عام جديد من الاحتفاء بـ”المتحررات من الأميةً”، هذا العنوان الهام الذي أطلقته المبادرة العربية للتمكين الإجتماعى والإقتصادى للمتحررات من الأمية و التي أطلقتها جمعية المرأة و المجتمع( 2015 : 2030 )مع شركاء من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في مصر.
يُعقد المنتدى السادس تحت عنوان ” تعليم الكبار و الأبعاد التنموية لتمكين المرأة ” بالتعاون مع الهيئة العامة لمحو الأمية بمركز التعليم المدني بالزمالك- القاهرة كذلك عبر منصة ZOOM يوم الإربعاء الموافق 22 سبتمبر 2021 الساعة 10 صباحاً.
و يشهد إطلاق الدراسة التحليلية عن دعم وتمكين المرأة ببرامج تعليم الكبار والتنمية المستدامة و تعتبر الدراسة الأولي من نوعها بمصر و المنطقة العربية .
و يعرض المنتدي الرؤية والتخطيط الإستراتيجي التشاركي للمبادرة خلال 10 سنوات القادمة و حتي 2030 والصادرة عن عقد 4 ورش للتخطيط الاستراتيجي التشاركي شارك بها 120 خبير مصري و عربي والتي استهدفت التخطيط مع كافه أصحاب المصلحه من القطاع الحكومي والمراكز الأكاديمية و الخبراء و المنظمات الأهلية و القطاع الخاص و الإعلاميين و المتحررات من الأمية .
نجحت المبادرة خلال الأعوام الماضية في كسب وتأييد شخصيات فنية وثقافية ورياضية واعلامية لها مصداقية لدى الرأى العام لدعم وتطوير قضايا تعليم الكبار من خلال رئاسة تلك الشخصيات للجان التحكيم وعضويتها لاختيار الفائزات من المتحررات من الأمية من استمارات الترشح التى تركز على قدرة المرشحات فى اجتياز مهارات القرائية وسعيها فى بناء المهارات الاجتماعية والحياتية وبرامج التوعية والمشاركة المجتمعية التى ساهمت فيها، كذلك الاهتمام بالمهارات التقنية التى حصلت عليها ومراحل التعليم التى اجتازتها حتى الحصول على الماجستير والدكتوراة كذلك طرح رؤية المتحررة فى القضايا العامة والخاصة بتحديد أولويات قضايا المرأة فى مصر والدول العربية وهنا نتحدث عن التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة.
وقد حرص القائمون على اختيار الفائزات هذا العام بمطالبتهن بكتابة بعض السطور بخط أيديهن يحكين فيها بطريقتهن على تجربتهن الخاصة، كيف كن وإلي أين وصلن ونوع التحديات وحجم الأحلام.
تم إختيار عدد 25 فائزة من اصل175 مرشحه من المتقدمات للفوز بالجائزة هذا العام مع التأكيد على أحقية كل من خاضت هذا التحدي ووصلت للتحرر إلى الاحتفاء من(24)قرية بمحافظات السويس و أسوان و المنيا و أسيوط و الجيزة و القليوبية و الإسكندرية و سوهاج و بني سويف منهم (6) حاصلات علي مؤهلات جامعية و(1) دراسات عليا و (10) تعليم متوسط وفوق المتوسط و (8) محو أمية ، و ذهبت الجائزة العربية الي متحررة من دولة فلسطين . تمنح الفائزات الجوائز من شركاء المبادرة من المجتمع المدني و القطاع الخاص بإمتلاك مشروعات متناهية الصغر أوالتمكين الإجتماعي لإستكمال مراحل التعليم بقيمة جوائز ( 119.000 جنية) .
وتبقى قصصهن جميعاً موحية تستحق التوقف أمامها بالتأمل والاستلهام، فقد “التمييز ضد الفتيات”، “الفقر”، “افتقاد الوعي” لعلها عناوين معروفة مسبقاً حول الأسباب التي تقف وراء حرمان أي إنسان من التعليم وبشكل خاص إن كان فتاة في مجتمع شرقي، ورغم المعرفة بتلك الأسباب جاء السرد ليكشف حجم المعاناة.
وجاءت “معارضة الأهل”، “التنمر”، “افتقاد الأوراق الثبوتية” باعتبارها أهم العوائق التي تم مواجهتها عند إتخاذ قرار “محو الأمية” وبدء مسار التعلم الذي لم ينتهي بأي منهن بعد، وبالطبع كما هناك يد تعيق، هناك دوماً يد تعين، فكانت مؤسسات رسمية وأهلية وأفراد استطاعت جهودهم في توفير البيئة المناسبة لهؤلاء المثابرات لخوض التجربة.
هناك من اضطرتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية إلى الإكتفاء بإنجاز المرحلة الإعدادية أو الحصول على شهادة تعليم فني متوسط وكثيرات ورغم ثقل التحديات استطعن المرور إلى أبواب الجامعات المصرية المختلفة بل وحصلت بعضهن على شهادة إتمام الدراسات العليا، ولا زال الطريق مستمر بهن جميعاً في محاولة خلق تجربة نجاح تليق بحجم التحدي الذي خاضته كل منهن.
تقول الفائزة “ش.ع من الجيزة ” كان أبي يخاف من تعليم الفتيات خوفاً من كلام الناس بسبب اعتيادها الخروج من البيت”، أن تخرج على طوعه أو انحرافها”،
أما “ج.ر من أسيوط ” الأم لأربعة أولاد فقد هجرها زوجها، تقول:” عشت مع والده وتحملت كثير من الإهانة والمشقة فى أشغال البيت الكبير لكن بنفس الوقت صممت على الذهاب للفصل والتعلم حتى أذاكر لأولادي ليكون لهم مستقبل مختلف”، حصلت على شهادتها الإعدادية وتعمل بالإكسسوارات وغيرها من المهارات الفنية التي تعلمتها خلال ترددها على المؤسسة الأهلية التي ساعدتها، وتحلم بالحصول على قرض لإقامة مشروع تجاري صغير خاص بها.
“ح.ك من المنيا ” متزوجة، حصلت على شهادة محو الأمية عام 2001 وعلى مدار 17 عام أكملت تعليمها حتى حصلت على “بكالورويوس تربية”، تقول: “شجعني زوجي، وقد شاركت في افتتاح فصل لمحو أمية غيري لكن حلمي أن أحصل على فرصة عمل في مجال دراستي”.
تحكي “ر.ع من أسيوط” ـ 40 سنة من قرية علوان اسيوط عن “ابلة سميحة”: “جاءت إلى البيت لتقنع أهلي بضرورة تعلمي، قالوا كبرت وليست لديها شهادة ميلاد”، فساعدتني كثيراً وأنا تحملت تنمر الجيران والأهل، حصلت على شهادة الدبلوم الفني وأعمل الآن كمساعد أمين مكتبة”.
“م .ن من المنيا ” تسببت فوضى الشهادات الثبوتية إلى سرقة 20 عام من عمرها فلم تتمكن من الالتحاق بالمدرسة لكنها في سن العشرين بدأت طريقها، تقول: “حصلت على شهادة محو الأمية لكن وفاة والدي ومرض أمي ومعارضة أخواتي أجبرتني على التوقف لفترة طويلة عن استكمال الطريق لكني عدت بعد سنوات وأكملت حتى حصلت على الإعدادية”، تزوجت ولا زالت تستكمل تعليمها. أما “ص.ع من المنيا ” المثابرة فلم يمنعها انفصال الوالدين مبكراً وإصابتها بمرض شلل الأطفال عن محاولة التعلم، حصلت على شهادة محو الأمية عام 2002 وفي عام 2019 توجت مسيرتها بالحصول على بكالوريوس تجارة، وما تتمناه الآن هو فرصة العمل الملائمة.
جميعهن مكافحات تمتلىء حياتهن بتفاصيل موجعة وملهمة و يستحققن تسليط الضوء عليهن والاستماع إليهن وأن يستمع لهن أخريات لاستئناف نفس الطريق، وهذا ما نتمناه و تستهدف المبادرة هذا العام العمل علي توثيق 100 قصة لكفاح المتحررات للوصول إلى التعليم كمرحله أولى.
جميع الحقوق محفوظة | جريدة صوت الشعب الإلكترونية 2020