كتب- أحمد نورالدين:
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد في فعاليات الاجتماع التاسع عشر لأمانة مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في العاصمة الكازاخية نور سلطان والمنعقد في الفترة من 5 إلى 6 أكتوبر 2021.
وقال الأمين العام في كلمته التي ألقاها إن الحضارة الإسلامية التي انطلقت وتشكَّلت ركائزها وأسسها من الإسلام ومبادئه الكليَّة، قد مثَّلت أرقى حالات التسامح والتعايش الإيجابي بين الأمم والشعوب برغم اختلاف الحضارات والثقافات والأديان والأجناس، ولا نشك لحظة أنها لا تزال قادرة على تحقيق العيش المشترك بين الأسرة البشرية والأخوة الإنسانيَّة في كل زمان ومكان، فالدين الإسلامي في مُجمل أحكامه وتشريعاته دين وسطي يدعو إِلى التسامح والاحترام المتبادل بين الأديان بما يحقق الوحدة بين الجميع، ويزرع الحب والاحترام في قلوب الناس جميعًا.
أضاف عيّاد أن الإسلام قد أسس الحياة الجديدة في المجتمع بأسره، بإزالة الفوارق بين مختلف الطبقات والطوائف، وجعل مقياس التفاضل بين الناس العمل الصالح، وقوم الحياة الاقتصادية؛ فحرم جميع أشكال المعاملات الجائرة والظالمة، واهتم بالجوانب العقليَّة؛ فحثّ على إعمال العقل من خلال التفكر والتدبر في الآيات الكونية والإنسانية، ولم يقف عند هذا الحد، بل أولى اهتمامًا بالغًا بتنظيم الحياة الاجتماعية، وتقوية الترابط الاجتماعي والشعور بالانتماء، حتى تستقيم أحوال المجتمع وتنتظم.
أوضح الأمين العام أن الحضارة الإسلامية قامت على مبادئ عدة؛ تكفل حقوق الناس، وتحقق التوازن بين أبناء الإنسانية جميعًا، وأولها: مبدأ لا إكراه في الدين؛ حيث كفل الإسلام الحرية للآخرين، ولا سيما الحرية الدينيَّة المشروعة في الإسلام، ولم يقتصر الإسلام على رفض الإكراه في الدِّين فقط، بل أَمرنا باحترام معتقدات الآخرِين منعًا للفتنة وسدًّا للذَّريعة، كما صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم، ورعى حرمة شعائرهم.
أشار عيّاد إلى أن المبدأ الثاني يتمثل في ضرورة تحقيق التعايش السلمي؛ حيث إنه بالنظر إِلى أَول دستور وضع في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو “صحيفة المدينة”، نجد أنَّها قد تضمَّنت مبادئ تحقيق التَّعايش السلمي وأسسه بين جميع أفراد المجتمع، حيث نصت على أهمية تطبيق المواطنة وحقوق المواطنين وواجباتِهم، وأَمرت بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين الناس جميعًا دون النَّظر إلى جنس أو لون أو معتقد، كما أكَّدت على ضرورة تحالف الجميع للعمل من أجل الوطن والدفاع عنه والحفاظ على أمنه واستقراره.
كما أكد أن الحضارة الإسلاميَّة اهتمت اهتمامًا بالغًا بمبدأ العدل مع الجميع حتى مع المخالفين؛ حيث بنى الإسلام علاقة متوازنة بين المسلمين وغيرهم – من حيث الحقوق والواجبات – قائمة على التسامح والعدل، كما أقرت مبادئ السلام العالمي اللَّامحدود؛ فالسَّلام في ديننا الإسلامي، مفهوم لا محدود، جامع لمعاني السَّلام والسلامة، والصلح والاطمئنان، والمودة والبر، والقسط مع النفس والآخَر، وكل هذه المعاني يقف العالم اليوم متعطشا لواحدة من مفرداتها مُفَعَّلة على أرض الواقع.
مضيفا أن الحضارة الإسلامية رسّخت مبدأ المســاواة؛ حيث أكَّدت الشريعة الإسلامية على مساواة الناس جميعًا في نظر الله عز وجل، كما أكدت على وجوب المحافظة على الدماء والأموال والأعراض كمبدأ أساسي من مبادئها، وأرست مبدأ الوحدة الإنسانيَّة، وأقرت مبدأ التكافل الاجتماعي.
وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على أن الإسلام قدَّم الكثيرَ من الحلول لمواجهة الأزمات في المجالات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وأنه بالعودة إلى ما نادى به الإسلام نجد أنه لفت انتباه الكثير من المجتمعات إلى أهمية وضرورة تبني ثقافة التكافل الاجتماعي، وهو ما يمكن تحقيقه بتوعية الناس بأهمية التكافل للجميع وقد فطنت الدول إلى ذلك فدعت الناس للتكافل واحتواء غيرهم من الفقراء من أجل مواجهات الأزمات، وهو ما يدعونا جميعًا للاستفادة من ذلك والعمل على تفعيل دور مؤسسات الوقف والاهتمام بالمؤسسات الخيرية وتوسيع نطاق عملها وتشجيع الناس على المساهمة في دعمها.
فى سياق متصل تنطلق الجمعة المقبلة، القافلة الدعوية المشتركة بين مؤسسة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وأ.د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف.
وقال الدكتور نظير عيَّاد، الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية: إن تلك القافلة تنطلق إلى محافظة مدينة العبور لأداء خطبة الجمعة في المساجد الكبرى بالمدينة ولقاء المواطنين عقب أداء الصلاة، حيث تأتي في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وتضم ١٠ من علماء الأزهر والأوقاف، موضحا أن محاور حديث العلماء في القافلة تدور حول: فضل الشهادة، ومنزلة الشهيد، وفلسفة الحرب في الإسلام، مشيرًا إلى أنها تستهدف نشر المنهج الوسطي الذي يتبنَّاه الأزهر والأوقاف؛ لمحاربة الفكر المتطرف، وترسيخ القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي دعا إليها ديننا الحنيف.