ذات يوم وأثناء جوله لوزير الرى الدكتور عبدالهادى راضى رحمه الله تعالى إستقر بنا المقام للصلاه بمسجد سيدى إبراهيم الدسوقى بمدينة دسوق ، ونسى الوزير موضع حذائه لأنه فقد القدره على تحديد الباب الذى دخل منه للمسجد ، وأسر بذلك لمن حوله من المقربين وكنت أحدهم فانطلق القيادات منهم فى تصرف هستيرى للبحث عن حذاء الوزير أمام دهشه إعترت كل من شاهد ذلك دون علم بتفاصيله ، وأسبابه ، فإذا بالوزير يناديهم وينحنى بنا جانبا وبصوته الهادىء الرصين وفى ود شديد ممزوجا بإستغراب شديد قال لهم هل سألنى أحدكم ماهو لون حذائى ؟ وماهى مواصفاته ؟ والباب الذى دخلت منه للمسجد ؟ بالقطع لو سألتم لن يتحرك أحدا منكم بهذه الصوره العشوائيه ، ونظر الوزير لى مبتسما ، وعندما حددوا للوزير الباب إستطاع الوصول لحذائه بلا معاناه . ولنا أن نتخيل ماذا سيكون الحال لو أتى كل باحث منهم بحذاء للوزير لينظر هل هو أم لا ، وكيف سيكون الحال وقد تاه حذاء الوزير بعد أن تم أخذه من مكانه الأمر الذى يخرج معه الوزير حافى القدمين ، لاشك سنكون أمام دراما دراماتيكيه تحتاج لوصفها بدقه لكاتب سيناريو أو سيناريست .
تذكرت تلك الواقعه خطيرة الدلاله فى ذكرى العام الأول لمذبحة المحررين البرلمانيين وإغتيال الصحافه البرلمانيه مع سبق الإصرار والترصد ، متذكرا كيف إنطلق النواب وحوارييهم وحوارى حوارييهم للنيل من الصحافه البرلمانيه وكأنها رجس من عمل الشيطان ، ومن المحررين البرلمانيين الذين يؤلمهم أن يتابعوا نشاطهم ، ويرصدوا تحركاتهم ظنا منهم أنهم يعدون عليهم أنفاسهم دون إدراك منهم أن ذلك فى صالحهم حتى يشعر بهم أبناء دوائرهم وأبدا ليس لعد أنفاسهم عليهم لأنها صحافه وطنيه يدرك القائمين عليها عظم المسئوليه ، ولم ينتبه من أشار عليهم بذلك من الحكومه أو الأجهزه أهمية أن يرسموا لهم الطريق لذلك ويحددوا لهم المعالم حتى لانصل إلى هذا المنزلق الخطير الذى تسبب فيه هرولتهم للتنفيذ بلا وعى ، أو فهم أو إدراك . ولم ينتبه كل هؤلاء إلى اليوم أنهم أخطأوا لأنه لايمكن على الإطلاق أن يكون هناك مسئولا بالحكومه أو الأجهزه يكون إستقبال البرلمان للجمهوريه الجديده التى دشن لها السيد الرئيس قائما على أنقاض وأد حرية الصحافه البرلمانيه لذا فإنه قولا واحدا هناك أيدى خفيه عابثه تريد تشويه الجمهوريه الجديده من خلال تصدير أنها تنطلق من محاربة حرية الصحافه ، وتمزيق أوصالها ، وهتك عرضها ، وتقطيعها إربا إربا ، وهذا يقينا محض إفتراء لأن الجمهوريه الجديده التى دشنها السيد الرئيس تقوم على إحترام حرية الصحافه ، وتقدير الصحفيين .
أصدقكم القول مع عظيم الإحترام للنواب خاصة الذين تشرفت قبلهم بعضوية البرلمان ، أرى أنه من الطبيعى أن يتبنى هذا الفكر الإقصائى للمحررين البرلمانيين ، والعدائى للصحافه ، نائب البرلمان الذى آلمه ألا يتبنى المحررين البرلمانيين إستجوابه الذى نظر بلجنة القوى العامله على حد قوله ! ، نظرا لأنه لم يدرك الآليات الرقابيه من إستجواب ، لطلب إحاطه ، لبيان عاجل ، لسؤال ، وأن الإستجواب يعنى سحب الثقه من الحكومه ، لذا فهو إتهام يعرض بالجلسه العامه للبرلمان وليس فى لجنه ! ، والآخر الذى شاء القدر أن يكون فى موقف لايحسد عليه فكان من الطبيعى أن تتناوله الصحف ، والثالث الذى صال وجال منتقدا وزير البترول بصوره غير كريمه ، متنقلا بين لجنة الطاقه والجلسه العامه ، لكنه غضب أن نشرت الصحف ذلك لأن مبتغاه رساله كان يريد أن تصل للوزير فى صمت إنطلاقا من ذبح القطه للوزير بغرض الحصول على فرصة تعيين ! ، من هنا كان تمسكه بتطبيق اللائحه التى جعلت لجان البرلمان سريه لذا حظرت على الصحفيين الإقتراب منها ! ، هؤلاء وأمثالهم قد يكون لهم العذر لأنهم لايعرفون قيمة الصحافه فى الدول المحترمه ، ومصرنا الحبيبه بالقطع فى مقدمتهم ، ولاالدور الكبير الذى يؤديه الصحفيين فى نقل حقيقة مايجرى للقارىء ، وحقه فى المعرفه ، لكن لاعذر على الإطلاق للقامات الرفيعه بالبرلمان الذين علق عليهم كل الشعب قبل الجماعه الصحفيه الآمال بأنهم سيعظمون الأداء ، وسيسجلون بصفحات التاريخ أداءا برلمانيا يذكرنا بالتاريخ البرلمانى العظيم فى وطننا الغالى ، لكنهم كانوا فى طليعة من ذبح المحررين البرلمانيين ، وإغتال الصحافه البرلمانيه ، ودفن صاحبة الجلاله الصحافه قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيره .
هذا وإن كانت الرساله الرائعه والعظيمه التى وجهها من تحت قبة مجلس الشيوخ فى إفتتاح دور الإنعقاد الثانى يوم 5 أكتوبر الجارى ، القيمه والقامه والتاريخ العظيم والمشرف النائب الوزير المستشار فرج الدرى فخر مصر وبلدتى بسيون بلسما والتى تضمنت أن مجلسا بلا إعلام وطنى وصحافه أمينه ، فكأنما نخاطب أنفسنا فى غرفة مغلقه لانسمع فيها ولانرى ، تلك الرساله أحدثت دويا كبيرا فى كل الأوساط خاصة الصحفيه والإعلاميه ، والتى عندما يقول بها قيمه كبيره فى حجم المستشار فرج الدرى يتعين أن ينتبه الجميع ويدرك مضامينها ويتفاعل مع أحرفها ويجعلها واقعا حقيقيا لأنها رسالة صدق وحق ، لم يقل بها للأسف الشديد أعضاء مجلس النواب والشيوخ من الزملاء الصحفيين أعضاء نقابة الصحفيين .. جاءت رسالة العظيم الوزير المستشار فرج الدرى إبن بلدتى بسيون والأمين العام السابق لمجلس الشورى الذى رصدت بالكاميرا أن له الفضل فى حماية مجلس الشورى من التدمير الذى حاول المجرمين إلحاقه به ، وأعاد له البهاء ، لتعيد لنفسى توازنها بعد الخجل الذى إعترانى من الخذلان الشديد للذين علقت عليهم الجماعه الصحفيه الآمال ترجمة لتأكيدى لهم أنهم يستطيعون حماية صاحبة الجلاله الصحافه من الإغتيال لأنهم قامات ، ورموز ، من أمثال أبناء بلدتى بسيون أحدهم أخ وصديق وحبيب ، وعشرة عمر منذ الطفوله ، النائب الوزير المستشار أحمد سعدالدين وكيل مجلس النواب ، والنائب الصحفى محمد فايد ، والوزير المستشار أحمد مناع أمين عام مجلس النواب .
يقينا .. البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ به قامات رفيعه فى كافة المجالات ، وكفاءات قانونيه وقضائيه دوليه رفيعه الشأن تفخر المحافل الدوليه بوجودهم فى رحابهم فى القلب منهم المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب ، والمستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ ، لذا يتعاظم التعجب عندما ننتبه أنه كيف لهؤلاء العظماء أن يرضخوا لمن أراد تشويه البرلمان وعزله عن واقع الحياه ، وإتهامه بالتقصير ، من خلال حصار الصحافه كما تفضل وأوضح النائب الوزير المستشار فرج الدرى ، كيف لهم لم يتصدوا بقوه لمن أدار هذا الملف لذبح الصحفيين وإغتيال الصحافه البرلمانيه وترك التاريخ يسجل أن ذلك حدث فى عهدهم ، وهم الأكارم الفضلاء ، وكيف لهذا المجهول الذى أدار هذا الملف وخدع تلك القامات لم يدرك أن هذا يضر بسمعة مصر العظيمه تاريخيا ، ولم ينتبهوا أن هذا وإن كان شأن يتسم بالخصوصيه الشديده إلا أنه لاشك خطير الدلاله وإنعكاساته فى منتهى الخطوره مجتمعيا لأن له علاقه بالحريات ، أحد الثوابت الحياتيه ، لذا بات شأن عام معنى به كل المصريين حتى الذين لايعرفون طبيعة العمل الصحفى .
إننى وكل الزملاء المحررين البرلمانيين عندما نتناول ذلك إنما نتناوله إنطلاقا من حب لهذا الوطن الغالى ، والحرص على صورة مصرنا الحبيبه ، لأننا جميعا بفضل الله تعالى قامات صحفيه كبيره وتاريخ جعل منا مؤرخين لمراحل عديده ، ووقائع نحن فيها شهود عيان لها شهدها البرلمان عبر سنين تصل عند البعض منا إلى مايزيد على 40 عاما ، وأنا أقلهم شخصا وقدرا ، هذا وبعد أن قضيت مايزيد عن 27 عاما بالبرلمان مابين صحفى ونائبا شرفت بثقة الشعب نائبا وفديا عن المعارضه الوطنيه الشريفه حيث الوفد فى زمن الشموخ ، أرى أن زملاء كثر طواعية وعن طيب خاطر سيعتذرون عن مواصلة العطاء بالبرلمان لأسباب عده من أهمها الضعف الشديد الذى طال الأداء بالبرلمان لإدراك النواب أنه لامتابعه لهم من الصحافه ، ولاإدراك لأبناء دوائرهم لما يقدمونه ، وكذلك فإن نقل البرلمان للعاصمه الإداريه جعلت هناك إستحاله للمتابعه الصحفيه نظرا لأن تكلفة اليوم بالنسبه للصحفى مابين تنقلات وإعاشه حوالى 600 جنيه ، وهذا المبلغ لايستطيع أن يتحمله لاالزميل الصحفى ولاالجريده لأداء برلمانى ضعيف وهزيل لم يعد يعنى القارىء تفاصيله . علاوه على ذلك فقدان الصحفيين لميزة السفر مع الوفود البرلمانيه بالخارج ، وكأن ذلك مرجعه أن يكون النواب على راحتهم يفعلون مالايريدون أن تنتبه إليه الصحافه . بالإضافه إلى غلق لجان البرلمان أمام الصحفيين وهى مطبخ النواب ، وفرض حصار على المعلومات ، ولم يتبقى إلا أن يكتب الزميل المحرر البرلمانى الخبر ويقدمه لقيادات البرلمان ليتفضلوا ويتعطفوا وينظروا فيه وحذف مالايروق له ثم يتم التوقيع عليه للنشر ، وهذا مالا يحدث فى بلاد الواق واق التى لاقيمة ، ولاقدر ، ولاإعتبار ، ولاتاريخ لها ، وهذا مالاأقبله على نفسى شخصيا بعد رحلتى فى بلاط صاحبة الجلاله والتى وصلت عامها الثامن والثلاثين ، وأصبحت أنتمى لجيل نلملم أوراقنا ونترك أقلامنا ذكرى لأولانا بعد أن أصبحنا على وشك لقاء رب كريم .
خلاصة القول .. فى الذكرى الأولى لمذبحة المحررين البرلمانيين وإغتيال الصحافه البرلمانيه مع سبق الإصرار والترصد يطيب لى التأكيد على أنه من رحم المعاناه تولد الحقيقه ، ومن وسط الظلام يبزغ ضياء الفجر ليلوح فى الأفق ، يشع منه نورا وهاجا ، تلك حقائق كونيه يقينيه قد نتغافلها لكنها واقعا حقيقيا لايمكن إغفاله أو تجاهله ، لذا سيظل الأمل قائما أن الأيام القادمه حبلى بالأمل الذى إنطلق من بين ثنايا رائعة النائب الوزير المستشار فرج الدرى بشأن صاحبة الجلاله كيانا وأشخاص ، أملا فى أن يكون هناك ميلادا جديدا لصحافه برلمانيه نستلهم فيها زمن العظيم الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب ، حيث صحافه بلاضغوط ، ولاأوصياء ، ولاأدعياء ، وأن نرى من ينبه من فعل تلك المذبحه التى سجلتها صفحات التاريخ منعطفا خطير الدلاله أن هذا ليس فى صالح الوطن الغالى ، وأننا جميعا راحلون عن هذه الحياه وليس عن مبنى البرلمان فقط ، لكن ستظل صفحات التاريخ تعظم شأن من قال منبها وأتمنى أن أكون منهم ، وتحقر من أراد تشويه مصر الحضاره ، والتاريخ ، والجمهوريه الجديده ، بتصدير أن إغتيال الصحافه أحد الآليات المقرره .