مسقط، خاص:
تُعدُّ الدبلوماسية القائمة على التعاون الاقتصادي من أهمِّ مرتكزات العمل الدبلوماسي في البلاد، فالسلطنة تمتلك علاقات دبلوماسية راسخة ومتينة مع محيطها الجغرافي ودول العالم كافَّة، حيث حرصت منذ عقود على وضع أسس لسياساتها الخارجية تقوم على الحياد الإيجابي وعدم التدخُّل في شؤون الغير، ومد أواصر التعاون في جميع المجالات، وعلى رأسها المجالات التنموية، واستطاعت من خلال تلك السياسة إقامة علاقات قويَّة متينة هدفها المصالح المتبادلة التي تسهم في تحقيق الرفاهية للإنسان. فالنُّمو المستدام والاقتصاد القائم على مصادر متنوِّعة من الدخل، وإقامة مناخ جاذب للاستثمارات هو أحد الأهداف الرئيسية في العلاقات الخارجية العمانية؛ وذلك عبر الاستفادة من علاقاتها المتميِّزة مع دول العالم وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعدِّدة الأطراف.
وبالرغم من الجهود الدبلوماسية العمانية في التقريب بين وجهات النظر، والعمل على التعاون البنَّاء في كُلِّ المجالات، إلَّا أنَّها تضع على رأس أولوياتها توظيف الدبلوماسية لخدمة التنمية الشاملة والمستدامة، والاستفادة القصوى من الموقع الاستراتيجي المتميِّز الذي يُؤهِّلها لتكون بوابة للاستثمارات الأجنبية في المنطقة، خصوصًا مع ميزة الأمن والاستقرار التي تحظى بها السلطنة بفضل سياساتها الخارجية الحكيمة، التي تعمل على خدمة الاقتصاد الوطني وتحفيزه، وتعزيز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال، والتعريف بالحوافز والتسهيلات المقدَّمة للمستثمرين والمناطق الاقتصادية والصناعية المؤهلة، واستعراض المقوِّمات الاقتصادية في القطاعات كافَّة ذات الأولوية التي تسعى رؤية “عُمان 2040” إلى تنميتها، ما يُسهم في التنويع الاقتصادي المأمول.
ويأتي انعقاد مجلس رجال الأعمال العماني ـ المصري بالقاهرة ترسيخًا لمفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، حيث ناقش الاجتماع تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين وزيادة التبادل التجاري وفرص الشراكة بين رجال الأعمال العمانيين ونظرائهم المصريين والمعوِّقات التي تحول دون انسيابية الحركة التجارية بين البلدين، وتعزيز الجوانب الاقتصادية من خلال الاهتمام بعدد من القطاعات ذات العلاقة كالقطاعين الصحِّي والأمن الغذائي وقطاع التعليم وتقنية المعلومات والإلكترونيات والأثاث والتطوير العقاري؛ لما لها من أثر في تحقيق الأولويات الوطنية وتوجُهات الاستراتيجية حسب رؤية ٢٠40.
كما يأتي المنتدى الاستثماري العُماني ـ السعودي الذي نظَّمته وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بالتعاون مع جهاز الاستثمار العُماني والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وغرفة تجارة وصناعة عُمان، تجسيدًا للرؤية العمانية في الاستفادة من العلاقات الدبلوماسية في ترسيخ التعاون الاقتصادي، حيث ناقش المنتدى أوجه التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والاستثمارية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية، والوصول إلى اتفاقيات وشراكات استراتيجية بين الشركات العُمانية والسعودية.
إنَّ المقوِّمات التنافسية الجاذبة، والبيئة الاستثمارية المُحفِّزة، والمشاريع الواعدة للبلاد، هي عوامل تؤكِّد أنَّ الفرصة مواتية أمام رجال الأعمال والمستثمرين من المملكة العربية السعودية لبدء استثماراتهم في السلطنة، والدخول في شراكات مع نظرائهم العُمانيين، وهذا ما أكَّده عدد من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين الذين قالوا إن السلطنة تُعدُّ وجهة استثمارية واعدة في عدَّة قطاعات، منها السياحي والثروة السمكية والقطاع النفطي والقطاع الصناعي، وتمتلك فرصًا استثمارية كثيرة مهمَّة، سواء في قطاع النفط والغاز أو في استثمارات الطاقة النظيفة وغيرها من القطاعات.
تصريحات الوفد السعودي جاءت بعد اطلاعه عن قرب على إمكانات الاستثمار في السلطنة المتاحة بالمدن الصناعية والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وعلى تطوُّر الصناعة في السلطنة، وفرص الاستثمار في هذا المجال الحيوي، حيث تكللت تلك الزيارة بالشروع في القيام بدراسة لإنشاء شركة مشتركة بين رجال الأعمال العمانيين ونظرائهم السعوديين تحت مُسمَّى “الشركة الخليجية” والمتخصِّصة في مجال البتروكيماويات والكيماويات.
جميع الحقوق محفوظة | جريدة صوت الشعب الإلكترونية 2020