متابعة – عبد العزيز اغراز
تناول الدكتور منير القادري موضوع حسن الجوار والآثار المترتبة عليه سواء داخل المجتمع أو على صعيد العلاقات الدولية، كما تطرق في ذات السياق إلى الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد، وما تضمنه من دعوة صادقة إلى التعاون و حسن الجوار مع الاشقاء في الجزائر، وتجديد الدعوة إلى إخراج العلاقات بين البلدين من وضع الأزمة والعودة بها إلى الوضع الطبيعي.
جاء ذلك خلال مداخلته مساء السبت السابع من الشهر الجاري، في الليلة الرقمية الخامسة والستين ضمن فعاليات ليالي الوصال الرقمية التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال.
أكد القادري في مستهلها أن حقّ الجار على جاره مؤكد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأن الإسلام أمر بحسن الجوار ولو مع الكفار، مبرزا حقوق الجار التي تدور في الجملة على ثلاثة حقوق كبرى هي: الإحسان إليه، وكف الأذى عنه، واحتمال الأذى منه.
وأبرز الآثار الإيجابية لحسن الجوار سواء داخل المجتمع الواحد أو في العلاقة بين المجتمعات، مؤكدا أن هذه الأخيرة لو احترمت حقوق الجوار في علاقاتها لظلَّلَتها السعادةُ، وعاشت كأنها أسرة واحدة، لتنصرف إلى الإصلاح والبناء والسعي نحو الرُّقي والتقدم، وبين أن هذا البعد الإنساني في العلاقات بين المجتمعات حاضر في الدين الإسلامي الذي يحرص على تحقيق رُوح المودة و اللين بين العالمين.
ونوه إلى أن التصوف- مقام الإحسان لما له من رصيد تربوي، أسهم تاريخيا ولايزال في تشكيل الوجدان الديني المغربي، والسلوك الاجتماعي الوطني، وتمتين الروابط الروحية بين جميع المكونات الثقافية والاجتماعية والقَبَلِيَّةِ للمجتمع المغربي تحت لواء المحبة، موردا في هذا الصدد مقتطفا من نص الرسالة السامية التي وجهها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى المشاركين في الاجتماع العام للطريقة التجانية بمدينة فاس يوم الأربعاء27/06/2007 .
وأشار رئيس مؤسسة الملتقى إلى أنه في سياق دولي متأزم صارت معظم الدول في حاجة ماسة اليوم إلى تحسين مستوى التفاهم والقبول المتبادل فيما بينها، وذلك من خلال إقامة قنوات للتواصل والحوار بين الشعوب والمجتمعات، بغية تعزيز فعالية المبادرات ورفع التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية، من قبيل الإرهاب والتغيرات المناخية والهجرة والفقر.
وفي ذات السياق اعتبر القادري أنه ليس عجبا أن يخصص جلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة عيد العرش المجيد 2021 ، قرابة نصف خطابه للجارة الجزائر، في سياق تطبعه شدة التوتر بين البلدين، وأن يكون خطاب جلالته تجديدا لمواقفه تجاه الجارة الشرقية، بدعوتها مجددا للعمل سويا من أجل إخراج العلاقات بين البلدين من وضع الأزمة وفتح الحدود بينهما، مشيرا إلى أن مبادرة جلالته تدخل في حقل حسن الجوار والتعاون بين الشعوب وتعزيز فرص التنمية المشتركة، وفق قاعدة دبلوماسية مغربية رصينة تروم حرص المغرب على “مواصلة جهوده الصادقة، من أجل توطيد الأمن والاستقرار، في محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي”، مؤكدا أن هذه القاعدة جلبت له التقدير والاحترام على المستوى الإقليمي و العالمي.
وأضاف أن جلالته أعلن تجديد “الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار”، و أن الوضع الحالي لا يرضي جلالته شخصيا، وأنه ليس في مصلحة الشعبين، وغير مقبول دوليا، وزاد أن جلالته أكد بوضوح قناعته بأن “الحدود المفتوحة، هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين”.
وعبر القادري عن أمله في أن يلتقط الأشقاء في الجزائر الرسائل الإيجابية والصادقة للخطاب الملكي السامي، ويستوعبوا أهمية مبادرة جلالته، ويبادروا إلى إنهاء وضع غير طبيعي يضر بمصالح البلدين الجارين والشعبين الشقيقين، والذين عبر عنهما جلالته بخطاب بليغ: “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.
واختتم مدير المركز الاورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم مداخلته بالتأكيد على أن حسن الجوار يدخل في إطار التعاون بين الدول، ويدخل في إطار الدبلوماسية الفاعلة وتقريب الحضارات والثقافات والقيم الإنسانية الرفيعة مما يعود بالخير والازدهار على البلاد و العباد.