وإتهامه بأنه يعبث بإرادة الوطن ، ويعمل ضد سياسة السيد الرئيس بشأن الجمهوريه الجديده ، أمام صمت الأحزاب التى أتمنى أن لو ألغوها جميعها ، بعد أن أصبحت فى القلب منها حزب السلطه الذى إبتهج أحد أبرز قادته بمجلس النواب بنجاح إجراءات ذبح المحررين البرلمانيين ، بعد أن ثبت باليقين أنها جميعا أحزاب ديكوريه ، كرتونيه ، هلاميه ، طبقا لإدراك حتى الطفل الصغير ، وطبقا لقناعاتى تستنزف الطاقات ، والأموال بلا طائل ، أو مردود حقيقى سياسى ، أو مجتمعى يصب فى صالح النهوض بالوطن ، وتؤول كل ممتلكاتهم ومواردهم لصندوق تحيا مصر ، وفرض حظر على العمل السياسى حتى يكف الناس عن الهزل ، ويوجهوا الجميع لتفريغ الطاقات فى النهوض بالوطن ، وإحداث تنميه حقيقيه فى كافة المجالات ، لأن مانراه ليس ديمقراطيه ولا حتى مهلبيه بالكريمه .