بقلم: د. مصطفى النجار
بين الحقيقة والتضليل الاجتزاء أحد وسائل التضليل التى تمر على البسطاء، يعرض فيها المخادع اللئيم جزءً من الصورة، لقلب الحقيقة وتزييفها لحقدٍ وضغينةٍ فى نفسه، ذلك ما يقترفه المُضَلِلون فى الغرب بحق الإسلام العظيم، يتحدثون عن توريثه للذكر ضعف الأنثى لتصويره ظالماً للمرأة، متجاهلين بقية الآية نفسها، والتى وَرَّثَت الأنثى مثل الذكر فى الحالة التى تليها، فوَرَّثَت الأم مثل الأب السدس لكل منهما مما تركة الإبن إن كان له ولد، وهى هى الآية والحالة ذاتها وَرَّثَت الأنثى أكثر من الذكر، فوَرَّثَت بنت الإبن “الأنثى” النصف مما ترك، بينما وَرِثَ أبوه “الذكر”السدس، فدرجة القرابة، والعبء المالى على الوارث، وموقع الجيل الوارث “أبناء أم أباء” هى المعايير الثلاث التى تحدد الميراث، وليس للذكورة والأنوثة علاقة بذلك لامن قريب ولا من بعيد كما يدعى المبطلون. ” يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نسآء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس” (النساء–11)،
رأت أعين فلاسفة الغرب من المستشرقين وتابعيهم فى الشرق صدر الأية فقط، وعجزت أعينهم أن ترى البقية، ونعلم أن الرمد يعيق رؤية الإنسان للأشياء عامة، لكن أن تبصر شىء دون رؤية ما بجانبه، فذاك عمى القلوب دون الأبصار، فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور، ومرد ذالك العمى ومنبعة قلوب للحق كارهة، تخاصم الحقيقة ولا تعرف للإنصاف سبيلا، ترى الإسلام بمنظار كاذب أسود، ألبسوه لها منذ الطفولة، فأنى لها أن ترى أنوار شريعة الوحى وشرائعه، فلا تتورع رمى الإسلام بتهمة برىء منها برأة الذئب من دم بن يعقوب “ظلم المرأة والتحيز ضدها”.
تلك الجريمة التى جاء الإسلام ليقتلع جذورها وثمارها الخبيثة من الأرض، ليغرس للمرأة بدلا عنها شجرة وارفة الظلال، أثمرت تحريرها من الوأد طفلة، وتوقيرها أما، وإكرامها زوجة، وجعلت حسن تربية أبيها لها طريقا لجنان الآخرة، لم يرى أصحاب المنظار الأسود تلك الثمار اليانعة والزهور المشرقة، لكن رأو الاجتزاء لتضليل الجماهير ورمى الإسلام باطلا بكل نقيصة.
ولهم ولمن دعا بدعايتهم فى الشرق نقول، لن تستطيعوا إطفاء نور الشمس، ولا حجب ضوء القمر، ولاتدنيس طهر الندى، ولا تعكير قطرات المطر، لن تمنعوا عبير الوحى أن يفوح بأرضكم، ليلتقط أكابركم وعلمائكم ومثقفيكم ليرتقى بهم فى مُرتَقَى الإسلام المُزهِرُ الوَضِىء، مهما حاولتم التشنيع بالباطل وإلصاق النقائص والتهم، حاول سابقيكم وفشلوا، وستفشلون والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون.