في هذه الأيام يستعد المسلمون لشراء الأضاحي، امتثالا لخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فما هي الأضحية وما آدابها وشروطها؟
الأضحية نوع هدية وقربان يتودد بها المضحي إلى الرحمن فانظر أيها المضحي قدر المهدَى إليه، وقدِّم له الأطيبَ الأنضرَ، ولا يغيب عن ذهنك قوله تعالى: ( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: 37).
كم يلحقك من الخجل أخي القارئ الكريم لو قدمت لصديقك أو زميلك أو صهرك شيئًا معيبًا؟! فما بالك بما تقدمه لله؟! وبالتالي فلا أقل من أن تختار لربك،
كما اخترت لصاحبك وصديقك وصهرك. فاتق الله فيها، حتى لا تكون وسيلة طرد ومقت، بدلًا من أن تكون وسيلة حب وتقرب إلى الجليل جل وعلا..!!.
وهكذا يجب أن نتحرى الدقة في أضاحينا، ونختار أفضلها وأجودها؛ فالذكر فيها أفضل من الأنثى، وأفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثم العفراء، ثم الحمراء، ثم السوداء. مع الأخذ في الإعتبار أنه لا تُجزئ عوراءٌ بَيِّنٌ عَوَرُها، ولا عرجاء بَيِّنٌ عرجُها، ولا مريضةٌ لا شحم لها، ولا مقطوعة الأذن أو مكسورة القرن.
ومن العجب أن تجد مَن يُضَحِّي بمقطوعة الأذن أو العمياء أو العرجاء أو العوراء، فهؤلاء لم تنعقد لهم أضحية.
كذلك الذين اشتروا لحمًا من الجزار، أو ذبحوا ما لم يرد نص بإجزائه، أو الذين ذبحوا قبل وقت الوجوب، وهكذا يجب أن نلتزم شروط القربان.
وعن آدابها فيسن لمن أراد أن يضحي ألا يقلِّم أظافره ولا يقصَّ شيئا من شعره حتى يضحِّي. قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم” : ” إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ” ” أخرجه مسلم في صحيحه”.
ويُسن أن تذبح الأضحية بنفسك إن كنت تُحسن الذبح وأنت تستقبل القبلة، ناويًا بها القرب إلى الله، وتحد شفرتك، وتُرِح ذبيحتك.
والغنم تضجع على شقها الأيسر بيسر، ولا تُرِيها المُدْيَة “أي السكين“.
وإذا كان مقام الإحسان من الغايات الكبرى التي يسعى المسلم لتحقيقها، فإن الله تعالى أراد أن يربينا ويدربنا من خلال الأضحية على أن يكون الإحسان منهج حياة..
فعَنْ أبي الأشعث، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أوْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ” صلى الله عليه وسلم ” قَالَ : ” إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحسان عَلَى كُلِّ شَىْءٍ ” وقال: ” وإذا ذَبَحْتُمْ فأحسنوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ” “أخرجه النسائي في سننه “.
ويستحب أن تقول : بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني وأهلي، كما تقبلته من إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم.
ويستحب وليس واجبا أن تقسم ثلاثًا: ثلث لبيتك، وثلث للصدقة، وثلث للهدايا.
ولا يجوز أن تكون أجرة ذبح الأضحية جزءا منها. والله تعالى أعلى وأعلم وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.